الاتحاد الأوروبي، وسّع الاثنين الفائت نطاق العقوبات على إيران بسبب قمعها للاحتجاجات المناهضة للنظام، فيما أغلق مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الباب أمام إمكانية إدراج “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية دون قرار قضائي في مؤشر على استمرار الجدال بين الدول الأعضاء في الكتلة الأوروبية.

“البرلمان الأوروبي”، كان قد دعا الخميس الماضي، الاتحاد إلى القيام بالمزيد وإدراج “الحرس الثوري” على قائمة الكيانات الإرهابية، واتهمه بأنه مسؤول عن قمع الاحتجاجات داخل إيران، التي دخلت شهرها الرابع، وعن تزويد روسيا بطائرات مسيرة تستخدمها في أوكرانيا.

العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطهران، تدهورت بسبب الجمود الذي أصاب جهود إحياء المحادثات النووية، وتدخلها في الحرب الأوكرانية المتمثل بتزويد روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ، وتفاقم التدهور بعدما اعتقلت السلطات في طهران عدداً من المواطنين الأوروبيين. وزاد التكتل كذلك من انتقاداته لقمع طهران العنيف والمستمر للاحتجاجات داخل البلاد وتضمنت تنفيذ أحكام بالإعدام.

مزيد من العقوبات في الوقت الذي يُغلق فيه الباب أمام تصنيف “الحرس الثوري” على لوائح الإرهاب يطرح تساؤلا؛ هل فعلا يحتاج تصنيف “الحرس الثوري” الإيراني لقرار قضائي من محكمة الأوروبية أم لا، وما آثار هذا التصنيف من عدمه.

ضغوط على إيران

“البرلمان الأوروبي”، دعا الخميس الماضي، الاتحاد إلى القيام بالمزيد وإدراج “الحرس الثوري” على قائمة الكيانات الإرهابية، واتهمه بأنه مسؤول عن قمع الاحتجاجات داخل إيران، التي دخلت شهرها الرابع، وعن تزويد روسيا بطائرات مسيّرة تستخدمها في أوكرانيا.

الحرس الثوري الإيراني

وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، كررت مطالبة الاتحاد الأوروبي بوضع “الحرس الثوري” على قائمة الإرهاب. وقالت قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، “ما زلنا نرى في إيران نظاما وحشيا ضد شعبه. إن النظام الإيراني والحرس الثوري يرهبان شعبهما يوما بعد يوم”.

بيربوك بينّت أن برلين ترحب بجهود يبذلها قادة الاتحاد الأوروبي لإدراج “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية، لكن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قال إنه لا يمكن للتكتل إدراج “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية إلا بعد صدور قرار من محكمة في الاتحاد يفيد بذلك.

بوريل أوضح في تصريحات صحفية على هامش الاجتماع في بروكسل، أنه ينبغي لمحكمة في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي أن تصدر إدانة قانونية ملموسة قبل أن يمكن للتكتل نفسه التحرك في هذا الشأن.

إلى ذلك فإن موقف بوريل مع رئيسة “المفوضية الأوروبية”، أورسولا فون دير لاين، التي أعلنت عن تأييدها لإدراج “الحرس الثوري” على قائمة الإرهاب، مشيرة إلى أنه طلب العديد من الوزراء في الكتلة الأوروبية.

الصحفي منير حامد، رئيس تحرير صحيفة “نبض الوطن”، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الاتحاد الأوروبي لو أراد أن يضع “الحرس الثوري” على قوائم الإرهاب لكان وضعه دون الرجوع للمحاكم الأوروبية، وللاتحاد أعمال سابقة مماثلة، أما موضوع المحكمة فهي ذريعة من رئاسة الاتحاد الأوروبي للضغط على طهران دون الحاجة لتصنيف “الحرس الثوري” الإيراني على أنه كيان إرهابي.

قد يهمك:مصارف عراقية تحت طائلة العقوبات الأميركية.. ما علاقة “الحرس الثوري“؟

حامد لفت إلى أن القرار الناشئ عن أي محكمة أوروبية بتصنيف “الحرس الثوري” الإيراني على قوائم الإرهاب لا يمنح الاتحاد أن يتبنى هذا التصنيف بشكل فوري فبحسب أنظمة المحاكم الأوروبية يمكن لإيران الطعن بهذا القرار وهذا قد يأخذ وقتا طويلا، أي أن المحكمة ذريعة لعدم إدراج “الحرس الثوري” في هذا التصنيف.

ما مدى تأثير العقوبات على إيران؟

السويد التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أعلنت أن وزراء خارجية دول التكتل أقروا “حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف من يقودون القمع” خلال اجتماع يوم الاثنين الفائت في بروكسل.

توبياس بيلستورم، وزير خارجية السويد، قال في تغريدة على تويتر من بعثة السويد الدبلوماسية لدى الاتحاد الأوروبي، “يدين الاتحاد الأوروبي بقوة الاستخدام الوحشي وغير المتناسب للقوة من جانب السلطات الإيرانية في مواجهة المتظاهرين السلميين”.

من جهته، قال وزير الخارجية النمساوي، أليكسندر شانلينبرج، إنه سيستهدف 37 فردا ومنظمة إيرانية الآن في الحزمة الرابعة من العقوبات بالاتحاد الأوروبي منذ بدأت المظاهرات في أيلول/سبتمبر الماضي، وأفادت “رويترز” الأسبوع الماضي عن دبلوماسيين أوروبيين أن الإجراءات تتضمن حظر السفر إلى أوروبا وتجميد الأصول.

من الأشخاص والكيانات الذين تشملهم العقوبات الجديدة، 4 قياديين في “الحرس الثوري” الإيراني، و12 وحدة عسكرية فيه، وتشمل العقوبات مرتضى نيل فروشان، نائب قائد غرفة عمليات “الحرس الثوري”، ومسلم معين رئيس المركز السيبراني التابع لميليشيا “الباسيج”، ومحمد كرمي قائد فيلق “القدس” المسؤولة عن أمن محافظتي بلوشستان وكرمان في جنوب شرقي البلاد.

أيضا ضمت القائمة أربعة نواب على رأسهم عضو لجنة “الأمن القومي” محمد إسماعيل كوثري وهو جنرال في “الحرس الثوري”، وثلاثة نواب متشددين هم مصطفى ميرسليم محمد، وتقي نقد علي، وموسى غضنفر آبادي، إضافة إلى وزير الرياضة والشباب سيد حميد سجادي بسبب الضغوط التي مارسها على الرياضيين، وعلى مديرين في الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين.

في هذا السياق، يرى حامد أن إيران لا تهتم إلى حدّ كبير بهذا النوع من العقوبات التي يتم فرضها على الكيانات والأفراد، لأنها لا تؤثر في الدولة والنظام الإيراني بشكل مباشر، مضيفا أنه لا يمكن اعتبار أي عقوبات على إيران عقوبات حقيقية طالما أن الحدود والأجواء مع العراق مفتوحة للإيرانيين، فإيران تسيطر حتى على أموال العراق التي يتم نقلها جوا إلى إيران للاستفادة منها والتخفيف من العقوبات المفروضة عليها.

حامد يعتقد أن أي عقوبات لكي تكون ذات تأثير على إيران لا بد أن تكون عقوبات شاملة وتستهدف الطاقة بالدرجة الأولى، و”الحرس الثوري” بدرجة ثانية، وما عدا ذلك هي عقوبات تأثيرها محدود يتم استغلالها للتفاوض مع إيران لتقدم بعض التنازلات للاتحاد الأوروبي.

آثار عدم تصنيف “الحرس الثوري” ككيان إرهابي

وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، كرر انتقاداته للخطوة الأوروبية المطالبة بإدراج “الحرس الثوري” على قوائم الإرهاب، وفي البداية ألقى باللوم على الاحتجاجات التي وصفها بأعمال الشغب، والمحرضين على أعمال الشغب، وأضاف في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية، “لقد حذرنا بوريل والمسؤولين الأوروبيين عبر سفرائنا أن إدراج الحرس الثوري (…) سيقابله رد قوي ومؤثر ومتماثل من إيران”.

وزير الخارجية الإيراني

أيضا عشية الإعلان عن الحزمة الجديدة من العقوبات الأوروبية، هدد كبار المسؤولين الإيرانيين باتخاذ إجراءات مضادة إذا مضى الأوروبيون قُدماً في وضع “الحرس الثوري” على قائمة المنظمات الإرهابية، وقال مسؤولون ونواب في البرلمان إن تصنيف “الحرس الثوري” سيقابله تصنيف الجيوش الأوروبية على قائمة الإرهاب. وردا على احتمال انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، وتجميد التعاون مع مفتشي “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، قال عبداللهيان، إن “أي احتمال وارد”.

كما  هدد نواب في البرلمان وقادة في “الحرس الثوري” بعرقلة حركة السفن التجارية والعسكرية الأوروبية في مضيق “هرمز”، حيث قال نائب رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان، النائب محمد حسن أصفري، إن إغلاق مضيق “هرمز” على جدول أعمال البرلمان، مشددا على أن تقييد حركة السفن الأوروبية من الخيارات المطروحة على الطاولة.

بحسب حامد، فإن عدم إدراج “الحرس الثوري” الإيراني على قوائم الإرهاب الأوروبية سيزيد من عملياته الإرهابية ضد الشعب الإيراني وضد شعوب المنطقة، وقد لوحظ نشاط “الحرس الثوري” خلال السنوات التي تلت “الربيع العربي” حيث بدأ بتطبيق خطة تغيير ديموغرافي واسعة النطاق، خاصة في سوريا واليمن ولبنان التي استطاع جعل “حزب الله” هو من يسيطر على لبنان مع إقصاء بقية المكونات اللبنانية.

من جانب آخر، فإن وضع “الحرس الثوري” الإيراني على قوائم الإرهاب الأوروبية سيترتب عليه عدة نتائج أهمها، اعتبار الانتماء إليه وحضور اجتماعاته وحمل شعاره في الأماكن العامة، جريمة جنائية في الدول الغربية التي تقدم على الخطوة.

على الرغم من عدم وجود مكاتب تمثيلية لـ”الحرس الثوري” في الدول الأوروبية، إلا أن تصنيفه قد يسلط الضوء أكثر على الأشخاص المسؤولين عن إدارة المراكز التي تنشط في الغرب وتربطهم صلات مع السفارات الإيرانية ويشتبه بارتباطهم بـ”الحرس الثوري”؛ نظرا لنشاطه الدعائي والإعلامي المتزايد في خارج الحدود الإيرانية.

من الجدير بالذكر أن “الحرس الثوري” الإيراني تأسس عام 1979 عقب الثورة الإسلامية التي قام بها الخميني، لحماية النظام الجديد آنذاك، وليتمكن لاحقا من تأسيس نظام متكامل وموازٍ لنظام الدولة الإيرانية سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وتمتد أذرعه إلى العديد من الدول المجاورة، فيما لا الإجراءات الدولية تكاد تكون محدودة تجاهه في الوقت الذي تزداد فيه جرائمه تجاه الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.

إقرأ أيضا:“الحرس الثوري” يهاجم السعودية.. حرب من نوع جديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.