في الوقت الذي تنتشر فيه أنباء عن انتشار مرض تنفسي في كوريا الشمالية، لم تحدد السلطات تفاصيله، لكنها أعلنت عن فرض إغلاق كلي في العاصمة بيونغ يانغ، لمدة خمسة أيام، ما أثار الشكوك حول سبب تكتم السلطة عن نشر أية تفاصيل متعلقة بالمرض ومدى خطورته وانتشاره.

 سبق للبلد المعزول أن أعلن العام الماضي حالة طوارئ، بسبب انتشار فيروس “كورونا”، لكنه تكتم عن ذكر عدد المصابين في ظل نقص اللقاحات والإمدادات الطبية. السلطات الكورية الشمالية، أمرت بإغلاق العاصمة بشكل كامل، بحسب بيان صادر عن السفارة الروسية في كوريا الشمالية على الـ “فيسبوك”.

البيان دعا أيضا إلى “فترة خاصة لمكافحة الوباء” وحثّ الدبلوماسيين الأجانب على البقاء في الداخل، كما نص الإشعار على أنه يجب على الأفراد قياس درجة حرارتهم أربع مرات في اليوم، وإبلاغ النتائج يوميا إلى مستشفى في بيونغ يانغ. إذا كان الفرد يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، فيجب عليه إبلاغ المستشفى على الفور.

في حين أن الإشعار لا يذكر أي مرض معين، مثل “كوفيد -19″، إلا أنه يشير إلى أن المدينة شهدت ارتفاعا في عدد المرضى الذين يعانون من “الإنفلونزا المتكررة في الشتاء وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى”.

إجراءات احترازية

سكان بيونغ يانغ، بدأوا يخزّنون السلع على ما يبدو تحسبا لإجراءات أكثر صرامة. لكن ليس واضحا ما إذا كانت مناطق أخرى في كوريا الشمالية فرضت بالفعل إغلاقات جديدة، بحسب ما نقله موقع “إن كيه نيوز” ومقره سول، نقلا عن حكومة كوريا الجنوبية.

وسائل الإعلام الرسمية، واصلت تغطية إجراءات مكافحة الأمراض التنفسية، بما فيها “الإنفلونزا”، إلا أنها لم تشر بعد إلى أمر الإغلاق.

مدينة كايسونج القريبة من الحدود مع كوريا الجنوبية، كثّفت من الحملات الشعبية، “حتى يلتزم جميع العاملين بقواعد مكافحة الوباء طواعية في عملهم وحياتهم”، بحسب وكالة “الأنباء المركزية” الكورية.

قد يهمك: كوريا الشمالية ودورها في توريد الأسلحة للشرق الأوسط.. دوافع مالية أم سياسية؟

كوريا الشمالية كانت قد اعترفت بأول تفش لفيروس “كورونا” العام الماضي، لكنها أعلنت في آب/أغسطس من العام ذاته، انتصارها على الجائحة. لكن لم تؤكد بيونغ يانغ عدد المصابين بالفيروس حينها، لشح المستلزمات الخاصة بإجراء فحوصات على مستوى البلاد فيما يبدو، بحسب ما نقله موقع “سكاي نيوز عربية”.

لكنها أفصحت عدد مَن يعانون من ارتفاع في درجة الحرارة، والذي ارتفع إلى 4.77 ملايين شخص من بين سكانها البالغ عددهم نحو 25 مليونا.

وضع صحي متهالك

خبراء حذروا من وضع صحي خطير في البلاد في حال انتشار الوباء الجديد غير المحدد، إذ يُعد نظام الرعاية الصحية في كوريا الشمالية من الأسوأ في العالم.

هذا البلد الفقير لديه مستشفيات سيئة التجهيز وعدد قليل من وحدات العناية المركّزة، وليس لديه أي قدرة على إجراء فحص جماعي، بحسب ما نقله موقع “فرانس برس”.

وكالة الأنباء الكورية الجنوبية “يونهاب”، سبق أن نقلت عن مسؤول في وزارة التوحيد في سيول قوله “نظرا للبنية التحتية الطبية المتداعية في الشمال، يمكن أن ينتشر مرض معوي حاد في أي وقت”.

سيول عبّرت عن استعدادها لمساعدة كوريا الشمالية على معالجة انتشار الوباء الجديد، بحسب المصدر. رغم أنها كانت قد عرضت في وقت سابق، إرسال لقاحات ومساعدات لكوريا الشمالية في مواجهة وباء “كورونا”، إذ لم ترد بيونغ يانغ رسميا على هذه المقترحات.

اقتصاد منغلق

دولة كوريا الشمالية من أكثر الدول عزلة في العالم، بحسب حديث مدير “منتدى شرق المتوسط للدراسات” الباحث محمد حامد، لـ”الحل نت”، إذ من الطبيعي أن يتم إغلاق العاصمة وإغلاق الحدود وما إلى ذلك في حال أحست بالخطر، يعني هذا تصنيفها منذ أن نشأت بعد الحرب الكورية بين البلدين بين كوريا الجنوبية و الشمالية التي أدت إلى انفصال الكوريتين عام 1951 و1952 من القرن الماضي.

الاقتصاد الكوري الشمالي، يقوم على التعاون مع الصين. حتى فيروس “كورونا”، انتقل لها بسبب التنقل بين بكين وبيونغ يانغ”، وفق حامد.

اقرأ أيضا: الشريك الخفي.. لماذا تضاعفت صادرات الصين إلى كوريا الشمالية في عام 2022؟

الاقتصاد الكوري الشمالي قبل “كوفيد- 19” وبعده يعاني كثيرا، بحسب حامد، لأنه اقتصاد غير متنوع واقتصاد شيوعي شمولي منغلق، ليس به قطاع خاص وجميع قطاعاته حكومية، على حد وصفه.

 كوريا الشمالية دولة تبتز جيرانها للحصول على إغاثات ومعونات وما إلى ذلك، وفق حامد، مثلا تبتز اليابان وكوريا الجنوبية وما إلى ذلك، إضافة إلى الدعم الصيني المقدم لهذا النظام الشمولي.

هل يتأثر البرنامج النووي؟

 البرنامج النووي الكوري، من وجهة نظر حامد، مستمر كما هو، والتجارب النووية التي تجريها كوريا الشمالية، هي تجارب فاشلة بنسبة كبيرة، أكثر من تجربة فعلتها بيونغ يانغ لتخرج ببعض التسريبات المخابراتية، بأن هذه التجربة فشلت، بينما التجربة الأخرى نجحت، وأن هذا الصاروخ سقط في بحر اليابان، بعد أن اجتاز حدودها، واجتاز حدود كوريا الجنوبية، إذ إن كوريا الشمالية هي بالأساس دولة مُهددة لجيرانها، على حدّ وصفه.

من جهته يرى خبير قضايا “جيوبوليتيك” العالم المعاصر وليد الأيوبي خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن السلاح النووي في كوريا الشمالية لن يتأثر، وإن تأثر فهناك من سيلبي النداء، ويحمي المشروع ويوفر له مقومات البقاء، ويقصد الصين هنا، وفق تعبيره.

تأثير استمرار الحظر على الاقتصاد في كوريا الشمالية من وجهة نظر الأيوبي، سوف يكون كبير على النّخب الحاكمة، أكثر مما سيكون تأثيره على سائر قطاعات الشعب، فاقتصاد كوريا الشمالية اقتصاد زراعي بالمقام الأول، أي الشريحة الأوسع من السكان يعملون بالزراعة، بينما النخبة الحاكمة، تعيش حياة الرفاهية والترف على الطريقة الحديثة، ويعلل الأيوبي ذلك، بأن دولة كوريا الشمالية هي دولة تفاوتات اجتماعية وفقيرة جدا، وبأن ليس كل من امتلك سلاحا نوويا يعني ذلك أنه قد أصبح مستوف لشروط التطور والتقدم المطلوبة منه، على حد وصفه.

سبق أن ادعت كوريا الشمالية، أنها أجرت أكثر من عشر تجارب صاروخية محظورة، من بينها صاروخ باليستي عابر للقارات، وهو سلاح لم تختبره منذ أكثر من أربع سنوات.

يانغ مو جين، الأستاذ في “جامعة الدراسات” الكورية الشمالية، في تصريح له لوكالة “فرانس برس” يقول إن “كوريا الشمالية قد تعلق خططا لإجراء اختبار نووي للتركيز على مكافحة تفشي فيروس كورونا”.

مو جين يعتقد أن بيونغ يانغ “ستضاعف على الأرجح” عمليات الإغلاق، نظرا لأنها تدخل “فترة من عدم اليقين في إدارة التحديات المحلية والعزلة الدولية”.

على الرغم من ادعاءات كوريا الشمالية السابقة بأنها حققت “نجاحا باهرا” في إبعاد فيروس “كوفيد 19″، فقد كانت هناك علامات طوال فترة الوباء على احتمال وجود الفيروس في البلاد.

خبراء في مجال الصحة يرون بأن فشل كوريا الشمالية في السيطرة على انتشار أي وباء جديد، يمكن أن يكون له عواقب وخيمة عليها، بالنظر إلى نظام الرعاية الصحية الضعيف، وإلى عدد السكان البالغ نحو 26 مليونا، وهم غير محصنين إلى حد كبير، بعدما رفضت اللقاحات التي قدمتها “منظمة الصحة العالمية” لها في وقت سابق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.