في معادلة الأعمال الدرامية، غالبا ما تهضم شركات الإنتاج حقوق بعض الممثلين، خاصة أولئك الذين لا يتمتعون بالشهرة والنجومية الواسعة أو ربما بعض المهارات والخبرات الفنية الكافية، وحتى مؤخرا أصبحت هذه الشركات كما لو أنها تستثمر في الدراما من خلال عدة مستويات سواء عبر إعطاء أدوار البطولة للوجوه الجميلة مهما كانت مهاراتهم الفنية أو إنتاج مسلسلات بعيدة عن واقع شعوب المنطقة ومن ثم جني الأرباح من القنوات التلفزيونية أو المنصات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، والاحتفاظ بحقوق الملكية لأنفسهم فقط.

في هذا الصدد، أعربت الفنانة السورية شكران مرتجى عن غضبها من شركات الإنتاج الدرامية، بعد أن عجزت عن نشر مشاهد لها بسبب حقوق الملكية للشركات المنتجة.

“اليوتيوب” مصدر رزق الفنان!

نحو ذلك، اشتكت شكران عبر كتابة منشور مطول على منصة “الفيسبوك”، وعبّرت من خلاله عن غضبها من شركات الإنتاج التي تمنع الفنانين من مشاركة مشاهدهم في المسلسلات عبر حساباتهم الخاصة على السوشيال ميديا. كما وطلبت شكران من كل الفنانين أن يضعوا بند خاص في العقد يسمح لهم في مشاركة أعمالهم.. على شكل مقاطع وتبقى شركات الإنتاج لها الحق في الحفاظ على مشاركة العمل كامل.

سكرين شوت لمنشور شكران مرتجى على حسابها الشخصي من منصة “الفيسبوك”

فكتبت شكران، “بعد المرحبا وكل الحب.. في فمي ماء، مو معقول الممثل بالدراما السورية ما بيقدر ينزل مشهد ماستر إله حبوه الناس بعمل هلك وتعب وهو عم يشتغل ويصور ويبحث وو كل القصص اللي بتعرفوها ليأخذ أذن ؟؟ نعم يأخذ أذن!! لأنه ممنوع تنزل مشان الحقوق بفهم الحرص والخوف”.

شكران ترى أن السبب وراء منع الشركات لهم هو الهدف الربحي، مستنكرة بالقول “الشركات بتنزل المقاطع مشان تربح يعني ما بيكفي الأجور الجميلة اللي بناخدها لسا بياخدو منا حقنا”، في إشارة إلى الأجور المنخفضة لبعض الفنانين، وتؤكد من خلال كلامها هذا أنها تتقاضى أجورا قليلة، وبالنظر إلى ذلك، تعتقد أنه من حقها مشاركة مقاطع من العمل الذي شاركت فيه، كي تأخذ نسبة من هذا الربح، كونها فنانة مشاركة ضمن فريق المسلسل.

شكران شددت على أن نشر الممثل لأي مشهد هو ترويج للعمل وعامل جذب لمتابعته، مضيفة “يعني ببساطة أسمحوا للممثل ينزل مقطع والحلقة كاملة عندكم ونحنا بنحول العالم لتشوف على حساباتكم وتربحوا أكتر وتعبوا مصاري وتنتجوا عمل جديد ولما تبعتولنا دور ونحكي بالمصاري بلع لوراق المصحف إنه المسلسل الماضي ما ربحتوا”.

قد يهمك: قضية اللاجئين السوريين في لبنان تشعل خلافا بين أصالة وإليسا – الحل نت 

كذلك، بينت قائلة “عم تبيعوا العمل لمنصات ومحطات والله يرزقكم وهاد حقكم بس هاد المنع غير المشروع مو منطقي أبداً وع كل بطلب من كل زملائي وزميلاتي نحط شرط بالعقد اللي غالبا لا بيقدم ولا بيأخر ما بيضمنلك شي لا أسمك بالشارة ولاوجودك ببوستر ولا شي.. بيضمنلهم الهم كل حقوقهم، ونحنا عالأغلب بننقعه وبنشرب ميته أنه النا حق في مشاركة مشاهدنا على مواقع التواصل وعلى حساباتنا عاليوتيوب بند رئيسي”.

هذا وطالبت الفنانة السورية من زملائها أن تتضمن عقودهم المستقبلية بند رئيسي، وهو حق مشاركة مشاهدهم على حساباتهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي، لأن هناك العديد من الفنانين يؤمن لهم موقع يوتيوب مدخولا رئيسيا على حد تعبيرها. وختمت منشورها بالتأكيد على أن رأيها يشمل جميع شركات الإنتاج دون استثناء، لتعدل عقبها مرتجى المنشور وتشير إلى أن بعض الشركات متعاونة، قائلة “حسيت حالي ظالمة وقليلة وفا لهيك عدلت المنشور”.

رد بعض المنتجين

في المقابل، تفاعل العديد من المتابعين مع كلام شكران و تضامنوا معها، لكن من جهة ثانية لم يعجب كلامها بعض المنتجين الذين تفاعلوا مع كلامها وعبروا عن رأيهم عبر الرد على منشور شكران على منصة “الفيسبوك”، ومنهم صلاح طعمة وعماد ضحية.

المنتج صلاح طعمة، الذي يقيم حاليا في مصر ويعمل كمنتج فني في عدة بلدان عربية، رد على شكران بالقول “للتوضيح لا غير أولا ليس من حق الممثل ينشر مقاطع أو صور أو معلومات عن العمل المشارك به من ناحية قانونية باعتبار العمل ملك لجهة الإنتاج، ثانيا وحسب الأصول وقبل قراءة النص والاتفاق يرسل لكل مشارك بالعمل سواء كان فنان أو فني أو إداري اتفاقية ومحتواها عدم إفشاء أي معلومة عن العمل لأية جهة كانت. فعلى المشارك أن يختار بالرفض أو القبول”.

سكرين شوت من ردود بعض المنتجين على منشور شكران مرتجى

طعمة أردف “هذا الإجراء القانوني متّبع في كل العالم والمنتجين السوريين آخر من يعلم، لذلك لا تلوموا أحدا فهي طبيعة وقوانين المهنة وأنا هنا لا أدافع عن أحد ولا يهمني أغلب ما يسمى منتجين بسوريا الذين لا يملكون الحد الأدنى من تقاليد وأعراف المهنة”.

فيما قال المنتج عماد ضحية، “أكيد العمل من حق شركات الإنتاج وأكيد من حقهم الربح من أعمالهم، للاستمرارية في عملهم، وعادي أن يقوم الممثل بعمل مشاركة فيه لأي مقطع أو صورة من صفحات شركات الإنتاج على صفحته الشخصية، وهذا عرف في كل المحطات القنوات”.

شركات الإنتاج “تجارية وليست فنية”؟

في سياق النقد لشركات الإنتاج الدرامية، يرى بعض كتّاب الدراما والنقاد، أن منتجي الدراما خلال الفترة الماضية يستثمرون بالدراما، أي أنهم يتخذون من الدراما كطابع تجاري أكثر من كونه عملا فنيا حقيقيا، وشركات الإنتاج لا شك أن هدفها وميولها الأساسي هو جذب المزيد من المشاهدين، وليس تحقيق وإيصال رسالة ما، أي أن المنتج يُعتبر مجرد رأس مال أو “تاجر” إن صح القول.

لذلك، هضم الحقوق يتم بشكل أو بآخر، ربما باب الترويج والربح من خلال عرض مشاهد الأعمال من قبل الفنان ليس قانونيا، ولكن أكل حقوقهم يكون عبر منحهم أجور زهيدة، وبالتالي لا بد أن تكون الأجور معقولة وقريبة من أجور الفنانين الكبار والمشهورين.

في العموم، يبدو أن النقد الأكاديمي ككل لا يستطيع اليوم التصدي لماكينة المال والنفوذ والارتباط بدوائر عملاقة تمنح أصحاب القرار، أي شركات الإنتاج، فرصة فرض ما يريدونه وإنجاحه إعلاميا وترويجيا، فيما في المقابل يتعرض أصحاب الموقف النقدي للذوبان والانصهار في بوتقة أكبر قادرة على إسالة القواعد والقيمة المهنية.

بمعنى آخر فإن الدراما السورية أو العربية بشكل عام تبدو ضحية أهداف شركات الإنتاج بصورة أو بأخرى، خاصة بعد النكسة الأخيرة في الدراما السورية، من السطحية أو فقدانها لأية قيمة ثقافية وقريبة من واقعهم، بجانب تدني أجور البعض على حساب أجور باهظة للبعض الآخر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
1 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات