انخفاض حاد شهدته أسعار الفروج في العاصمة السورية دمشق، يوم أمس الأربعاء، حيث انخفض سعر الكيلو منه من 21500 إلى 15800 ليرة سورية. وهذا التراجع في السعر يُعد مفاجئا، نظرا لأن معظم السلع في تصاعد تدريجي مستمر، بجانب ما تعانيه سوريا من أزمات اقتصادية كبيرة، فضلا عن تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، حيث تخطّت الليرة حاجز الـ 9000 آلاف مقابل الدولار الواحد.

على اعتبار أن الأسعار خلال الأيام الماضية كانت خيالية بالنسبة لجيوب المواطنين، الأمر الذي دفع بهم للعزوف عن شرائها من جهة واستبدالها بمنتجات أخرى تغنيهم عن الفروج، مما تسبب في انخفاض سعر الدجاج بحسب ما تراه الجهات المختصة.

لضعف القدرة الشرائية؟

في سياق أسباب انخفاض سعر كيلو الفروج في أسواق دمشق بشكل مفاجئ، بأكثر من 5000 ليرة سورية، قال مدير عام “المؤسسة العامة للدواجن” سامي أبو دان، لموقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس الأربعاء أن هناك سببان للانخفاض لا ثالث لهما، أولا ضعف القوة الشرائية وتاليا تغيير النمط الاستهلاكي، والمقصود بالنمط الاستهلاكي أنه على اعتبار أن هذا الموسم هو موسم الفول والبازلاء وورق العنب فيقبل الناس على شرائها واتجاههم إلى شراء الفروج يقل؛ بينما العلف لم ينخفض سعره.

أبو دان أكد أنه بدءا من اليوم سعر كيلو الفروج سيكون 15800 ليرة، في حين أوضح مدير “دواجن صيدنايا”، مروان جبرائيل علي، أن القدرة الشرائية منخفضة، إلى جانب وجود بعض الأشخاص الذين يأخذون الدجاج من المدجنة لتربيته لديهم، وبالتالي العرض كثير والطلب قليل، مضيفا “هذا يعني أن سعر الفروج سيصبح من أرضه بـ 13800 أي ينخفض 2000 ليرة.

مدير “دواجن صيدنايا” زعم في حديثه حول انخفاض أسعار الفروج، وقال إنه مؤخرا سوّقت منشأة اللاذقية وحلب عددا من الدجاج ونظرا لازدياد الكمية من هاتين المنشأتين فالأمر ساعد على الانخفاض أيضا.

العديد من المراقبين للوضع الاقتصادي السوري، يرون أن هذا الانخفاض في سعر الفروج أمر جيد، رغم أنه لا يتفق مع قيمة الرواتب والأجور. وهذا التراجع قد يجعل المنتج في متناول بعض العائلات التي امتنعت عنها بسبب تدهور الأوضاع المعيشية بشكل عام في البلاد. كما ستنخفض أسعار اللحوم وخاصة الدجاج اللاحم مع انخفاض الطلب عليها ولكن بشرط عدم تصديرها للخارج في حالة حدوث ذلك حقا.

أسعار لا تناسب جيوب المواطن!

خلال الأيام الماضية، سادت حالة من الفوضى والارتفاع غير المبرر في أسعار منتج الفروج، ولم تجد فيه الجهات المعنية الحكومية تبريرات كافية لتقديمها إلى السوريين، فبرّرت ذلك بشكل عشوائي، حتى وصل الأمر لتحميل الأمر إلى أكلة “الشاورما” الشعبية.

بعد شهر رمضان الفائت ارتفع سعر سندويشة “الشاورما” في البلاد بشكل كبير، حتى باتت مقتصرة على المترفين والأغنياء بعد ارتفاع أسعار شرحات الدجاج لنحو 60 ألف ليرة سورية بعد أن كان سعرها لا يتجاوز الـ 52 ألفا. فمنذ مطلع شهر أيار/مايو الجاري سجّلت أسعار الفروج ارتفاعات جديدة، فقد وصل سعر كيلو الفروج المنظّف أيضا إلى 35 ألف ليرة بزيادة بلغت 3 آلاف.

الجهات الحكومية المعنية بذلك، اعتبرت أن عودة محال بيع الشاورما والوجبات الجاهزة للعمل بعد انتهاء شهر رمضان، تسببت بزيادة الطلب على لحم الدجاج وبالأخص الشرحات، الأمر الذي أدى إلى زيادة أسعارها، لافتين في تصريحات صحفية سابقة، إلى أن نسبة استجرار محال الوجبات الجاهزة والشاورما للفروج وأجزائه نحو 65 بالمئة من الإنتاج اليومي.

كما أن ارتفاع أسعار الفروج خلال الفترة الماضية باتت تشغل الشارع السوري بشكل كبير، وقد أكد أمين سر “غرفة الزراعة” في دمشق محمد جنن، أن نسبة كبيرة من مربي الدواجن، باتوا خارج خطوط الإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف، كما أشار في تصريحات صحفية سابقة، إلى أن الحال الذي وصل إليه قطاع الدواجن بحاجة إلى دعم خاص وجدّي من رئاسة مجلس الوزراء “لأن الوضع أصبح خطيرا جدا”.

على إثر الارتفاع المتواصل في أسعار الفروج خلال الأسبوعين الماضيين، فقد شهدت الوجبات الجاهزة ووجبات الشاورما ارتفاعات قياسية في الأسواق السورية، حيث تراوح سعر سندويش الشاورما ين 10500 ليرة و11 ألف، أما الوجبة بـ 17 ألف، فيما وصل سعر الفروج البروستد مع صحن البطاطا إلى 75 ألف، والمشوي وصل لـ 72 ألف.

العديد من التقارير والصحف المحلية والدولية، أكدت خلال الفترة الماضية، أنه نتيجة لهذا الغلاء في أسعار لحوم الدجاج ومنتجاتها، الأمر الذي جعلها خارج القدرة الشرائية للمواطن السوري، وسط اتساع الفجوة بين قيمة الرواتب والأجور والأسعار. كما وأكد عدد من المواطنين للصحف المحلية في وقت سابق، أنهم تراجعوا عن شراء الفروج منذ مُدّة، على حين أوضح أصحاب المحال أن عددا من الزبائن بات يلجأ إلى شراء كميات قليلة تتناسب مع المبلغ الذي يمكن أن يدفعوه.

ضرورة تحسين قطاع الدواجن

في المقابل، هذا الانخفاض في أسعار الفروج لا يعني استمراره طويلا، فتكاليف الإنتاج الكبيرة، ستؤثر في العملية الإنتاجية في منشآت الدواجن، وخاصة بعد توقف “المؤسسة العامة للأعلاف” برفد قطاع الدواجن بالأعلاف، من الذرة وفول الصويا، بسبب عدم توفر الرصيد لدى المؤسسة. وهذا يعني عجز المؤسسة الحكومية بدعم أو تأمين قطاع الدواجن، وهو ما سيؤثر سلبا على الأسعار بالأسواق قريبا.

قد يهمك: تهديدات جديدة تحاصر الثروة الحيوانية في سوريا

مدير “منشأة دواجن في محافظة طرطوس”، دريد إبراهيم أكد لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم الثلاثاء الماضي، أن “مؤسسة الدواجن” ستتكبّد تكاليف كبيرة نتيجة شراء الأعلاف من الأسواق، فطنّ الصويا في المؤسسة يبلغ 6 آلاف ليرة، بينما تجاوز سعره 8 آلاف ليرة في الأسواق، وبالتالي انخفاض نسبة أرباح المنشأة، مشيرا إلى أن المنشأة ملتزمة بالسعر التمويني لطبق البيض مثلا والمحدد بـ 23500 ليرة، ولا يمكن زيادة السعر، رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج إلا بقرار من التموين.

في المقابل، دعا العديد من مربي الدواجن إلى ضرورة دعم المربّينَ بالسرعة القصوى، وذلك لاستقرار أسعار الفروج والحدّ من غلاء قريب محتمل في أسعار البيض والفروج معا، فضلا عن أن الدعم الحكومي سيجعل المربّين يستمرون في عملهم، وسيشجّع غيرهم ممّن ترك هذه المهنة للعودة إليها، وبالتالي زيادة الإنتاج وتاليا سينخفض السعر بالتأكيد، وهذا ما سيسهّل حصول المواطن على هذا المنتج، وإلا فإنه سيغيب عن موائدهم تدريجيا حتى يختفي تماما ربما.

ليس من الوارد أن تنخفض أسعار الفروج ومنتجاته من البيض أكثر من ذلك، وربما في الأيام القليلة القادمة ترتفع مرة أخرى وبشكل مفاجئ، نظرا لعدم تراجع قمية تكاليف الإنتاج وفي مقدمتها أسعار الأعلاف التي تتحرك صعودا بجانب تراجع أعداد مربي الدجاج البيّاض بفعل الخسائر التي يتعرضون لها في كل مرة ترتفع فيه أسعار مستلزمات تربية الدواجن.

في العموم، تُعتبر أسعار لحوم الفروج والبيض، الأكثر تذبذبا وارتفاعا حتى أن الأسعار غير مستقرة، ذلك لأن أسعار الأعلاف لم تتبدل منذ العام الماضي، بجانب عدم التزام الحكومة في دعم المربّينَ باللوجستيات الضرورية ولا سيما مازوت التدفئة وبالتالي أسعار الفروج مرتبط ومتعلق دون أدنى شك بتسعيرة الأعلاف وشحّ المازوت، وإن تراجع الطلب عليها، فإن خيار التصدير وارد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات