مع استمرار إيران في برنامجها النووي، ووفاة جميع محاولات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، لمنع طهران من الوصول إلى القنبلة النووية، تتصاعد المخاوف من احتمالية اندلاع حرب في المنطقة، ستكون آثارها على مختلف الدول.

الدول الخليجية في طليعة الدول التي تخشى تحول المنطقة إلى حرب ضد إيران، ما قد يعرّض مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية للخطر، فما هو تأثير الحرب بين إسرائيل وإيران على دول الخليج العربي.

تحذيرات من الحرب

رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، حذّر من عمل عسكري وشيك يهدد أمن دول الخليج، داعيا الجميع للانتباه والعمل لنزع فتيل المواجهة المقبلة.

بن جاسم أشار في منشورات عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إلى أن “منطقة الخليج مقبِلة على تحديات أمنية صعبة على ضوء تعثر مفاوضات ملف إيران النووي، وما ينجر عن الأزمة من تحديات بعد دخول إسرائيل على خط المواجهة مع طهران”.

وزير الخارجية القطري السابق اعتبر أن تعثر المفاوضات النووية، وظهور حكومة إسرائيلية “متشددة”، يجعل الوضع في منطقة الخليج “محفوفا بالمخاطر ويستدعي من الجميع الانتباه الدائم تحسباً لأي احتمالات، فالغرب بقيادة الولايات المتحدة لم يتوصل حتى الآن إلى اتفاق يُعيد الاتفاق النووي مع إيران إلى الحياة”.

الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار، لم يستبعد حدوث تصعيد جديد لإسرائيل ضد إيران، لكنه سيكون تصعيدا محدودا لا يشمل حرب مفتوحة، مشيرا إلى أن هناك تأثيرات عديدة على دول الخليج في حال اندلاع الحرب.

قد يهمك: الجغرافيا الاجتماعية والسياسية للاحتجاجات التونسية.. إلى أين تتجه الأوضاع؟

عبد الستار قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “من الممكن أن يكون هناك عمل عسكري إسرائيلي وشيك ضد إيران خلال الفترة المقبلة، وسيكون ربما ضد مواقع إيران النووية، وبمشاركة ربما تحالف دولي لهذا الغرض بقيادة الولايات المتحدة الأميركية”.

الرئيس الأميركي جو بايدن، أعلنها في وقت سابق أن الاتفاق النووي مات، ذلك في إشارة بحسب عبد الستار، ليس فقط لعدم العودة له، بل حتى إلى إعلان كرت أخضر لضرب النووي الإيراني.

ملامح الخطر

إن أبرز المخاطر على دول الخليج من الحرب بين إسرائيل وإيران، تتعلق بالملف الاقتصادي، وتحديدا احتمالية أن تُقدم إيران على إغلاق مضيق “هرمز”، ما قد يؤثر بشكل كبير على صادرات النفط الخليجية.

غير أن عبد الستار أوضح أن إيران لن تجرؤ على القيام بذلك، ولا حتى على الدخول في حرب مباشرة مع خصومها في المنطقة، وذلك لأنها غير مستعدة عسكريا لمثل هذا الحدث، فهي حتى الآن لم تحصل على منظومات الدفاع الجوي الروسي، “لذلك فقد يكون العمل قريب لضرب أي تعاون عسكري بين طهران وموسكو”.

من جانبه رأى المختص في الشؤون الإيرانية إسلام المنسي، أن تأثير الحرب على دول الخليج يدخل تحديدا ضمن ملف التجارة الدولية وتصدير النفط، مستبعدا في الوقت ذاته حدوث هذه الحرب في المرحلة الراهنة، كون جميع الأطراف غير مستعدة لمثل هذا السيناريو.

المنسي قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “أعتقد أن هذا التصعيد الإسرائيلي الذي تهدد به تل أبيب منذ سنوات طويلة، ليس بوارد أن يحدث بوقت قريب وإذا حدث ربما لا يكون على شكل حرب تقليدية، بل ربما سيكون على شكل استهدافات محدودة لأماكن بعينها وهذا ما تفعله إسرائيل بشكل مصغّر منذ سنوات”.

بالعودة إلى تحذيرات رئيس الوزراء السابق في قطر، فقد شدد بن جاسم على أن “إسرائيل تدفع بقوة للحصول على بعض المعدات والأسلحة التي تمكّنها من قصف الأهداف الإيرانية التي تعتبر أنها تشكل خطرا كبيرا عليها”.

كذلك وصف الموقف الأميركي بـ”المتردد”، حيال تزويد القوات الإسرائيلية بالأسلحة، معتبرا أن عدم توصل الأطراف إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، ووصول أسلحة من أميركا إلى إسرائيل، قد يفضي إلى عمل عسكري، يهدد أمن واستقرار المنطقة، وستكون له عواقب اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة.

بن جاسم دعا دول الخليج، إلى التواصل مع الولايات المتحدة والغرب عبر كل القنوات الممكنة، لتوضيح خطورة أي تصعيد عسكري وضرورة معالجة المشاكل القائمة معالجة سلمية، لافتا إلى أن دول الخليج ستكون أول الخاسرين في حال تصعيد الأمور نحو عمل عسكري.

وقف مشروع إيران؟

منذ تعثر الاتفاق النووي، يتصاعد الخطر على منطقة الشرق الأوسط، في ظل حشد العديد من الدول الإقليمية وعلى رأسها إسرائيل، لاستخدام  كافة الأدوات المتاحة من أجل منع حصول إيران على القنبلة النووية.

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، خرج عدة مرات ملوّحا باستخدام الخيار العسكري لمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، وذلك كان يحصل بالتوازي مع القصف الصاروخي والجوي المستمر لمواقع إيران وشحنات الأسلحة التي تحاول نقلها عبر سوريا ولبنان منذ سنوات.

إسرائيل تعتبر أو تصدر نفسها على أنها العدو والمواجه الأبرز لإيران في العالم، وهي تعارض أي اتفاق لا يضمن حرمان إيران من أي نوع من القدرات النووية، حتى السلمية منها لأغراض الطاقة، كما رفضت سابقا أي مسودات للاتفاق لا تحقق ذلك.

من جهة أخرى تسعى الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن تكون وسيطا لتطوير العلاقات العربية الإسرائيلية، في ظل تقاطع المصالح الثنائية، فيما يتعلق بالملف الإيراني، فعززت تل أبيب علاقاتها مع دول المنطقة، في إطار ما بات يُعرف بـ“الاتفاقيات الإبراهيمية“، التي سمحت بوجود علاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية أبرزها المغرب والإمارات العربية المتحدة.

واشنطن تسعى لتنظيم اجتماع خلال الربع الأول من العام الجاري سيضم الاجتماع دولا عربية لديها علاقات مع إسرائيل، وفي مقدمتها مصر والمغرب، ومن غير المؤكد حتى اللحظة فيما إذا كان منظمو الاجتماع سيدعون السلطة الفلسطينية للحضور.

الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، يكمن في إحداث جبهة عربية موحّدة، ممكن أن تؤدي إلى تعاون مع إسرائيل على الصعيد العسكري ضد المشروع الإيراني في الشرق الأوسط.

بحسب المعلومات المتوفرة، فإن الدول العربية التي ستحضر هذا الاجتماع، هي الدول التي شاركت في “قمة النقب” في آذار/مارس الماضي، وهي القمة التي تضمنت اجتماعا عُقد في إسرائيل بحضور وزراء خارجية الإمارات، والمغرب، والولايات المتحدة، وإسرائيل، ومصر، والبحرين.

بالنظر إلى الخطر على دول الخليج من الحرب ضد إيران، فبالتأكيد الخطر ربما يبدو أعظم في حال استمرار إيران في برنامجها النووي، لذلك يرى محللون أن دول الخليج يتوجب عليها العمل فيما بينها للحدّ من خطورة إيران قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة