الطاقة الشمسية في الكويت ما تزال في مراحلها المبكرة، إلا أن المقومات التي تتميز بها البلاد من إمكانات مالية ومساحات شاسعة ونسبة سطوع كبيرة، يمكن أن تساهم في تحقيق إنجاز كبير في التحول إلى الطاقة المتجددة وتعزيز استخدامها كجزء أساسي من استراتيجية المصادر الطاقية في البلاد.

بذلك تحذو الكويت حذو الدول المتقدمة في العالم نحو تطبيقات الطاقة المتجددة للحفاظ على البيئة نظيفة، وللاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأمواج وغيرها اتساقا مع لغة عالمية لتوفير استخدام الوقود الأحفوري وتقليل الانبعاثات التي تضر بالبيئة، وبالتالي المحافظة عليها من خلال تعزيز استخدام الطاقة المتجددة.

الكويت تمتلك مشروعات كبرى في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة، تتبناها الدولة ويشارك فيها القطاع الخاص، وعلى الرغم من ذلك ما زال المتوقع أكبر بكثير، خاصة مع إعلان الدولة الخليجية النفطية تبنيها إستراتيجية لتحقيق الحياد الكربوني منتصف أيار/مايو الماضي، وذلك وفقا لما نقلته منصة “الطاقة” المتخصصة.

مع ازدياد التوجه نحو الطاقة الشمسية في الكويت، عملت الدولة على إعادة تسمية وزارة الكهرباء، لتضيف إلى اسمها كلمة الطاقة المتجددة، في مؤشر مهم على تبني الدولة تحول الطاقة، واعتماد المصادر النظيفة ضمن مزيج الطاقة لديها.

ضرورة الطاقة المتجددة

الكاتب والباحث الاقتصادي أحمد أبو قمر يقول بأن الكويت كغيرها من الدول الخليجية الأخرى تعمل بشكل جاد للمضي نحو الطاقة المتجددة وتبني تحقيق استراتيجية الحياد الكربوني، التي تهدف إلى خفض حجم الانبعاثات الكربونية بنسبه 7.4 بالمئة، حتى أنها وضعت هدف لذلك بحلول عام 2050، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي تعمل عليها الكويت الآن.

المدير العام للهيئة العامة للبيئة الشيخ عبدالله الأحمد الحمود الصباح خلال جولته في مشروع محطة الطاقة المتجددة في الشقايا/وكالات كويتية
المدير العام للهيئة العامة للبيئة الشيخ عبدالله الأحمد الحمود الصباح خلال جولته في مشروع محطة الطاقة المتجددة في الشقايا/وكالات كويتية

أبو قمر يضيف خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة المتجددة تعتبر مجدية اقتصاديا أي من الناحية الاستثمارية، حيث تدر أرباح وعائدات ضخمة إضافة إلى أن الدولة تحقق أهدافها من الحياد الكربوني وتحقيق رؤيتها في توليد طاقة نظيفة، لافتا إلى أن الكويت تتميز بوجود مصدر للشمس والرياح معظم أوقات السنة وهي تعي الأهمية لما تتميز به.

أيضا تعمل الكويت على التنويع الاقتصادي كما باقي دول الخليج لا تريد الاعتماد فقط على إيرادات النفط ومشتقاته وفق أبو قمر، إذ إن “رؤية الكويت 2035” تضمنت مشاريع استثمارية واقتصادية عديدة، كان في طليعتها قطاع الطاقة المتجددة والعمل على تعزيزه، وبالتالي هي تعمل على إيجاد طرق جديدة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة تحت بند التنويع الاقتصادي الذي تقوم عليه خلال الفترة الأخيرة.

في سياق ذلك، تتمتع دولة الكويت من خلال موقعها الجغرافي بدرجة عالية من الطاقة الشمسية، حيث تصل نسبة سطوع الشمس الفعلية خلال فصل الصيف أي من شهر حزيران/يونيو إلى نهاية آب/أغسطس الى 10 ساعات تقريبا أما ما بين آذار/مارس إلى نيسان/أبريل تصل إلى 9 ساعات تقريبا، وبين شهري كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير تصل الى 7 ساعات، فدولة الكويت تتعرض لكمية كبيرة من الإشعاع الشمسي وهي من أشد المناطق حرارة في العالم.

أيضا تسعى الكويت  إلى استغلال هذه الطاقة وتحويلها إلى طاقة كهربائية، حيث تم تركيب ألواح الطاقة الشمسية في عدد من الجمعيات التعاونية في الكويت وفي بعض المنازل، بحسب ما أوردته “الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب” الكويتية.

نمو قطاع الطاقة

تقرير لمنصة “موردور إنتليجنس” البحثية الأميركية رجح نمو قطاع الطاقة الشمسية في الكويت بمعدل نمو سنوي مركب يتخطى 7 بالمئة حتى عام 2027؛ بسبب ازدياد مشاريع الطاقة الشمسية في الكويت، لا سيما مع زيادة التوجه نحو الاستثمار في هذا القطاع، وانخفاض تكاليف هذا النوع من الطاقة.

التقرير نوه بانخفاض تكلفة تركيب الطاقة الشمسية الكهروضوئية من 4 آلاف و307 دولارات أميركية لكل كيلوواط/ساعة في عام 2010، إلى 883 دولارا في 2020، وهي في تراجع مستمر، كما أصبحت التكنولوجيا المعتمدة في التركيب والصيانة أقل تعقيدا، وهذا أسهم في انخفاض تكلفة تركيب الطاقة الشمسية المركزة من 8 آلاف و987 دولارا لكل كيلوواط/ساعة في عام 2010، إلى 4 آلاف و725 دولارا في عام 2020.

الباحث الاقتصادي أحمد أبو قمر يعلق هنا بأن الكويت وضعت هدف لنمو قطاع الطاقة المتجددة، وهذا النمو نراه سنويا بمعدل 7 بالمئة تقريبا نمو مركب في كل ما يتعلق بها، وهذا يدل عل الكويت تتقدم بشكل جيد فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، وفق تعبيره.

من جانبها كشفت وكالة “ستاندرد أند بورز” الأميركية في شباط/فبراير 2023، عن مساعي الكويت إلى خفض انبعاثات الكربون بنسبة 7.4 بالمئة بحلول 2035، مع خططها لزيادة حصتها من مزيج الطاقة في المستقبل، وبحسب مؤشر التحول الإقليمي للطاقة التابع لمجلة “ميد” البريطانية، فقد حلت الكويت في المرتبة السابعة إقليميا بامتلاكها الحد الأدنى من البنية التحتية للطاقة النظيفة، بنسبة 0.5 بالمئة من الطاقة المتجددة المثبتة.

إلى ذلك نقلت صحيفة “الأنباء” الكويتية، في 26 أيار/مايو 2022، عن “ميد” بأن الكويت تمتلك مشاريع للطاقة المتجددة بقيمة 304 ملايين دولار، أو 0.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي قيد التنفيذ، إضافة إلى 7.12 مليارات دولار في المشاريع المخطط لها، وفقا لموقع “الخليج أونلاين”.

تكنولوجيا ذكية

بالتعاون مع شركة سويسرية، يعمل مركز “العجيري العلمي” في الوقت الحالي، على تجهيز تطبيق ذكي للهواتف، يستهدف الاستفادة من الطاقة الشمسية في الكويت لتشغيل الكهرباء بالمنازل والمزارع بالطاقة النظيفة، وفق ما أعلنه مدير المركز يوسف العجيري في شباط/فبراير الماضي.

التطبيق سيعمل على دعم استهلاك الكهرباء وتوفيرها، والحفاظ على البيئة في الوقت نفسه، وهو ما يتناسب مع خطط الدولة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، بحسب ما أوضحه مدير المركز.

لافتا إلى أن التطبيق يقدّم خدماته للمواطنين الراغبين في تحويل الطاقة من منازلهم، من المصادر التقليدية إلى طاقة شمسية، استنادا إلى الموقع الجغرافي المميز للكويت، ونسبة السطوع العالية على مدار العام.

من المقرر أن يوفّر التطبيق الجديد خدمة توجيه المستهلك إلى الموقع المناسب لوضع ألواح الطاقة الشمسية واتجاهها الصحيح، وذلك اعتمادا على الخرائط المكانية ودراسة مستويات السطوع والغبار في الجو، وفق ما أطلعت عليه منصة “الطاقة” المتخصصة.

مشاريع عدة

الكويت افتتحت مشاريع عدة للطاقة المتجددة كان أبرزها، مشروع مجمع “الشقايا” الذي يعد من ابرز المشاريع الاستراتيجية الكويتية، إذ تكمن أهميته من خلال توفير البنية التحتية، واستعمال آخر ما توصل إليه العلم من تكنولوجيا وأبحاث لخدمة البشرية لخلق قطاع جديد في الدولة، وبحسب “الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية” الكويتي، فإن المشروع يوفر فرص عمل جديدة لشباب الكويت والأجيال القادمة، ويعزز مفهوم الاستدامة للمصادر الطبيعية، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد للدولة.

الحقل الشمسي في الكويت/ منشئ الصورة: FAHAD SHADEED‏ 
| 
صاحب حقوق الطبع والنشر: © FAHAD SHADEED/Reuters/Corbis‏
حقوق الطبع والنشر: © Corbis. All Rig
الحقل الشمسي في الكويت/ منشئ الصورة: FAHAD SHADEED‏ | صاحب حقوق الطبع والنشر: © FAHAD SHADEED/Reuters/Corbis‏

المرحلة الأولى من المشروع تتضمن إنتاج ما قدره 70 ميغاواط من الطاقة الكهربائية باستخدام ثلاث تقنيات مختلفة، إضافة إلى 50 ميغاواط متنوعة من الطاقة الضوئية والحرارية وطاقة الرياح، وتتميز حديقة “الشقايا” للطاقة المتجددة باعتمادها على ثلاثة أنواع من تقنيات الطاقة المتجددة؛ الكهروضوئية “بي أف”، والطاقة الشمسية المركزة “سي أي بي”، وطاقة الرياح “دبليو أي”، بسعة إجمالية من المتوقع أن تتجاوز2 غيغاواط، بحسب ما نقله الموقع آنف الذكر.

بحسب القائمين على المشروع، فإنه يتضمن ثلاث مراحل، حيث تم بناء المرحلة الأولى من قبل المعهد كمصنع رائد للتحقق من جدوى الاستثمارات في الطاقة المتجددة، أما المرحلتان المتبقيتان فمفتوحتان للمستثمرين المحليين والدوليين، والمقرر أن ينتج هذا المشروع نحو 180 غيغاواط/ساعة سنويا، ما يسهم في خفض نحو 81 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.

في سياق ذلك دفعت تداعيات “جائحة كورونا” الكويت إلى إلغاء العديد من مشاريع الطاقة، ومن أبرزها مجمع “الدبدبة” للطاقة الشمسية الذي كان من المقرر أن ينتج 1.5 غيغاواط، إلا أنها تخطط لاستئناف العمل بهذه المشاريع الحيوية، خاصة بعد ارتفاع أسعار النفط.

على الرغم من الأهمية الكبيرة للطاقة المتجددة إلا أن الاعتماد عليها بشكل كلي غير كاف، لأن الطاقة الشمسية أو الرياح لا تدوم بشكل مستمر طيلة العام، لذا فأن الطاقة المتجددة تعتبر عاملا مهما ومساندا للنفط ومشتقاته وليست بديلا كليا عنه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات