في سوريا، يبدو أن أسعار كل شيء في ارتفاع مستمر. فبعد ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات بنحو 60 بالمئة، أصبحت أسعار الزيوت المعدنية مثل سوق الأوراق المالية بسبب الارتفاعات الكبيرة المتتالية في ظل عدم الرقابة على أنواعها المتوفرة في الأسواق، حيث اشتكى أصحاب السيارات والآليات في كثير من المناطق السورية من ارتفاع الأسعار بعد أن تجاوزت تكلفة تغيير الزيت للسيارة الواحدة 150 ألف ليرة للزيوت المحلية المنشأ وإلى نحو 250 ألف ليرة للزيوت المستوردة.

بالتالي باتت التكاليف التشغيلية للسيارات حملا ثقيلا على أصحابها في سوريا، بالإضافة إلى غلاء أسعارها. ليس هذا فحسب بل يواجه أصحاب المركبات عقبات أخرى، تتمثل بانتشار زيوت السيارات المغشوشة في الأسواق السورية، ما يتسبب بأعطال متعددة للسيارة.

الحكومة ترفع أسعارها؟

أسعار صيانة السيارات، أو حتى سعر السيارة نفسها، باتت تكلف أرقاما مهولة مقارنة براتب الموظف، وذلك بسبب التضخم الجامح الذي تجاوز 800 بالمئة مقارنة بعام 2010 في البلاد، الأمر الذي يجعل امتلاك المواطن لسيارة حلما شبه مستحيل.

ارتفاع كبير في أسعار زيوت السيارات بسوريا- “إنترنت”

في السياق، أكد أصحاب مراكز بيع الزيوت المعدنية في محافظة السويداء أن الارتفاع الكبير في أسعار الزيوت المعدنية بسبب عدم توفير المادة من قبل شركة المحروقات “سادكوب” وحرمانهم منها رغم تجديدهم لتراخيص حصولهم على المادة بداية العام الحالي بتكلفة تزيد على 500 ألف ليرة لكل ترخيص.

إلا أنهم لم يحصلوا إلا على عدد محدد من العبوات ولمرة واحدة خلال الأشهر الخمسة وهو الأمر الذي أدى إلى بقاء بورصة الزيوت بأيدي أصحاب المغاسل والمشاحم الكبيرة على ساحة المحافظة إضافة إلى السوق السوداء للمادة، حسبما توضح صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس.

بدورهم أصحاب المشاحم والمغاسل أكدوا الارتفاع الكبير بأسعار الزيوت واستجرار الجديد منها بأسعار فلكية، في حين لفت البعض إلى أنهم يعملون ضمن الكميات الشحيحة التي يتم توفيرها من قبل شركة “سادكوب”، مؤكدين أن رفع أسعارها في المغاسل والمشاحم جاء من باب الحفاظ على رأس المال في حال اضطروا إلى استجرار كميات جديدة من السوق السوداء بعد نفاد الكميات لديهم.

لذلك فإن شركة “سادكوب” التابعة للحكومة هي التي تسببت في نقص زيوت السيارات في “سوق الصناعة” كما تسمى، وغير مستبعد في ظل هذا الشحّ أن ترتفع أسعار زيوت السيارات والأدوات الأخرى مثل قِطع الغيار وغيرها، خاصة في الأيام المقبلة لاسيما بعد قيام “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية” برفع سعر البنزين مؤخرا.

مطالبات بتوفير المادة

بالعودة إلى أصحاب المشاحم والمغاسل، فقد نوّهوا إلى أن عدم تزويدهم بالمادة من قبل شركة “سادكوب” إضافة إلى نقص السيولة لديهم أدى إلى تراجع عمل كثير من المغاسل والمشاحم، كما فُرض على كثير منهم إغلاق مراكزهم في ظل هيمنة الزيوت المستوردة على الأسواق.

أصحاب مراكز بيع الزيوت وأصحاب المغاسل والمشاحم في المحافظة طالبوا بضرورة توفير المادة من قبل شركة “سادكوب”، ومراقبة أسعار الزيوت المستوردة في الأسواق بما يحد من ارتفاعها الجنوني.

في حين اكتفت “دائرة التجارة في فرع شركة المحروقات”في السويداء، بالقول إنه يتم تزويد مراكز بيع الزيوت المعدنية وأصحاب التراخيص بحسب الكميات الواردة من معمل زيوت حمص مع الإشارة إلى أن الكميات أقل من حاجة السوق.

رئيس “نقابة عمال النفط في اتحاد عمال” السويداء ثائر عزام، أكد بدوره أن مخصصات الزيوت المعدنية وخطة توزيعها مركزية من الإدارة العامة لشركة “سادكوب”، وبناء على مراجعة أصحاب مراكز توزيع الزيوت وأصحاب المغاسل والمشاحم تم التواصل مع المدير التجاري في الإدارة العامة للشركة في دمشق مصطفى حصوية، لتتم متابعة مخصصات مراكز بيع الزيوت المعدنية وأصحاب التراخيص وتأمينها بحسب خطة توزيعها من 20 إلى 25 من كل شهر وضمن الكميات المتوافرة.

بالتالي لم تتعهد الجهات الحكومية هنا بتوفير زيوت السيارات حسب مطالبات أصحاب مراكز بيع الزيوت وأصحاب المغاسل وزيوت التشحيم، بل أكدت أنها ستتوفر حسب الكميات المتوفرة وهو أمر يدعو للقلق حقيقة. إذا لم يتم تأمين الزيوت المحلية، فإن الزيوت المستوردة ستهيمن على الأسواق، وهو ما سيكلف أصحاب السيارات تكاليف مضاعفة، وقد يدفع الكثير منهم إلى التخلي عن سياراتهم، وسط ارتفاع الأسعار في البلاد.

بالنظر إلى هذه الأسعار التي توصف بأنها “خيالية” بالنسبة لمداخيل وأجور السوريين في الداخل، فإنها دون شك ستسبب أعباء إضافية كبيرة على المواطن بالإضافة إلى الأعباء المعيشية الأخرى وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع القوة الشرائية، بالإضافة إلى تهاوي الليرة السورية أمام النقد الأجنبي.

أسعار قطع الغيار

خلال الآونة الأخيرة طال الغلاء أسعار قطع غيار السيارات، وارتفعت بنحو 60 بالمئة. فقد أشار تقرير لموقع “أثر برس” المحلي مؤخرا، إلى أن قطع غيار السيارات لم  تسلم من ارتفاع الأسعار بل أصبحت مرهقة للسائق، إذ باتت السيارة تحتاج إلى تخصيص ميزانية خاصة لإجراء الصيانة وتبديل ما هو تالف.

بعض أصحاب محال بيع قطع غيار السيارات قالوا، إن “القطع شبه مفقودة وتستلزم وقت حتى تصل إلى دمشق إذا طلبها الزبون توصاية؛ أما إذا قرر صاحب السيارة تركيب قطعة مستعملة؛ فتكون بنصف عمر وأقل سعر”.

فيما أضاف آخر يعمل في مجال صيانة السيارات في إحدى ورشات الإصلاح والميكانيك أن “القطع غير متوفرة بسبب ارتفاع أسعار الشحن والدولار وزيادة الطلب، فكل ذلك ساهم في رفع أسعارها، وأيضا طلب قطع محددة من التجار يجعلهم يتحكمون في السعر بحجة عدم توفّرها، أو الوقت الذي تستغرقه، وإمكانية تأمينها”.

هذا ويبدو أن إصلاح السيارات بات يشكّل معاناة مستمرة يواجهها المواطنون مع ارتفاع أجور الإصلاح واختلافها بين فنّيي الميكانيك، خاصة وأن المهنة لا تخضع لرقابة حكومية، ما أدى إلى فوضى وارتفاع أسعار كبيرين في ورش تصليح السيارات أضرت بالمدنيين.

غيار السيارات- “إنترنت”

لذا يرى بعض أصحاب السيارات، أنه نتيجة للتكلفة العالية لصيانة السيارات، بالإضافة إلى ندرة الوقود مثل البنزين والمازوت، أن التخلي عن السيارة هو الحل الأفضل والسبيل الوحيد لهم وسط غلاء الحياة المعيشية الذي بات يحاصر ويرهق جميع المواطنين في سوريا اليوم، فلا يُعقل أن يدفع المواطن خمس أضعاف راتبه بغية تصليح عطل في سيارته.

أسعار السيارات “خيالية”

الحياة في سوريا تتراجع يوما بعد يوم، فالتناقض المعيشي الذي يعيشه السوريون اليوم بات أمرا مرهقا ولا يستوعبه العقل، المثير للدهشة أن تكلفة قطع غيار السيارات القديمة والمتهالكة أصلا قد ارتفعت أيضا إلى أكثر من 500 بالمئة، وهو ما يُعد مخالفا لمعايير السوق بشكل عام، وفق تقارير محلية سابقة.

كما أن أسعار السيارات باتت بـ”العلالي”، فبحسب تقرير محلي نُشر قبل أيام، فإن سعر “كيا ريو” موديل 2010 – 2011 يصل إلى 130 مليون ليرة سورية، وسعر “هيونداي أفانتي” و”كيا سيراتو” موديل 2007-2008-2009 يتراوح سعرها بين 125 – 150 مليون ليرة، وسعر “لانسر” موديل 83 هو 30 مليون ليرة.

أما سعر “المازدا 926″ موديل 83 يصل سعرها إلى 40 مليون، و”مازدا جوهرة 323” يصل سعرها إلى 50 – 60 مليون، أما سعر السيارة نوع “بيجو 405” هو 50 مليون ليرة، بينما سعر “هوندا سوناتا” و”كيا سيراتو” موديل 2020 وصل إلى 800 مليون، منوّها إلى أن موديلات 2010 – 2008 – 2011 هي الأكثر طلبا.

التجار من جانبهم أشاروا إلى أمور مخفية، حيث إن سيارة من نوع “غولف” موديل 76 سعرها 30 مليون ليرة سورية والتي تُعد في الدول المجاورة غير قابلة للاستخدام لكنها موجودة بالسوق بسعر مرتفع ولا يوجد لها قطع غيار وفي حال تعرضت لأي عطل، سيضطر المالك لشراء القطع بسعر مرتفع.

الأرقام الفلكية المرتبطة بأسعار السيارات في السوق السورية أشعلت عاصفة نارية من السخط والاستياء بين السكان. حيث بات أصحاب السيارات أنفسهم يتصارعون مع واقع يبدو أنه يتحدى المنطق والعقل.

لكن انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي يُعد سببا، وهو ما يمكن شرحه من خلال معادلة أن سيارة “هيونداي آفانتي” موديل 2009 ثمنها كان 600 ألف ليرة سورية حين كان الدولار يعادل نحو 50 ليرة أي نحو 12 ألف دولار، ولكن قيمة السيارة ذاتها حاليا أصبحت نحو 150 مليون ليرة، أي ما يقارب 17 ألف دولار، وهي معادلة غير منطقية ومخالفة لأي منطق تجاري؛ لأن السيارة أصبحت قديمة ومستعملة طيلة 15 عاما، ومن المفترض أن يكون ثمنها أقل مما كان عليه في سنة 2009.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات