منذ سنوات عديدة، وإيران تسعى بشكل حثيث لإظهار دعمها لفنزويلا، سواء عبر إرسال ناقلات نفطية أو تدريبات عسكرية لحماية السلطة هناك، التي كانت لطالما تتعرض للتهديد من حين لآخر تحت وقع الاحتجاجات الشعبية. لكن في الواقع، هدف طهران من كل هذا هو الاستثمار في الأزمة لتوسيع أنشطتها من خلال شبكاتها المتعددة.

بعض المراقبين يقولون إن التحرك الإيراني في دولة بأميركا اللاتينية ليس علامة على أن لديها أوراق ضغط على الولايات المتحدة في محيطها، لكنها في الغالب محاولة لإيجاد مخرج بعد تشديد العقوبات المالية والنفطية على إيران من خلال واشنطن وحلفائها. ويؤكد تقرير إسرائيلي حديث هذه الفرضية، حيث كشف التحقيق عن مسار سري تستخدمه طهران من خلال الالتفاف على العقوبات لتمويل “حزب الله” اللبناني الموالي لها.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذا النشاط من التهريب. ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي كشفت وثيقة سرّية من شركة “لويدز” للتأمين على الشحن عن الأعمال غير القانونية للنظام الإيراني من أجل تمويل “حزب الله” اللبناني عبر فنزويلا. كما قامت إيران بأنشطة مماثلة خلال السنوات الماضية، وتحديدا خلال فترة جائحة “كوفيد -19″، حيث لم تتوانَ في دعم فنزويلا بالموارد والمشتقات النفطية، مقابل أطنان من الذهب، وكلها بالطبع ذهبت إلى جيوب ميليشياتها في لبنان.

من هنا تبرز عدة تساؤلات حول كيفية تجنّب إيران للعقوبات والالتفاف عليها من خلال عمليات التهريب عبر فنزويلا، وآثار هذه العملية التي اعتادت طهران تنفيذها اقتصاديا وسياسيا، وما إذا كانت إيران قد تحايلت على العقوبات بطرق أخرى مماثلة تستخدم فيها العراق على سبيل المثال، أو الصين.

ضرورة التشديد الغربي على طهران

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أصدر أمرا بكشف المسار السّري الذي تتبعه إيران لتمويل “حزب الله” اللبناني بالالتفاف على منظومة العقوبات الدولية، ويدّعي فيه أن عشرات الكيلوغرامات من الذهب وصلت من فنزويلا إلى أوروبا وسوريا، وبيعت وذهب ثمنها إلى بيروت.

هذه الوثيقة التي صُدرت في تل أبيب يوم الأحد الماضي، جاءت فيها أن مسار الذهب المذكور كُشف بعملية مشتركة من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والطاقم الذي تأسس في وزارة الدفاع منذ سنة 2018 لمكافحة الإرهاب اقتصاديا، وبدعم من الشرطة الإسرائيلية ومصلحة الضرائب وسلطة مكافحة تبييض الأموال لتمويل الإرهاب، وفقا لصحيفة “جيروزاليم بوست“.

ضمن هذا السياق، يقول الكاتب والصحفي المتخصص بالشأن الإيراني، نزار جاف، إن مشكلة الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص هي أنهم ما زالوا يؤمنون بإمكانية إعادة تأهيل النظام الإيراني وإمكانية اندماجه مع المجتمع الدولي. ويتصورون أنه من خلال سياسة “العصا والجزرة”، يمكنهم في النهاية إجبار طهران على تقديم تنازلات وتغيير سياساتها أو جانبا محددا من نهجها.

في اعتقاد جاف الذي تحدث لموقع “الحل نت”، فإن الأسلوب الغربي الحالي في التعامل مع إيران هو امتداد لسياسة “الاحتواء المزدوج”، وهذا هو سبب العقوبات التي اتبعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون مع العراق في عهد الرئيس المخلوع الأسبق صدام حسين، والنظام الديني في إيران، لكن النظام الإيراني اعتاد على هذه العقوبات بل صار يتعايش معها، ومنذ اليوم الأول لفرض العقوبات عليه يستخدم أساليب مختلفة لخرقها.

العلاقة الخاصة مع فنزويلا هي نموذج لذلك. علما، وحسب المعلومات المتوفرة لدى الكاتب المتخصص بالشأن الإيراني، فإن إيران وفنزويلا طوّرتا برنامجا مشتركا لخرق العقوبات، وبموجب هذا البرنامج هناك أكثر من طرف مشارك فيه.

قد يهمك: استراتيجية واشنطن الجديدة.. هل تنجح في تحجيم “فاغنر” بإفريقيا؟

بالتالي، ونتيجة لذلك يجب على الولايات المتحدة تنفيذ استراتيجيات مختلفة من أجل ضمان عدم تمكّن إيران من تأسيس موطئ قدم ثابت في هذه المنطقة الحساسة من العالم. والحد من الأنشطة الإيرانية التحايلية تجاه العقوبات. فوفق الخبراء، يمكن استخدام العقوبات الاقتصادية والضغط. حيث يجب على واشنطن فرض عقوبات على المؤسسات والشركات المالية الإيرانية من أجل حرمانها من الوصول إلى الأموال التي قد تحتاجها للعمل في أميركا الجنوبية.

فضلا عن انخراط واشنطن بطريقة موازية في عزل إيران من خلال الضغط سياسيا على دول أميركا اللاتينية لعدم التعامل مع طهران وزيادة الحد من قدرة إيران على التأثير على أميركا الجنوبية. وبطبيعة الحال يجب تطبيق هذا التشديد على الدول الأخرى التي تتواجد فيها أذرع طهران.

هذا وكشفت الوثيقة الإسرائيلية عن تهريب عشرات الكيلوغرامات من الذهب من فنزويلا إلى إيران عبر رحلة لشركة “ماهان إير” الإيرانية إلى طهران، حيث تم بيع المعدن النفيس، وأُرسلت العائدات إلى “حزب الله” الذي تربطه علاقات وثيقة بالنظام الفنزويلي. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على شركة “ماهان إير” بسبب التعاون مع “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، والاشتباه في قيامها بأنشطة إرهابية.

التأثيرات الاقتصادية والسياسية

كذلك، نشرت الوثيقة أسماء عدد من الشخصيات المتورطة في عملية التهريب، في مقدمتهم رجل الأعمال الإيراني بدر الدين نعيمي موسوي، صاحب شركتي عقارات مسجلتين في بريطانيا هما “لوتوس يونيفرسال”، وشركة “التجارة الدولية”  المسجلة في دبي. وتعتبر الوثيقة الإسرائيلية موسوي عنصرا مركزيا في الجهود الإيرانية لجعل عدة دول في أميركا اللاتينية مصدرا لخرق العقوبات وتمويل الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط. وذكرت معه اسم حميد عبرنزاد، المدير العام لشركة الطيران الإيرانية “ماهان إير”.

أيضا نشرت أسماء مسؤولين كبار في “حزب الله”، بينهم علي قصير مندوب مكتب الشؤون الاقتصادية في طهران، ومحمد قصير رئيس دائرة الشؤون التقنية في “حزب الله”، المسماة “الوحدة 4400″، الذي يدير عملية نقل الأموال من إيران. وطبقا للوثيقة، فإن إيران تبيع النفط لفنزويلا للالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية والدولية، ويدفع الثمن بسبائك الذهب.

هذا ويقوم “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله” بإرسال الذهب بطريقة غير مشروعة من فنزويلا إلى إيران لتمويل أنشطة الميليشيات المدعومة من طهران في لبنان.

جاف من جهته يقول إن هذه العملية استفادت وتستفيد منها إيران اقتصاديا وسياسيا وعلى عدة مسارات. اقتصاديا لأنها تخفف من أثر العقوبات المفروضة عليها وأما سياسيا لأنها تمول أذرعها في المنطقة وخصوصا ميلشيا “حزب الله”، في وقت كان هناك رهان غربي على العقوبات الدولية، بأنها ستقلل من دعم إيران وتمويلها لأذرعها وميليشياتها، وهذا سيساعد على تقليص دور ونشاط هذه الجيوب الميليشياوية الإيرانية، وكذلك لدفع إيران إلى زاوية المساومة مع الغرب من أجل تحديد علاقتها وتعاونها مع هذه الأذرع، ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل. أي أن طهران استطاعت التّهرب عبر هذه الطرق الملتوية من ضغوط العقوبات.

كما أن إيران تتلقى سبائك الذهب عن طريق “الحرس الثوري” الإيراني، و”حزب الله”، مقابل المنتجات النفطية التي تمنحها لفنزويلا. وبعد وصولها إلى إيران، يتم تحويلها إلى أموال في تركيا، وربما دول أخرى في أوروبا الشرقية، وأيضا في سوريا، وتذهب الأموال التي تنتج من هذه الصفقة السوداء إلى “حزب الله” اللبناني. ويقدّر الإسرائيليون هذه الأموال بملايين الدولارات، تضاف إلى ملايين أخرى تصل بطرق أخرى.

خلال السنوات الماضية كان الإيرانيون يوفرون المواد اللازمة لإعادة تشغيل مصافي النفط المتداعية وإعادة المدربين العسكريين والطائرات دون طيار لمساعدة الحكومة الفنزويلية على إحكام سيطرتها على قواتها الأمنية ومواطنيها الذين تضاعف يأسهم. ووفقا لتقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، أرسل مسؤولون حكوميون في فنزويلا نحو 9 أطنان من الذهب، أي ما يعادل 500 مليون دولار، على متن طائرات متجهة إلى طهران في نيسان/أبريل 2020، كمقابل لمساعدتها في إحياء المصافي المعطلة.

في أيار/مايو من نفس العام، غادرت خمس ناقلات محمّلة بالبنزين الموانئ الإيرانية إلى فنزويلا. وفي حين تبدو هذه الإجراءات ردا على نداء استغاثة من حليف كان مقربا من طهران في يوم من الأيام، إلا أنها تعدّ تذكيرا بأعمال إيران غير المكتملة في الأميركتين والدور المحوري الذي تأمل أن تستمر كاراكاس في لعبه لإحياء النفوذ الإيراني في المنطقة.

هذا وتعود علاقة إيران بفنزويلا إلى سنة 1960، عندما كان البلدان عضوين مؤسسين لمنظمة “أوبك”. وبعد “ثورة الخميني” التي اندلعت سنة 1979، والتي أطاحت بالشاه، طورت إيران علاقاتها مع دول في أميركا اللاتينية مثل كوبا ونيكاراغوا، وساندت الأنظمة الشيوعية التي هدفت إلى إضعاف النفوذ الأميركي.

كما كان مفتاح التعاون الإيراني الفنزويلي يكمن في العلاقة الشخصية التي تطورت بين شافيز والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي حرص على تنظيم زيارات متكررة بين البلدين ووقّع ما يصل إلى 300 اتفاقية تجمع بينهما.

قنوات التهريب عبر العراق والصين

أنشطة طهران هذه ليست المرة الأولى التي يتم الكشف عنها. ففي أواخر العام الماضي، نُشرت بعضا من هذه المعلومات، حين تم توقيف طائرة إيرانية في الأرجنتين لشبهة قيامها بنقل الذهب، والجديد أن المخابرات الإسرائيلية هي التي تقف وراء الكشف عن المعلومات.

حسب هذا النشر، فإن الطائرة مسجلة بالاسم التجاري لشركة “امتراسور”، المملوكة للحكومة الفنزويلية، لكنها في الواقع مملوكة لشركة “ماهان إير”، التي تخضع لعقوبات دولية، وتم منحها لفنزويلا لغرض استخدامها بالالتفاف على العقوبات. وقد قامت بست رحلات على الأقل بين كاراكاس وطهران، وموسكو وطهران، بين الشتاء والربيع الماضيين. وقد أمرت محكمة في واشنطن، في حزيران/يونيو الفائت، بمصادرة الطائرة التي احتجزت في الأرجنتين، ولكن هناك طائرات أخرى تستخدمها إيران للغرض نفسه.

بالعودة إلى المختص بالشأن الإيراني، فمنذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، أصبح العراق ثغرة رئيسية في جدار العقوبات الأميركية، وحتى فضيحة المكاتب المصرفية التي أنشأها “فيلق القدس” الموالي لإيران من خلال الاستفادة ليس فقط من الميليشيات. ولكن حتى من المسؤولين العراقيين، وصار العراق بمثابة مكتب يمكن وصفه بأنه أكبر من فرع من حيث انتهاك العقوبات سواء بتزويد النظام الإيراني بالعملة الصعبة والسلع والمواد اللازمة له، أو بتقديم خدمات أخرى.

قد يهمك: محادثات إيرانية عراقية.. لماذا ترغب طهران في التقارب مع السعودية ومصر؟

أما بالنسبة للصين، فهناك عدد كبير من الشركات الصينية المتورطة بهذا الصدد، وتقدم خدماتها المتنوعة تحت عناوين وأسماء وهمية مقابل فائدة كبيرة تجنيها من وراء ذلك. وهنا من المهم الإشارة إلى أن المخابرات الألمانية كشفت خلال العامين الماضيين أن شركات صينية اشترت مواد ومعدات يمكن استخدامها في البرنامج النووي لإيران، وفق حديث جاف.

بالاستناد إلى العديد من التقارير الغربية، فإن العقوبات لم تمنع إيران من تصريف نفطها إلى العديد من دول العالم كالصين وكوريا الجنوبية بجانب فنزويلا وعلى نفقة إيران الشخصية وبناقلات تابعة لـ”الحرس الثوري الإيراني” وبالتالي فإنها باتت تمتلك اليوم الخبرة الكبيرة في خلق طرق متعددة، غير الطرق الرسمية لتنمية اقتصادها أو حتى الانفاق على وكلائها في المنطقة.

أنشطة أخرى

من جانب آخر، لا يقتصر تمويل “حزب الله” على الذهب القادم من فنزويلا، فبالإضافة لصناعة وتهريب المخدرات، تنتشر شبكة من شركات الواجهة في العديد من دول العالم والتي تعود ملكيتها لـ”الحزب” و”الحرس الثوري” والتي تسهم بتمويل أنشطة “الحزب”. فإضافة للنفط، هناك تصنيع وتجارة المخدرات وخاصة حبوب “الكبتاغون” التي أصبحت تشكل العمود الفقري لاقتصاد “حزب الله” في الأعوام الأخيرة خاصة بعد نقل معظم عمليات التصنيع إلى سوريا، بحسب المراقبين.

كما وتعتبر “شركات الواجهة”، أو ما تُعرف بـ”الشركات الهيكلية”، أحد أبرز الأساليب التي يتم اللجوء إليها للالتفاف على العقوبات الاقتصادية، وهي شركات يتم استخدامها من قِبل كيانات أو أفراد، لتكون واجهة لأغراض قد تكون مشروعة، أو غير مشروعة لتكون ستارا لبعض الجرائم الدولية، حسب تقرير سابق لـ“البنك الدولي”.

هذه الشركات تقوم بتقديم بيانات غير حقيقية، تهدف إلى الالتفاف على القوانين والقواعد التي تسعى إلى الحدّ من الفساد والتّهرب الضريبي، وتغطية أعمال أخرى، ويتم التلاعب بهذه الشركات في مرحلة التأسيس بشكل رئيسي، حيث يتم تقديم بيانات غير حقيقية، حول هيكلية الشركة من ناحية ملكيتها، ومجلس إدارتها، وتفاصيل عن الأشخاص النافذين فيها، والشخص النافذ، هو الذي يملك 25 بالمئة من أسهم الشركة، أو حقوق التصويت فيها، أو يملك الحق بإقالة وتعيين معظم أفراد مجلس إدارة الشركة.

في السنوات الأخيرة، بدأ “حزب الله” باللجوء إلى تشكيل “شركات الواجهة”، سواء في دول عربية أو دول أخرى خاصة في إفريقيا وأستراليا ودول في أميركا اللاتينية، وذلك من أجل إيجاد مصادر تمويل تقوم على عمليات تجارية غير مشروعة وعلى تبييض الأموال، خاصة تلك الواردة من تهريب وتجارة المخدرات.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أفادت قبل عدة أشهر، أن دبلوماسيين غربيين ومسؤولين استخباراتيين ووثائق، أكدوا أن طهران أنشأت نظاما مصرفيا وماليا “سريا” للتعامل مع عشرات المليارات من الدولارات من التجارة السنوية المحظورة بموجب العقوبات الأميركية. وتباعا لذلك، يرى الخبراء الاقتصاديين أن جزء كبير من اقتصاد إيران يعتمد على ما يسمى أو ما يعرف بإيران “السوق الأسود”، وهو السوق الموازي للقنوات المالية الدولية والتي تعتمد للتبادل التجاري والمالي والمصرفي بين دول العالم.

إجمالا، أنشطة طهران وأذرعها في فنزويلا وعموم أميركا اللاتينية متعددة وليست مقتصرة على الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة، ولأجل ذلك كله يتوجب على الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة تشديد الرقابة والضغط على طهران لأجل تغيير سلوكها وإن كان ذلك بطرق قسرية، وإلا فإن هذا سيشكل تهديدا لاستقرار دول أميركا اللاتينية والأمن القومي للولايات المتحدة ودول المنطقة ككل، خاصة وأن طهران تتطلع إلى استغلال أي فرصة تمكّنها من تعويض خسائرها من خلال المطالبة بدفع ما تبقى من احتياطيات الذهب في فنزويلا البالغة 6.3 مليار دولار مقابل تحريك “الحرس الثوري” الإيراني، لدعم السلطات بالخبرات في مجال التدريب والتفجيرات والاغتيالات والتحايل على القوانين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.