أخيرا، وبعد أربعة أشهر من آخر جلسة نيابية تخص انتخاب رئيس جديد للبنان، حدد رئيس “مجلس النواب” نبيه برّي يوم 14 حزيران/يونيو الجاري، موعدا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فهل هي محاولة ناجحة هذه المرة، أم أن سيناريو الجلسة الثانية عشرة سيكون مشابها للجلسات السابقة. 

الجديد في هذه الجلسة، أن سيناريو النجاح في عقدها وانتخاب رئيس جمهورية للبنان سيكون قويا نوعا ما، ولو من خلال جولة ثانية، لكن في ظل وجود سلطة “حزب الله” فإن العرقلة واستمرار أزمة الرئاسة قد يمكن حدوثها مجددا.

دعوة برّي لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للمنتهية ولايته منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي ميشال عون، جاءت بعد يوم واحد من اتفاق معظم القوى المسيحية والمعارضة وعدد من المستقلين، على ترشيح مسؤول “صندوق النقد” الدولي، جهاد أزعور، لرئاسة لبنان.

من المرشح لرئاسة لبنان؟

أزعور، وزير المالية الأسبق في لبنان، لم يعلن ترشّحه رسميا بعد، لكن معظم القوى المسيحية ومعها المعارضة أعلنت دعمها لترشيحه، في وقت قالت مصادر سياسية، إنه عقد اجتماعات منفصلة مع مختلف الأحزاب وأعضاء “البرلمان” لمناقشة حظوظه في الفوز بالانتخابات.

القوى المعارضة التي تضم حزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”حركة تجدد” ونواب مستقلين و”تغييريين”، كانت قد اختارت منزل مرشحها السابق النائب ميشال معوض الذي أعلن انسحابه لمصلحة أزعور لإعلان تبني المرشح الجديد رسميا، على أن يرتفع عدد المؤيدين له.

في هذا السياق، قال النائب التغييري مارك ضو، الذي تولى إعلان البيان باسم المعارضة أن “ترشيح أزعور ليس للمناورة أو للتكتيك بل للتمهيد لحل حقيقي للأزمة الرئاسية”، مردفا، “توصلنا إلى التقاطع على أزعور كمرشح وسطي وغير استفزازي لأي طرف، وهو على تواصل مع الجميع ويتمتع بفرصة جدّية للوصول إلى الرئاسة والقدرة على مساعدة لبنان في الخروج من الأزمة، وتتوافق عليه كتل المعارضة وكتلة لبنان القوي وبعض النواب التغييريين ومستقلين”.

بحسب ميشال معوض، فإنه سحب ترشحه دعما لأزعور، في وقت سبق وأن حصل أكثر من مرة على أكبر عدد من الأصوات في “مجلس النواب” بالتصويت لاختيار رئيس للبلاد، لكن لم يكتب له النجاح لعدم كفاية عدد الأصوات للفوز بالمنصب.

نواب من المعارضة، قالوا إن التوافق على أزعور قد يساعده في الحصول على 65 صوتا المطلوبة لانتخابه في اقتراع سري في “المجلس التشريعي” المؤلف من 128 مقعدا حتى يتولى المنصب.

قوى المعارضة تعتمد وفق حساباتها، على أصوات 19 نائبا من “القوات اللبنانية” و4 أصوات من “الكتائب”، ومثلها من “حركة التجدد”، و9 أصوات من “التغييريين” و6 نواب من المستقلين، كما تعتمد على ما تعهّد به رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بأن يصوت نواب كتلته الـ 17 لمصلحة أزعور.

ما فرص انتخاب رئيس جمهورية للبنان؟

ضمن هذا الإطار، تبقى الأنظار متجهة إلى كتلتي “الحزب التقدمي الاشتراكي” التي تملك 8 نواب و”الاعتدال” التي لديها 11 نائبا، إذ لم تعلن هاتين الكتلتين موقفهما بعد. 

البرلمان اللبناني يحدد موعدا لانتخاب رئيس الجمهورية/ إنترنت + وكالات

حول ذلك علّق المحلل السياسي اللبناني علي يحيى بالقول، إنه بالرغم من  تحديد رئيس “مجلس النواب” اللبناني نبيه برّي للجلسة 12 لانتخاب رئيس الجمهورية اللبناني الـ 20 منذ عام 1926، وذلك بعد تبلور معطيات جديدة تتعلق بتوافق كتل رئيسية على ترشيح أزعور، وفرنجية، بالتوازي مع تصاعد الانتقادات الداخلية والخارجية بتعطيله المجلس النيابي، فإن الجلسة المقبلة ستكون كما سابقاتها.

بحسب حديث يحيى لموقع “الحل نت”، فإن الجلسة ستذهب إلى حبل مشنقتها بسبب عدم إمكانية توفير غالبية الـ 65 صوتا، وكذلك مع عدم حسم الـ 34 نائبا حتى اللحظة لترشيحاتهم، لاسيما في ظل جدّية كتلتي “امل” و”حزب الله” في عدم تأمين النصاب، وتطيير الجلسة الثانية.

لذا من الصعب على المعارضة تمرير مرشحها، وقد يدفعها هذا لاحقا للتفاوض على اسم توافقي بين أزعور وفرنجية، وهو ما يهدف إليه البعض من ترشيح أزعور كمرشح مناورة، كما يرى المختص بالشأن السياسي اللبناني. 

يحيى لفت إلى أنه، لا شك بأن انتخاب رئيس لجمهورية لبنان يمكن أن ينعكس إيجابيا على البلاد، سياسيا ونفسيا وبالتالي ماليا واقتصاديا، وسياحيا، خصوصا ونحن على أبواب فصل الصيف، بالتالي يمكن الاستفادة من كل ذلك بالتوازي مع إمكانية الاستفادة من المصالحات الإقليمية للانخراط في جهود التعاون الجماعي لمحاولة عكس ساعة الأزمة التي يعيشها لبنان. مبيّنا أن لبنان بحاجة إلى رئيسي حكومة وجمهورية متوافقين فيما بينهما. 

في الدستور اللبناني، المرشح للرئاسة يجب عليه الحصول على أصوات ثلثي المشرّعين في “البرلمان” المؤلف من 128 عضوا، أي 86 صوتا، لكي ينجح في الفوز بالرئاسة من الدورة الأولى من التصويت، وبعد ذلك ستكفيه أغلبية بسيطة لتأمين المنصب، وفي حال جرت جولة ثانية، فالغالبية المطلوبة هي 65 صوتا.

رهان يوم 14 حزيران/يونيو

حتى الآن، كل شيء يسير على ما يرام، لكن ما يعقّد الأمر، موقف الشيعة المتمثل بكتلتي “حزب الله” و”حركة أمل”، إذ يرفض الشيعة ترشيح أزعور، وخصوصا “حزب الله” الذي يدعم مع “أمل”، ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية.

جهاد أزعور مرشح المعارضة لرئاسة لبنان/ إنترنت + وكالات

في هذا الصدد، تضمن بيان المعارضة الذي تم الإعلان من خلاله ترشيح أزعور لرئاسة لبنان، دعوة إلى “حزب الله” و”حركة أمل” للتلاقي على قاعدة أن “الوقت ليس لعقد صفقات سياسية تحت أي ذرائع بل لإنقاذ الوطن، لذلك اليد ممدودة للتلاقي حول هذا الطرح”.

رد “حزب الله” على بيان المعارضة، جاء على لسان عضو كتلة الحزب البرلمانية النائب حسن فضل الله، بقوله، “لن يصل مرشح التحدي والمواجهة إلى بعبدا أيّاً يكن اسمه”، في إشارة إلى أزعور.

في محاولة لحل الأزمة، زار موفد من البطريرك الماروني وهو مطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر الضاحية الجنوبية، والتقى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، واقترح عليه ترشيح أربعة أسماء غير فرنجية وأزعور وفق قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، لكن نصر الله رد بنص العبارة، “المرشحون الأربعة هم فرنجية ثم فرنجية ثم فرنجية ثم فرنجية”.

أمام هذا الخلاف، فإن “حزب الله” قد يلجأ مع “حركة أمل” و”تيار المردة”، إلى تعطيل انعقاد الجلسة عبر كسر النصاب، من خلال إقناع بعض النواب من كتل أخرى، وبالتالي استمرار أزمة الرئاسة، فأي سيناريو سيكون الأرجح، عقد الجلسة وانتخاب الرئيس، أم التعطيل واستمرار أزمة الشغور الرئاسي. هذا ما سيحدده تاريخ ال 14 من الشهر الجاري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات