في الربع الأخير من القرن الماضي، كانت السينما والدراما العربيتين مليئتين بالمشاهد الجريئة، ولم يكن هناك حالة لاعتراض التي شهدتها الساحة الفنية العربية خلال العشرين سنة الماضية، الأمر الذي دفع بعض الممثلين من تلك الحقبة إلى التعبير عن استغرابهم للهجوم الذي تتعرض له الدراما أو السينما التي تحتوي على هذه المشاهد.

ففي كل مرة يتم فيها الإعلان عن مسلسل أو فيلم يحتوي على بعض المشاهد الحميمية حتى وإن كانت غير مباشرة، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي موجات غضب واستنكار من هذه المشاهد، في ظاهرة أصبحت مكررة، إن كانت ضمن موسم رمضان أو من خلال الأعمال التي تم طرحها خارج السباق الرمضاني.

السينما النظيفة

في مصر أطلق منتقدو هذه المشاهد في السينما والدراما مصطلح “السينما النظيفة”، وذلك للتعبير عن الأفلام التي تتوافق مع “القيم الأخلاقية والدينية المحافظة”، والتي لا تحتوي على مشاهد جريئة أو عنف مفرط أو لغة نابية، حيث يهدف هذا النوع من الأفلام إلى الحفاظ على “القيم والمبادئ الأخلاقية وتوجيه الجمهور نحو الأفلام الناضجة والمفيدة” بحسب ما يعرفه ناقدو هذه المشاهد، ومع ذلك فإن هذا المصطلح ليس معيارا رسميا لتصنيف الأفلام في مصر، ولا يتم استخدامه في اللغة الفنية أو القانونية المتعلقة بالسينما.

الفنانة والممثلة المصرية انتصار، كشفت في مقابلة تلفزيونية عن استغرابها من حملات الهجوم على مشاهد القبلات في الأفلام أو مشاهد خروج الفتيات بلباس السباحة، معتبرة أن فترة سبعينيات القرن الماضي، كانت الفترة الأفضل للسينما المصرية.

انتصار أكدت خلال مقابلة بثتها قناة “اليوم” المصرية ضمن برنامج “القاهرة اليوم”، استعدادها لتقديم مشهد يحوي قبلة في أي عمل فني، لكنها ستفرض ارتداء المايوه، إذ يتطلب ذلك وقت طويل من أجل التحضير لهذا النوع من المشاهد، خاصة بعد أن زاد وزنها.

قد يهمك: “المرأة تبقى صبية من الداخل ولن نغير اسم المسلسل“.. جيني آسبر ترد على منتقدي “صبايا”

كذلك اعتبرت انتصار أن أفلام القرن الماضي، هي الأفلام التي يجب الاقتداء بها، وأضافت “المفروض الآن المجتمع متقدم أكثر ومتنور أكثر، لا أفهم ترك كل الأشياء الفنية والتركيز على القبلات في الأفلام والمايوه، تلك الأفلام جميلة وعايزين منها، السينما عايزة قبلات وعايزة مايوهات”.

موجات الاستنكار والغضب إزاء كل مشهد “جريء” أو يحوي لقطات حميمية مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات، ورغم الانخفاض النسبي تدريجيا لهذه الموجات، إلا أنها لا تكاد تتوقف مع كل مسلسل يتم فيه إدراج هذا النوع من المشاهد، ما يطرح التساؤلات عن أسباب هذا الرفض، أو أسباب إصرار شركات الإنتاج على إدراج هذه المشاهد ضمن الأعمال الدرامية، رغم رفض الشريحة الأوسع من الجمهور لها.

هل تتوقف شركات الإنتاج؟

ربما ما يبرر لشركات الإنتاج هذا الإصرار، هو مساهمة موجات الرفض على مواقع التواصل الاجتماعي بشهرة المسلسل أو الفيلم حتى قبل عرضه، فضلا عن أن موجات الجدل خلال عرض العمل، يزيد من وتيرة تداول اسمه بين الجمهور، ما يساهم برفع المشاهدات والمتابعات، ما يعني أن أحد أهداف هذه المشاهد قد يكون تسويقيا، إلى جانب أهداف السياق الدرامي والسينمائي.

مواقع التواصل الاجتماعي، لا شك أنها ساهمت بوصول الانتقادات بشكل مباشر إلى الجهات العاملة في الوسط الفني، فبمجرد ما يتم نشر أي إعلان لمسلسل أو فيلم عبر الأنترنت وشاشات التلفاز، يبدأ الحديث حول ما تم عرضه، ويتشارك الناس آرائهم حول أي مشهد يعتبرونه “جريئا”. 

حتى ضمن الوسط الفني، يمكن القول بأن العاملين في إنتاج الدراما والسينما من ممثلين وفنيين، منقسمين برأيهم حول جواز إدراج تلك المشاهد، فقد خرج العديد من الممثلين بتصريحات رافضة لإدراج هذه المشاهد في الدراما التلفزيونية فيما دافع آخرون عن هذه الظاهرة.

الرافضون لهذا النوع من المشاهد، يعتبرون أن إزالتها من الأعمال الفنية، يعني الحفاظ على “القيم الأخلاقية والحياء العام”، ذلك ما يمكن له أن يطرح التساؤلات عن وضع الأخلاق والقيم في السبعينيات، حيث كان عرض هذه المشاهد في السينما أمرا طبيعيا، فهل كانت الأخلاق غائبة حينها.

لا يبدو أن شركات الإنتاج ستعلن استسلامها أمام موجة الانتقادات الواسعة من الشارع العربي، فهي مستفيدة بكل الأحوال من هذه الانتقادات، وتساهم في زيادة الجدل حول أعمالها وبطريقة أو بأخرى زيادة المتابعات، إلا أن مختصين يرون أن عامل الزمن سيجعل الجمهور يعتاد، وربما تتحول الانتقادات إلى محور جدوى هذه المشاهد وفيما إذا كانت فعلا تخدم السياق السينمائي أم أن المنتجين يدرجونها لأهداف تسويقية بعيدا عن أية سياقات تخدم العمل الفني.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات