الذكاء الاصطناعي أصبح منتشرا بشكل متزايد في العديد من جوانب الحياة الحديثة، ولم يعد عالم الغناء والموسيقى العربي استثناء. في السنوات الأخيرة، كان هناك وفرة وارتفاع في استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء الموسيقى وإنتاجها وتوزيعها عالميا وحتى عربيا.

إحدى الطرق الرئيسية المنتشرة حاليا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في عالم الموسيقى العربية هي إنشاء مطربين افتراضيين، حيث يتم خلق هؤلاء المطربين الافتراضيين باستخدام خوارزميات وتقنيات التعلم الآلي، وهم قادرون على الغناء والأداء تماما مثل المطربين الحقيقيين، وغالبا ما يتم استخدامها في الإعلانات والإنتاج السينمائي والتلفزيوني وحتى العروض الحية، ولكن هل يسيطر الذكاء الاصطناعي على عالم الغناء والموسيقى بشكل كلي.

مطربون بغير أصواتهم

مع إرخاء العولمة بظلالها على الثقافة سواء أغان وأفلام وأدب وعروض أزياء وعادات ولغات وغير ذلك، وأحداثها تغييرا في الأغنية العربية على مستوى الأسلوب والموسيقى والكلمات، بعد أن حاولت التأقلم مع هذه التغييرات، مما أدى إلى فقدانها الهوية في بعض الأحيان. 

ذكاء اصطناعي يعيد فناناً كورياً ميتاً للغناء - إنترنت
ذكاء اصطناعي يعيد فناناً كورياً ميتاً للغناء – إنترنت

فالعولمة بحسب ما نشرته صحيفة “الاندبندنت عربية”، حوّلت العالم إلى قرية إلكترونية صغيرة وسمحت بالتبادل الثقافي وتجانس ثقافات العالم مع بعضها، إلا أنها في المقابل تسببت في تلاشي خصوصية كل بلد.

الناقد الفني اللبناني جمال فياض اعتبر في حديثه للصحيفة، أمس الثلاثاء، أن التقنيات الحديثة أفقدت الأغنية العربية هويتها، حيث بدأ أخيرا استخدام الذكاء الاصطناعي في تجربة فنية جديدة تمكّن من سماع أي أغنية لأي مطرب بصوت مطرب آخر.

فياض أكد أنه شخصيا سمع أغنية للفنانة إليسا بصوت الفنانة أصالة وكأنها هي صاحبة الأغنية الأصلية، كما يمكن استخدام هذه التقنية أيضا لسماع أغنية قديمة بتوزيع حديث أو لتعريب الأغاني الإنجليزية في ثوانٍ معدودة.

الموسيقى العربية في خطر؟

في حين أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الموسيقى العربية له فوائد عديدة بحسب ما يراه البعض، إلا أن هناك مخاوف أيضا بشأن تأثيره المحتمل على الصناعة والمطربين بشكل خاص، حيث يعتقد أصحاب هذا الرأي أن الاستخدام الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي في إنشاء الموسيقى يمكن أن يؤدي إلى تجانس الأنماط الموسيقية وتقليل تنوع الموسيقى التي يتم إنتاجها. 

إنشاء أغنية بالذكاء الاصطناعي - إنترنت
إنشاء أغنية بالذكاء الاصطناعي – إنترنت

وعما إذا كان مسموحا من الناحية القانونية باستخدام الذكاء الصناعي لسماع أغنية بصوت فنانة ليست هي صاحبتها الأصلية، يؤكد الناقد اللبناني، أنه “ليس مسموحا، ويمكن بسهولة إيقاف الأغنية على يوتيوب، ولكن لا يمكن منع الناس من تداولها عبر واتساب والتسجيلات الخاصة مثلا”.

طبقا لحديث الفياض، فإن “الفوضى انتشرت ولا مجال للسيطرة عندما يتعلق الأمر بالأعمال الغنائية الجديدة، ومع الوقت يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بالتلحين والكتابة والغناء وحتى المطرب لا يعود ضروريا لأنه يمكن أن يحول الناس إلى مطربين إذا طلبوا منه ذلك”.

سلسلة التحذيرات التي أطلقها فياض اختتمها بقوله، إنه مع الوقت يمكن أن تنتشر تقنية الهولوغرام بشكل أوسع وأكبر ولا شيء يمنع من اختراع مطرب افتراضي أو وهمي يؤدي على المسرح الأغاني التي صنعها الذكاء الاصطناعي كتابة ولحنا. 

علاوة على ذلك، أوضح فياض أن الإبداع البشري يتراجع كثيرا لمصلحة التكنولوجيا والفنان الذكي هو الذي يعرف كيف يستفيد من التكنولوجيا لمصلحته.

البقاء في الوسط الفني لهؤلاء!

على الرغم من هذه المخاوف، من الواضح أن للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على عالم الموسيقى العربية. فمع استمرار تحسّن تقنية الذكاء الاصطناعي وزيادة تقدمه، فمن المحتمل أن يستمر استخدامها في إنشاء الموسيقى وإنتاجها وتوزيعها، وسيلعب دورا متزايد الأهمية في تشكيل مستقبل الموسيقى العربية.

إنشاء أغنية بالذكاء الاصطناعي - إنترنت
إنشاء أغنية بالذكاء الاصطناعي – إنترنت

انخراط أصحاب المهنة والهواة مع هذه التقنية، جعلت الناقد اللبناني يرثي الأغنية العربية والأجنبية بجميع لغاتها لأنه لم يعد هناك أغنية محلية كلاما ولحنا، بل هي تحولت إلى خليط.

لكنه يرى بحسب الصحيفة، أن “الإيجابية الوحيدة للعولمة تكمن في أن البقاء والاستمرارية لمن يملك الموهبة فقط، وما ينطبق على مجال الغناء ينطبق على المجالات الأخرى كالشعر والأدب والنحت والرسم وحتى التمثيل، حيث تحولت الدراما إلى خلطة من كل الجنسيات مما أفقد الأعمال الدرامية الخصوصية”.

محركات البحث باتت تعجّ بمئات المواقع الإلكترونية التي تختص بإنتاج الموسيقى والأغاني عالية الجودة وأسهل من أي وقت مضى باستخدام الذكاء الاصطناعي. 

موقع “بوو ماي” يسمح بإنتاج الموسيقى أو الأغاني حتى من الممكن أن تكون بصوت الشخص نفسه حيث يتم الدمج بين الصوت والموسيقى من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي. كل هذا ولا يحتاج المُستخدِم لمعرفة أي شيء حول إنشاء الموسيقى للبدء بإنتاجها، حيث يستخدم الموقع خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بمحاكاة الأساليب الموسيقية.

أيضا موقع “ساوند روو” بإمكانه إنتاج الموسيقى التصويرية لأي فيديو، حيث يسمح الموقع باختيار أي موضوع من قائمة المواضيع واختيار المزاج الذي يريده المستخدم، وسيقوم الذكاء الاصطناعي تلقائيا بإنشاء 15 لحن لغرض الاختيار من بينها وفقا للموضوعات والمزاجات التي تم اختيارها مسبقا.

في نيسان/أبريل الفائت انتشرت أغنية تستخدم الذكاء الاصطناعي لاستنساخ أصوات المغنيين دريك وذا ويكند على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحاكي أغنية “هارت أون ماي سليف”، عمل نجمة البوب والممثلة سيلينا غوميز، التي سبق لها أن واعدت المغني ويكند.

منذ نشرها حققت الأغنية أكثر من 8.5 مليون مشاهدة على منصة “تيك توك”، بالإضافة إلى تشغيلها أكثر من 254 ألف مرة على تطبيق “سبوتيفاي”، فيما قال مؤلف الأغنية، المعروف باسم غوست رايتر، إن الأغنية تم إنشاؤها بواسطة برنامج ذكاء اصطناعي تم برمجته على الأصوات الموسيقية.

استخدام الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي يتأرجح بين رأيين، الأول يرى أن تأثير العولمة على الأغنية العربية إيجابي ويسهم في تحديثها وسهولة انتشارها حول العالم، فيما هناك معتقد آخر يؤكد أن عولمة الموسيقى ستؤدي إلى طمس ملامح وخصائص الموسيقى العربية، ويبقى الزمن هو من يحدد النتيجة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات