بعد هجوم استهدف محيط مطار السليمانية الدولي يوم الجمعة الماضي، أدان العراق، في اليوم التالي، الاعتداء الذي وصف بالـ “السافر” على المطار في إقليم كردستان، فيما طالب الحكومة التركية بتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي.

الموقف العراقي جاء بعد أن أفادت الأجهزة الأمنية في مطار السليمانية بشكل مقتضب عن “انفجار” بالقرب من السور المحيط به، ما تسبب في اندلاع حريق لكن لم يسفر عن ضحايا، في وقت وردت فيه تقارير تتحدث عن استهداف القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي في الهجوم.

إلى ذلك، قالت الرئاسة العراقية في بيان اطلع عليه موقع “الحل نت”، إن العمليات العسكرية التركية على إقليم كردستان تتكرر، وآخرها قصف مطار السليمانية المدني، متابعا، ونحن إذ ندين هذه الاعتداءات “السافرة” على العراق وسيادته؛ فإننا نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخوّل القوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية.

على تركيا الاعتذار.. مواقف حازمة ستواجه التكرار

البيان نقل مطالبة الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، تركيا تحمّل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي عن هذه التصرفات، كذلك، وقف هذه الاعتداءات وحل مشكلاتهم الداخلية عن طريق فتح منافذ الحوار مع الأطراف المعنية، مشددا على أنه، في حال تكرار هذه الاعتداءات سيكون هناك موقف حازم لمنع ذلك مستقبلا.

اقرأ/ي أيضا: تقارب الرياض وطهران.. إذعان سعودي لواقع حال النفوذ الإيراني؟

أما من جانب الإقليم، فقد قال لاوك غفوري مسؤول العلاقات الإعلامية الخارجية في إقليم كردستان، إن هجوما بطائرة مسيرة استهدف محيط مطار السليمانية يوم الجمعة، لكنه لم يتسبب في أي أضرار أو تأخير أو تعليق الرحلات الجوية.

في تفاصيل الهجوم، وقع الجمعة الماضي”انفجار” قرب مطار في كردستان العراق تسبب باندلاع حريق دون وقوع إصابات، وفق ما أعلنت عنه الأجهزة الأمنية، ووصف مسؤولون من الإقليم العراقي الحدودي مع تركيا ما وقع بأنه “هجوم”.

مديرية أمن مطار السليمانية قالت في بيان إنه بحدود الساعة الرابعة بعد الظهر، وقع انفجار قرب سور مطار السليمانية الدولي (…)، دون وقوع إصابات، وتسبب في اندلاع حريق، وصلت فرق الدفاع المدني للمطار وسيطرت على الحريق.

أثناء ذلك، سرعان ما تداولت تقارير تفاصيل استهداف عبدي بينما كان يتواجد في السليمانية رفقة ثلاثة أفراد من القوات الأميركية، حيث قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في تقرير لها، نقلا عن مسؤولين أميركيين أن غارة بطائرة مسيرة استهدفت قائد قوات “قسد”، في شمال العراق.

الصحيفة أضافت، أن 3 عسكريين أميركيين كانوا برفقة الجنرال عبدي وقت الهجوم، مشيرة إلى عدم تسجيل إصابات، في حين أكد متحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية قصف قافلة في السليمانية ضمت أفرادا من الجيش الأميركي، فيما نسبت الصحيفة إلى مسؤولين غربيين ترجيحهم أن الضربة ربما نفذتها تركيا.

في المقابل ردت قوات “قسد”، في وقت متأخر من مساء الجمعة، على الأنباء التي تدعي استهداف قائدها العام، مظلوم عبدي، في السليمانية، مؤكدة أن هذه التقارير “عارية عن الصحة”، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة العالمية “فرانس برس”.

نفي وتأكيد أمني

غير أن قوات “قسد” المتعاونة مع واشنطن في مقاتلة تنظيم “داعش”، عادت لتعلن السبت، أن قائدها العام مظلوم عبدي وعناصر من القوات الأميركية كانوا موجودين في مطار السليمانية في إقليم كردستان، وأوضحت في بيانها أن النفي كان لأسباب أمنية.

طائرة في مطار السليمانية/ إنترنت + وكالات

 “قسد”، وفي بيان لها، قالت إنه في إطار الاستجابة الأمنية الطارئة المتعلقة بسلامة قيادة قواتنا، تعمد المركز الإعلامي احتواء المعلومات حول الهجوم التركي على مطار السليمانية أثناء تواجد القائد العام لقواتنا مظلوم عبدي، حتى وصوله إلى مناطق شمال وشرق سوريا بشكل آمن، مؤكدة عدم تعرضه لأي أذى.

اقرأ/ي أيضا: يغلبها الحُب.. دراما رمضان العراق تسرق الأضواء

 بدوره، قال المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي، إن عبدي كان متواجدا في السليمانية في إطار العمل المشترك مع “جهاز مكافحة الإرهاب” في كردستان العراق، باطلاع من قوات “التحالف الدولي” لتنسيق الجهود المستمرة ضد “داعش”.

كما أضاف، نؤكد وجود قوات أميركية في المطار أثناء الهجوم، من دون إضافة أي تفاصيل حول سبب وجودهم أو ما إذا كانوا برفقة عبدي، في حين ندد عبدي بالهجوم لكنه لم يذكر أنه كان مستهدفا.

وسط ذلك، نقلت وكالة “رويترز”، عن مسؤول بوزارة الدفاع التركية، قوله إن القوات المسلحة التركية لم تنفذ أي عملية في تلك المنطقة يوم الجمعة، في الوقت الذي نقلت فيه الوكالة عن مصدر مطلع مقرب من قيادة حزب “الاتحاد الوطني” الكردستاني، وهو الحزب المسيطر على منطقة السليمانية، ومسؤولان أمنيان كرديان، تأكيدهم عن وجود عبدي وثلاثة من أفراد الجيش الأميركي بالقرب من المطار في وقت تنفيذ الهجوم.

القصف قرب مطار السليمانية، ثاني مدن إقليم كردستان، يأتي في أجواء من التوتر مع إغلاق تركيا مجالها الجوي مطلع نيسان/أبريل، أمام الطائرات القادمة من والمتوجهة إلى هذا المطار.، وبررت أنقرة هذا الإجراء باتهام المقاتلين الأكراد الأتراك من “حزب العمال الكردستاني” بتكثيف أنشطتهم في القطاع وانتقدت “تسلل” عناصر الحزب إلى المطار.

تركيا.. سنوات معبأة بالاعتداءات على العراق

تركيا تعتبر “قوات سوريا الديمقراطية” امتدادا لـ “حزب العمال الكردستاني”، وتنظر إلى مقاتلي القوات التي يقودها الأكراد في سوريا على أنهم إرهابيون وتهديدٌ للأمن القومي، في الوقت الذي تعتبر فيه الولايات المتحدة “قوات سوريا الديمقراطية” حليفة أسهمت في طرد تنظيم “داعش” من مساحات شاسعة في سوريا.

بسبب ذلك، تنفذ تركيا منذ عقود العديد من العمليات العسكرية من بينها ضربات جوية، في شمال العراق وشمال سوريا ضد فصائل “وحدات حماية الشعب الكردية” التي تعتبرها امتدادا لـ “حزب العمال الكردستاني”.

في العام الماضي، أجرى فريق كردستان العراق “سي بي تي”، بالتعاون مع “تحالف المجتمع المدني الدولي لإنهاء القصف عبر الحدود”، دراسة معمقة حول اعتداءات الجيش التركي على الأراضي العراقية. 

بحسب الدراسة، فإن الجيش التركي نفذ في الفترة من آب/أغسطس 2015 إلى كانون الأول/ديسمبر 2021، أكثر من 4000 غارة جوية ومدفعية وبرية في إقليم كردستان وشمال العراق

الدراسة أضافت، أنه منذ ما يقرب من 7 سنوات، استهدف الجيش التركي المدنيين بـ 88 هجوما، ومن آب/أغسطس 2015 إلى كانون الأول/ديسمبر 2021 ، قتل 98 إلى 123 مدنيا وجرح 134 إلى 161 آخرين، ومن بين هؤلاء ، قتل 55 مدنيا أثناء قيامهم بالزراعة أو الرعي.

أيضا أشارت الدراسة التي تابعها “الحل نت” أنذاك، إلى أن 87 بالمئة من القتلى رجال و13 بالمئة نساء. 6 من القتلى على الأقل هم من الأطفال. 

فيما أوضحت الدراسة، أن تركيا تستهدف المدنيين بالأسلحة التي قدمتها لها الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا وإسبانيا، لافتا، إلى أنه بين عامي 2015 و2020، باعت الحكومة الإيطالية 57 مروحية عسكرية من طراز “أي 129 سي مانغوستا” إلى تركيا، لاستخدامها في معظم الهجمات على المدنيين الأتراك. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات