للمرة الثالثة في هذا العام، تقوم “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية”، برفع سعر البنزين، حيث رفعت الوزارة سعر المادة من 6600 ليرة سورية، إلى 7600 ليرة سورية، للتر الواحد من بنزين “أوكتان 95”. كما تم رفع سعر اسطوانات الغاز المنزلي المدعوم وغير المدعوم، أي  بالسعر الحر.

هذا الارتفاع يأتي عقب ارتفاع أسعار المحروقات للقطاعين العام والخاص، وسط أزمة محروقات جديدة تنذر بالأيام القادمة بالتزامن مع استمرار تفاقم أزمة الغاز المنزلي. لا شك أن هذا الارتفاع سوف يؤثر على جميع مفاصل الحياة اليومية في البلاد، إذ سيتسبب بمزيد من رفع الأسعار، وبالتالي تعميق الأزمة المعيشية أكثر مما هي عليه.

ارتفاع سعر البنزين والغاز

مساء يوم أمس الإثنين، أعلنت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، عن رفع سعر بنزين “أوكتان 95″، ورفع سعر اسطوانات الغاز المنزلي المدعوم وغير المدعوم، أي بالسعر الحر، حيث زاد سعر لتر بنزين “أوكتان 95” الجديد عن القديم بنحو ألف ليرة سورية.

ارتفاع سعر البنزين في سوريا- “إنترنت”

كما وحددت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” عبر بيان رسمي على صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك” سعر اسطوانة الغاز المنزلي المدعوم بـ 15 ألف ليرة سورية، وسعر أسطوانة الغاز المنزلي بالسعر الحر من داخل البطاقة الذكية أو من خارجها بـ 50 ألف ليرة سورية، بجانب تحديد سعر اسطوانة الغاز الصناعي بـ 75 ألف ليرة سورية.

قرار رفع سعر البنزين يأتي للمرة الثالثة خلال العام الجاري، حيث رفعت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” سعر المادة في شباط/فبراير الماضي إلى 6600 ليرة سورية، بعد أن كان 5750 ليرة، كما شهد شهر كانون الثاني/يناير الماضي رفعا مشابها للمادة، وقالت الوزارة في بيان عبر صفحتها على منصة “فيسبوك” آنذاك، إنها رفعت سعر مبيع ليتر مادة البنزين “أوكتان 95″، إلى 5750 ليرة سورية، بعد أن كان 5300 ليرة.

هذا الارتفاع يتزامن مع شحّ في الوقود في الأيام الماضية، إضافة لرفع أسعار المحروقات على القطاعين العام والخاص بسوريا، فضلا عن تهاوي سعر الصرف أمام النقد الأجنبي، حيث تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في تداولات اليوم الثلاثاء، لنحو 8800 ليرة مقابل الدولار الواحد، وفق موقع “الليرة اليوم”.

قبل أيام، توقّع عضو “مجلس الشعب” السوري، زهير تيناوي في تصريحات صحفية سابقة، قيام الجهات المعنية برفع سعر المشتقات النفطية بعد رفعها لسعر طن الفيول للقطاع الخاص إلى 3 ملايين و335 ألف ليرة سورية وللقطاع العام إلى مليوني ليرة مؤخرا.

أما في السوق السوداء فيبلغ سعر ليتر البنزين لأكثر من 10 آلاف ليرة، في العديد من المناطق من العاصمة دمشق وباقي المحافظات الأخرى، وبالتالي فإن الأسعار في السوق السوداء سترتفع تلقائيا بعد القرار الحكومي هذا وهو ما سيحمل معه نتائج سلبية على باقي مفاصل الحياة اليومية.

كلما تحصل أزمة في البلد سواء أزمة وقود أو لحوم ودجاج أو حتى خضروات مثل البندورة والبطاطا وغيرها، يرافقها ارتفاع في تسعيرة هذه المواد، وكان من المتوقع ارتفاع سعر البنزين بسبب ندرة المحروقات خلال الأيام الماضية من جهة وتراجع قيمة الليرة السورية من جهة أخرى.

أزمة غاز

مؤخرا، وافق “مجلس محافظة دمشق”، على رفع توصية حجب الثقة عن مدير “فرع الغاز” بدمشق وريفها، حسن البطل، وبحسب المواقع المحلية، فقد استحوذ موضوع التلاعب المكتشف في معمل غاز عدرا والتأخر في رسائل الغاز وانتشار المادة في السوق السوداء.

بينما اتهم أعضاء “مجلس محافظة دمشق”، مدير “فرع الغاز” بأنه لم يقدم إجابات كافية وواضحة عن تساؤلات الأعضاء، والإجابات هي ذاتها منذ عدة دورات سابقة من دون أي جديد. وقالت صحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا إن البطل أصرّ على أن المُدّة الوسطية للرسائل هي أقل من 60 يوما، خاصة أن نسبة التنفيذ 85 بالمئة، في حين رد أعضاء في المجلس أن إجاباته للتمييع وعدم ملاءمة الواقع وخاصة أن مدّة استلام رسائل الغاز تتراوح بين الـ 70 والـ 90 يوما، وحول وجود الاسطوانات في السوق السوداء، قال “ليس لدي جواب”.

قرار “مجلس محافظة دمشق” يأتي وسط أزمة غاز خانقة يعاني منها المواطنون، إلى جانب شكاوى الأهالي عن تأخر وصول رسالة استلام الغاز لأكثر من 90 يوما، وسط انتشار الفساد والتلاعب بوزن أسطوانات الغاز، وضبط كميات كبيرة تُقدر بنحو 4 ونصف مليار ليرة، وفق تقارير محلية.

من الطبيعي أن لا يتم حلّ معضلة الفساد المتعلق بانتشار الغاز في السوق السوداء، عبر “حجب الثقة” عن مسؤول في هذا القطاع، بل أن يتم حلّ هذه الأزمة من جذورها، فضلا عن أن الفساد متواجد في المؤسسات السورية عامة، وهو أمر ليس بجديد، فالجهات الحكومية تقوم بضبط مخالفات يومية بحق العشرات، فضلا عن أن الفساد لدى المسؤولين مسلسل لا حلقة نهائية له في هذا البلد المتعب منذ سنين طويلة.

تداعياته على الأسواق

في سياق متّصل، يُعتبر قرار الرفع هذا الأول الصادر عن “وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك” الجديد، محسن عبد الكريم علي، الذي خلف الوزير السابق، عمرو سالم بمرسوم رئاسي في 29 من آذار/مارس الماضي.

في المقابل، فإن هذا الارتفاع في أسعار البنزين والغاز المنزلي سينعكس بلا شك على الأسواق بشكل عام سواء في أسواق الخضار واللحوم أو في أسواق المواد الغذائية الأساسية مثل الشاي والسكر والأرز والبرغل والبقوليات وغيرها من المواد، بالإضافة إلى أن الغلاء سيمتد إلى باقي السلع، من الملابس وأسعار المواصلات والمقاهي والمطاعم.

بالتالي الحكومة تقوم بزيادة الأعباء على عجلة الاقتصاد في البلاد، دون رفع الرواتب والأجور، التي يبلغ متوسطها نحو 160 ألف ليرة سورية. ارتفاع أسعار المحروقات بشكل عام يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وانعكاسها السلبي المؤثر على المنافسة وجودة السلع والمنتجات، فالكل بات على يقين أنه لدوران عجلة الإنتاج بشكل أسرع، وضرورة التخلّص من الارتفاعات المرهقة لمدخلات الإنتاج في الصناعة.

نائب رئيس مجلس إدارة “غرفة صناعة دمشق وريفها” طلال قلعه جي، اعتبر أن ارتفاع الكلف الإنتاجية والمواد الأولية من المدخلات بات يسبب مشكلات لدى الصناعيين ويشكّل عبئا كبيرا عليهم، خاصة وأنها رفعت من أسعار المنتجات بحدود 40 بالمئة عن الدول المجاورة، مما أضعف أغلب المنتجات بالتنافسية في الخارج، وفق تقرير آخر لصحيفة “البعث” المحلية نُشر مؤخرا.

يبدو أن الحكومة وقراراتها غير المدروسة التي صدرت حديثا، شريكة في تراجع الإنتاج المحلي في سوريا، بل وخروجه من التنافسية مع الدول المجاورة، بعد أن كانت الصناعة السورية أحد أبرز المنتجات العربية ومن أكبر المنافسين في المنطقة، بجانب زيادة الأسعار بشكل عام.

أزمة مواصلات في سوريا- “وسائل التواصل الاجتماعي”

كذلك، نتيجة أزمة الوقود في البلاد، انتشرت ظاهرة بيع المحروقات وتحديدا مادة البنزين على البسطات في الطرقات العامة والشوارع الفرعية والأسواق، وحتى مؤخرا انتشرت بسطات بيع البنزين اللبناني المهرَّب عَلنا وبكثافة في طرقات العاصمة دمشق ولا سيما الرئيسية منها، بحيث باتت شبيهة بالأسواق الأخرى، وسط غضّ الطرف من قبل السلطات هناك.

فوضى في أسعار المواصلات

كذلك، خلال الأيام الماضية ومع كل تراجع لقيمة الليرة والتهام الغلاء كل شيء تقريبا، اتجه سائقو وسائل النقل إلى رفع تسعيرة تعرفة الركوب وعدم التزام الكثير منهم بتعرفة النقل الرسمية بالنظر إلى أنها غير منطقية ومجحفة بحقهم، وسط هذا الغلاء.

إضافة إلى شكاوى العديد من سائقي سيارات الأجرة والتاكسي من قلة مخصصات الوقود المخصصة لهم من قبل الحكومة، حيث لا تكفيهم لأكثر من يومين، وفي كثير من الأحيان لا يحصلون على مخصصاتهم الكاملة، وهو ما يدفعهم للشراء من السوق السوداء، وبالتالي يرفعون أجورهم، ويعتبرون هذا من حقهم الطبيعي، لأن الأوضاع المعيشية صعبة ويجب العمل لساعات طويلة في اليوم حتى يستطيعوا تأمين قوت يومهم.

عدد من الأهالي كشفوا للمواقع المحلية أن أكثر خطوط النقل بالريف في محافظة حلب تتقاضى أجورا مضاعفة.

فعلى سبيل المثال يتقاضى سائق تاكسي خط حلب – المهدوم – الخفسة 10 آلاف ليرة علما أن التسعيرة الرسمية 2600 ليرة، وخط حلـب – المهدوم – المعمورة يتقاضى السائق 8 آلاف ليرة والتسعيرة هي 1900 ليرة، مؤكدين أن الأمر ينسحب على أغلب خطوط الريف مع فوارق بحسب المسافة الكيلومترية، ويضيف أحدهم بتهكم بأن الأجرة حسب الزبون، وفق تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، مؤخرا.

عضو “مجلس محافظة حلب” نوال العريف أوضحت في هذا الإطار أن أغلب الميكروباصات العاملة على خطوط الريف تتقاضى أجورا كبيرة منها على سبيل المثال خط حلـب – مسكنة الذي يتقاضى سائقوه ما بين 10 آلاف ليرة إلى 15 ألف ليرة مؤكدة أن 90 بالمئة منهم يتقاضى 15 ألف ليرة علما أن التعرفة الرسمية هي 2600 ليرة.

بالتالي وبالتزامن مع هذا الارتفاع الأخير في أسعار البنزين والغاز المنزلي، يُتوقع ارتفاعا لأسعار المواصلات بشكل أكبر، فضلا عن اجتياح الغلاء عموم الأسواق، وهو ما سيزيد من معاناة المواطنين أكثر فأكثر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات