العلاقات الروسية الإيرانية، أخذت اتجاها متصاعدا منذ بدء الغزو الروسي الأوكراني، ووصلت إلى ذروتها خلال الصيف الماضي، عندما انخرطت طهران في تحالف عسكري مع روسيا وزودتها بمعدات وطائرات عسكرية.

هذه العلاقة المتصاعدة يبدو أنها ستُدخل إيران في نفق العداء مع الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، في ظل السياسة الدولية في عزل روسيا عن النظام الدولي، فهل يكون تطور العلاقات الثنائية سببا في توجه العالم لعزل طهران.

تطور العلاقات الروسية الإيرانية

معهد “واشنطن للشرق الأدنى“، حذّر من تطور العلاقات الروسية الإيرانية، والتي تجلت في الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، مشيرا إلى أن هذا التطور يقلق العديد من الدول حول العالم، وبشكل خاص إسرائيل.

المعهد أشار في تقرير نشره قبل أيام، إلى أن مسؤولَين في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، لاحظوا أن العلاقات العسكرية بين روسيا وإيران آخذة في التعمق، ففي 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، شرح مدير “وكالة المخابرات المركزية” الأميركية وليام بيرنز، الوضع في تصريحات إعلامية قائلا “ما بدأ يظهر هو على الأقل بدايات لنشوء شراكة دفاعية كاملة بين روسيا وإيران، مع قيام الإيرانيين بتزويد طائرات مسيّرة للروس، وبدء الروس بالتفكير في السبل التي يمكنهم من خلالها دعم الإيرانيين، تكنولوجيا أو تقنيا“.

التقرير نقل عن بيرنز قوله إن التطور في العلاقات بين موسكو وطهران، “يشكل تهديدا حقيقيا للدول المجاورة لإيران“، وذلك من خلال التقييم “الدقيق” لهذا التطور، كما أن اعتماد روسيا المفاجئ على إيران للحصول على مساعدات عسكرية إلى سداد دون إيران قريبا.

تحذيرات بيرنز كانت موجهة كذلك إلى إسرائيل، حيث أوضح أنه “على صانعي القرار الإسرائيليين أن يكونوا منتبهين ومستعدين“، لا سيما وأن روسيا ستكون قادرة على الرد بعد أساليب يمكنها من زيادة قدرات إيران العسكرية خلال الفترة القادمة.

الباحث في الشؤون الإيرانية الدكتور عمر عبد الستار، رأى أن تطور العلاقات بين روسيا وإيران، سيؤدي بالتأكيد إلى نشوء سياسة دولية لعزل إيران، فضلا عن الابتعاد شيئا فشيئا عن العودة للاتفاق النووي، إلا أنه أشار إلى أن ذلك يحتاج إلى توافق دولي لا سيما بين أميركا والدول الأوروبية، وكذلك بين دول منطقة الشرق الأوسط.

متطلبات عزل إيران

عبد الستار قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “زيادة العزلة على النظام الإيراني والنظام الروسي، تحتاج برأيي إلى توافق بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى رؤية واضحة لمواجهة حلف موسكو – طهران“.

أيضا هنالك الاتفاق الأميركي الأوروبي على سياسة موحدة لمواجهة الحلف الإيراني الروسي، برأي عبد الستار، فإن التوجه لدعم الانتفاضة في إيران، وإقرار عدم العودة للاتفاق النووي الإيراني، بدون تغيير حقيقي للنظام الإيراني، يمكن أن يكون شكل من أشكال مواجهة إيران.

حول ذلك أضاف، “يجب أن يتفق الغرب على سياسة بشأن إيران، كما اتفقوا على سياسة بشأن روسيا، أتوقع عقد مؤتمر دولي أميركي أوروبي، للاتفاق على عزل إيران مع عزل روسيا، كذلك يجب أن يشترك في هذه السياسة دول من الشرق الأوسط كإسرائيل والسعودية وربما تركيا، إلى غاية الآن لا توجد سياسة مشتركة واضحة لمواجهة المشروع الإيراني“.

وفق عبد الستار فإن استمرار العلاقة بين طهران وموسكو، يعني بشكل أو بآخر انتهاء الأمل بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، حيث أضاف “هنا كذلك، الأمر بحاجة لاتفاق دولي مشترك، لكنني أعتقد أن الاتفاق النووي معلّق حتى إشعار آخر الآن“.

بالعودة إلى ملف تطور العلاقات الروسية الإيرانية، فإنه خلال عمليات الغزو الروسي لأوكرانيا، زودت طهران القوات الروسية، بمئات الطائرات المسيّرة، ذلك في وقت تحدثت فيها تقارير عن نية إيران تزويد الجيش الروسي بصواريخ بالستية متطورة قصيرة المدى، ومساعدة روسيا على إنشاء خط إنتاج خاص بها من الطائرات الإيرانية بدون طيار.

اقرأ/ي أيضا: من إفريقيا إلى آسيا.. كيف تستقطب الصين الشباب لخدمة مشروعها التوسعي؟

موسكو تستخدم الطائرات المسيّرة التي حصلت عليها من إيران في حربها ضد الأوكرانيين ولضرب محطات توليد الكهرباء في البلاد.

مواجهة المشروع الإيراني

التقارير الواردة من مصادر أميركية تشير كذلك إلى أن مدربينَ إيرانيين من “الحرس الثوري” الإيراني، قد انتشروا في قاعدة في شبه جزيرة القرم لتعليم الكوادر الروسية كيفية تشغيل الأنظمة.

بالمقابل فإنه يمكن لروسيا تحسين قدرات العتاد العسكري الإيراني، من خلال توفير أنظمة دفاع جوي، والتي من شأنها تلبية طلب إيراني منذ زمن طويل. وقد رفضت روسيا مثل هذه التبادلات سابقا، لكن احتمالية موافقة روسيا على هذا الطلب قد ازداد الآن، بحسب ما ورد في تقرير “معهد واشنطن“.

هذه العلاقة المتطورة بين الجانبين، فرضت سياسة جديدة على الدول لمواجهة هذا الحلف، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، المنطقة الأكثر تعرضا للخطر الإيراني في المستقبل.

مع استبعاد فكرة العودة للاتفاق النووي الإيراني، على الأقل في المرحلة الراهنة، فإن خطر إيران يتصاعد على المنطقة، في ظل اقتراب طهران من حصولها على القنبلة النووية.

إلا أن العديد من الدول وعلى رأسها إسرائيل تعلنها صراحة، أنها لن تسمح لإيران بامتلاك القنبلة النووية، وستستخدم في سبيل ذلك كل الخيارات المتاحة، بما فيها خيار فتح حرب مباشرة ضد إيران وحلفائها في المنطقة.

إسرائيل تسعى مؤخرا لاستخدام كافة أوراقها من أجل منع إيران من امتلاك السلاح النووي، إن كان عَبر الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي وإنشاء تحالفات إقليمية ودولية لمواجهة طهران، أو عَبر الخيارات العسكرية والعمليات النوعية، التي تستهدف المواقع والشحنات الإيرانية في المنطقة.

من جانبها تسعى واشنطن إلى إحداث جبهة “شرق أوسطية” موحدة للعمل ضد المشروع الإيراني، ومن المحتمل أن يُعقد اجتماع برعاية الولايات المتحدة الأميركية يجمع إسرائيل بالعديد من الدول العربية، وذلك خلال الأشهر الأولى من العام الجاري 2023.

الاجتماع سيضم بحسب ما نقلت صحف عديدة، دولا عربية لديها علاقات مع إسرائيل، وفي مقدمتها مصر والأردن“، ومن غير المؤكد حتى اللحظة فيما إذا كان منظّمو الاجتماع سيدعون السلطة الفلسطينية للحضور.

روسيا تواجه عقوبات اقتصادية بسبب عدوانها على أوكرانيا، وهي حرب لا تسير على ما يرام بالنسبة لموسكو، كذلك يخضع النظام الإيراني أيضا للعقوبات بسبب برنامجه النووي وسجله في مجال حقوق الإنسان، ويواجه موجة استياء هائلة في الداخل.

لذلك فإن كلا من روسيا وإيران انضموا بتشكيل هذا الحلف إلى نادي الدول الاستبدادية، إلى جانب الصين وكوريا الشمالي في مواجهة الحلف الغربي.

بالنظر إلى ما سبق، يبدو أننا على أعتاب توجيه الجهود الدولية لمواجهة الحلف الروسي الإيراني، لا سيما على مستوى منطقة الشرق الأوسط، التي هي بحاجة لوجود سياسة مشتركة لمواجهة المشروع الإيراني أكثر من أي وقت مضى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.