ضربات عديدة تلقتها سوق العقارات في سوريا خلال السنوات الماضية، آخرها قرار الحكومة السورية رفع أسعار الإسمنت، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول أثر هذا القرار على حركة بيع وشراء العقارات، خاصة وأن البلاد تشهد ركودا غير مسبوق في سوق العقارات منذ سنوات.

وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، أصدرت قبل أيام قرارا يقضي برفع أسعار مبيع الإسمنت المعبأ والفرط، سواء المنتج لدى المعامل والشركات التابعة للمؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء، أو المنتج لدى شركة إسمنت البادية التابعة للقطاع الخاص.

بحسب القرار الذي نقلت تفاصيله صحيفة “الوطن” المحلية، فقد تم تحديد سعر طن الإسمنت البورتلاندي المعبأ عيار 32.5 بـ 700 ألف ليرة، أما عيار 42.5 منه فقد تم تحديده بسعر 784800 ليرة، كما حدد القرار سعر مبيع طن الإسمنت البورتلاندي عيار 32.5 الفرط بـ 613750 ليرة، وعيار 42.5 بـ 692600 ليرة.

هل يؤثر على أسعار العقارات؟

مدير التكاليف والتحليل المالي في وزارة الصناعة إياد خضور، أكد أن رفع الأسعار، جاء بناء على ارتفاع تكاليف الإنتاج، لا سيما أسعار المواد الداخلة بإنتاج الإسمنت، حيث تتأثر المادة إلى حد كبير بأسعار الطاقة من كهرباء وفيول لكونهما يشكلان 61 بالمئة من إجمالي كلفة الإسمنت.

خضور أشار في تصريحات نقلتها الصحيفة المحلية، إلى ارتفاع التكاليف خلال الفترة الماضية، بنسبة بلغت نحو 81 بالمئة،  نتيجة ازدياد أسعار الطاقة والتغيرات في سعر الصرف، “وهذا ما انعكس على التكلفة النهائية لمادة الإسمنت بنسبة 75 بالمئة”، لافتا إلى وجود أربع شركات تتبع للقطاع العام تنتج الإسمنت وشركة واحدة تتبع للقطاع الخاص، ويبلغ إجمالي الطاقات الإنتاجية لهذه الشركات حوالي 3 ملايين طن سنويا.

مراقبون توقعوا ارتفاع أسعار العقارات بعد رفع سعر الإسمنت، لكن خضور لفت إلى أن نسبة الإسمنت من العقار “تعد قليلة لا تتجاوز الـ 5 بالمئة”، لكن أسعار العقارات مرتفعة قبل أن يتم رفع أسعار الإسمنت، لأن أسعارها حالة مزاجية لا ترتبط بشكل كبير بالإسمنت حسب قوله.

ارتفاع سعر الإسمنت، سيؤثر بالتأكيد على تكلفة بناء العقارات الجديد، لكن مختصون اكدوا أن القرار لن يرفع أسعار العقارات المعروضة، وذلك لأن الأسعار الحالية لا تأخذ بعين الاعتبار تكاليف البناء، خاصة في ظل الركود الكبير الذي يعاني منه قطاع بيع وشراء العقارات خلال السنوات القليلة الماضية.

في وقت يحتاج فيه سوق العقار إلى دفعة لإخراجه من حالة الركود التي يعيشها منذ سنوات، ساهمت القرارات الحكومية الخاصة بتنظيم عمليات بيع وشراء العقارات بزيادة معاناة التجار، فضلا عن الانهيار المتواصل لقيمة الليرة السورية، الأمر الذي تسبب بخوف لدى البائعين والمشترينَ على حدّ سواء من إتمام عمليات البيع.

تزامنا مع الركود الحاصل، فإن سوق العقارات يشهد فرقا كبيرا بين العرض والطلب، حيث أن المعروض من العقارات يتجاوز بأضعاف ما هو مطلوب، وهو أحد الأسباب الرئيسية للركود، حيث امتنع معظم البائعين عن البيع بأسعار السوق، خاصة وأن بعض العقارات تم عرضها بسعر أقل من تكلفتها الحقيقية.

أسعار غير حقيقية

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، أشار إلى أن العديد من مُلّاك العقارات، يعمدون إلى رفع أسعار ممتلكاتهم، في محاولة للتغلب على ضغط الركود الحاصل في الأسواق، خاصة وأن بعض المناطق في العاصمة دمشق، كانت أسعار العقارات فيها أقل من تكلفتها الحقيقية.

قد يهمك: تهديد وجود المكاتب العقارية في سوريا.. ما علاقة الإنترنت؟

تقرير الصحيفة أشار إلى انتشار ظاهرة تعبّر عن “خلل حقيقي في الاقتصاد”، وهي ظاهرة الادخار في العقارات من أشخاص لديهم فائض من المال أو أشخاص كانوا يعملون خارج البلاد، لافتا إلى مشكلة واضحة وهي أنه رغم وجود شكاوى من عدد من المواطنين بعدم امتلاكهم عقارا للسكن، ورغم كارثة الزلزال التي حصلت منذ أشهر، نجد أن هناك نسبة كبيرة من العقارات الفارغة.

رغم الارتفاع الكبير في أسعار العقارات مؤخرا، إلا أن قلة الطلب عليها، تؤكد أن الأسعار الحالية أقل من الأسعار الحقيقية، خاصة مع ارتفاع تكاليف البناء والاكساء، إذ تؤكد المؤشرات أن تكلفة اكساء منزل بشكل متوسط يمكن أن تصل إلى أرقام أعلى من سعر العقار.

سعر طن الحديد في السوق على سبيل المثال بحدود 6.3 ملايين ليرة والمتر المكعب من البيتون المجبول بحدود 500 ألف ليرة، وتخضع أسعار هاتين المادتين للأسعار العالمية وتغيراتها وتتأثر بتغيرات سعر الصرف الحاصلة، في حين أن أسعار مواد الإكساء كذلك شهدت تغيرات لكن بنسبة أعلى من تغيرات سعر الصرف الحاصلة.

حكومة دمشق لم تتمكن من دعم قطاع العقارات، بل على العكس حاولت استغلال الحركة المالية في السوق لدعم “البنك المركزي” السوري بالنقد، عبر قرارات عديدة ساهمت بعرقلة عمليات إتمام الصفقات المتعلقة بالعقارات، فكيف ساهمت هذه القرارات بزيادة ركود الأسواق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات