مع بدء موسم زراعة القطن في سوريا، يتخوف المزارعون في البلاد من غياب الدعم الحكومي، لمساعدتهم في تكاليف الإنتاج، الأمر الذي يسمح لهم بتخفيض سعر المنتج النهائي للمستهلكين، ما يعني إبعاد شبح الكساد والخسارة عنهم.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أفاد ببدء موسم زراعة القطن منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي، لتبدأ معه توقعات الحكومة والفلاحين على حدّ سواء بموسم جيد يؤمن للحكومة ما يكفي من قطن للمستلزمات الصناعية دون الحاجة إلى الاستيراد، وللفلاحين ما يغطي كلفهم وتعبهم على مدى أشهر الزراعة والقطاف.

المزارعون بدورهم ينتظرون تحديد سعر شراء القطن منهم من قبل الحكومة، وذلك بأسعار تسمح لهم بتغطية التكاليف وتحقيق نسبة ربح مُرضية، وذلك بعد عجز الأخيرة حتى الآن عن تقديم مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة، لا سيما المازوت والسماد، حيث اضطر قسم كبير من المزارعين إلى شراء مستلزماتهم بسعر السوق.

تكلفة الزراعة

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإن “الهكتار الواحد من القطن، يحتاج  إلى 3 أكياس سماد سوبر فوسفات و8 أكياس سماد يوريا، علماً أن سعر كيس سماد اليوريا يبلغ في السوق بين 270 – 300 ألف ليرة أي أن الهكتار الواحد يحتاج إلى 2.4 مليون ليرة ثمنا لسماد اليوريا في حين يبلغ سعر كيس سماد سوبر فوسفات نحو 130 ألف ليرة سورية، أي أن الهكتار الواحد يحتاج إلى ما يقارب 520 ألف ليرة”.

مدير مكتب القطن التابع لوزارة الزراعة أحمد العلي، أشار إلى أن التسعيرة التي ستصدر من الحكومة السورية عند القطاف، ستراعي قيمة مستلزمات الإنتاج حسب قوله، مؤكدا أن الخطط الزراعية بما يتعلق بالمساحات المخططة يتم وضعها من قبل وزارة الزراعة حيث تم الاكتفاء هذا العام بزراعة القطن على مشاريع الري الحكومية كونه يحتاج إلى كميات مياه كبيرة.

المساحات المزروعة وفق العلي جيدة، حيث بلغت المساحة في دير الزور 5800 هكتار وفي حلب 5294 وفي الغاب 474 هكتار وفي الرقة 100 هكتار وفي الحسكة 6800 هكتار، مع العلم أن كميات الأقطان المُسلّمة العام الماضي بلغت 14373 طن قائم.

قد يهمك: رفع الدعم سيهز سوريا من جديد.. القرار على طاولة الحكومة؟

زراعة القطن في سوريا انحدرت إلى مستويات قياسية خلال السنوات الماضية، فبعد أن كان محصول القطن في صدارة المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها الاقتصاد، تحولت سوريا من  بلد الوفرة بإنتاج القطن، إلى بلد الندرة والاستيراد.

تراجع كبير

زراعة القطن في سوريا تراجعت إلى هذه المستويات، بسبب عجز الحكومة السورية عن تأمين مستلزمات الزراعة والإنتاج للمزارعين، فأصبحت الزراعة غير مجدية للفلاحين، وسط تكاليف مرتفعة وأسعار منخفضة، حيث بدأ مزارعو القطن يستثمرون في زراعات أكثر جدوى.

من أبرز ملامح تراجع الاهتمام الحكومي بقطاع زراعة القطن، مناقشة الحكومة هذا العام قضية تعليق زراعة القطن في البلاد، ما يعني تهديد قطاع زراعة القطن بشكل كامل، بعد أن تراجعت العام الماضي مساحة زراعة القطن إلى أقل من 10 بالمئة، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام 2011.

مزارعون عملوا سابقا في زراعة القطن، أكدوا أن السياسة المعتمدة في تسعير المحاصيل لم ترقَ لمستوى الحفاظ على المحاصيل الاستراتيجية وهي السبب الأساسي في تدهور قطاعي زراعة القطن والشوندر، كذلك فإن توقف زراعة القطن يعطّل تطبيق الدورة الزراعية المتكاملة، فأصبح القمح المحصول الاستراتيجي الوحيد المعتمد في الخطة الزراعية وتكرار زراعته بالأرض نفسها سيؤدي إلى تراجع مردوديته وبالتالي فشل زراعته هو الآخر.

محصول القطن انحدر خلال السنوات القليلة الماضية إلى نحو 950 طن سنويا فقط، بعد أن كان يتجاوز 700 ألف طن قبل عام 2011، في حين أن كل المعطيات الحالية تشير بمستقبل أسوأ، حيث لا خطط حكومية لإنقاذ المحاصيل التي كانت الحكومة السورية تقول عنها استراتيجية، وتعود بعوائد كبيرة على الاقتصاد السوري.

أحد أبرز أسباب تراجع الاهتمام بزراعة القطن، هي موجات الجفاف التي ضربت البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، لكن أن يصل الأمر إلى مناقشة تعليق خطة زراعة القطن هذا العام، فذلك يؤكد عجز الحكومة عن إيجاد أية آلية من شأنها إنقاذ القطاع الزراعي من الانهيار، خاصة فيما يتعلق بمساعدة المزارعين على تحقيق ربح مُرضي لتشجيعهم على الاستمرار بزراعة أراضيهم بالقطن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات