في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة التي يعيشها السوريون في البلاد، فقد أصبحت تكاليف الدعاوى القضائية حملا ثقيلا على المواطنين، الأمر الذي يدفع الكثير من أصحاب الدعاوى التخلي عن حقوقهم لعدم قدرتهم على تحمّل تكاليف المحامين والسماسرة.

 نتيجة التدهور المتواصل لقيمة العملة المحلية، فإنه لا يوجد قانون يحدد أتعاب المحامين في سوريا عن القضايا المختلفة، حيث تصل في بعض الأحيان أتعاب المحامين إلى ملايين الليرات، وذلك بناء على الاتفاق والتراضي بين الموكل والمحامي.

تقرير لشبكة “غلوبال نيوز” المحلية، أكد نقلا عن محامين سوريين، عدم وجود قاعدة تحكم أتعاب المحامي في القضايا التي يتوكل بها، حيث توجد قضايا تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، فضلا عن الارتفاع المتواصل في التكاليف التي يتكبدها المحامي في الدفاع عن قضية موكّله.

ارتفاع التكاليف على الجميع

المحامون تحدثوا كذلك عن ارتفاع التكاليف والمصاريف التي يُطلق عليها عادة “نثريات”، والتي تتضمن مصاريف السماسرة وتكاليف التنقل وغيرها، حيث إن ارتفاع أسعار السلع والخدمات وبشكل خاص المحروقات، أثّر على جميع تلك المصاريف.

بحسب تقرير الشبكة المحلية، فإن  الدعوى الشرعية تختلف عن الجمركية وعن غيرها، فكل دعوة لها مصاريفها الخاصة، فهناك محامون يتقاضون كحد أدنى على دعوة شرعية ما لا يقل عن 100 ألف ليرة سورية، وقد تصل عند بعض المحامين إلى 2 أو 3 ملايين، وكل ذلك يتم بالاتفاق والتراضي بين المحامي والموكل.

هذا الارتفاع في التكاليف وأتعاب المحامين، جعل فئة واسعة من السوريين يتخلون عن فكرة التوجه للمحاكم للحصول على حقوقهم أو متابعة دعاويهم القضائية، حيث أكد أحمد بصمه جي وهو موظف في المديرية المالية بدمشق، أنه اضطر العام الفائت لرفع دعوة قضائية ضد سائق سيارة عمومي دهس ابنه وأصابه بجروح بليغة إلا أنه تراجع عن الدعوة بعد عدة أسابيع.

قد يهمك: دون أي رقابة.. ارتفاع أسعار عمليات الولادة القيصرية في سوريا

بصمه جي أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “عندما احتجت لمحامي من أجل متابعة الدعوة، طلب مني 5 ملايين ليرة مقابل ضمان كسب الدعوة، لكنني لم أملك هذا المال، للأسف اضطررت إلى التوقف عن متابعة الدعوة وتم حلّ القضية بشكل ودي، وبشكل تنازلت من خلاله عن الجزء الأكبر من حقي وحق ابني”.

فساد السلك القضائي

السلك القضائي في سوريا، يشهد منذ سنوات حالة من الفوضى والفساد، استدعت في بعض الأوقات تدخل الرئيس السوري بشار الأسد، لإصدار بعض القرارات بعزل بعض القضاة المتهمين بالفساد، إضافة إلى العديد من القرارات الأخرى، بينما يؤكد العديد من المختصين عدم جدوى هذه القرارات في ظل انتشار الفساد في السلك القضائي السوري.

أبرز هذه القرارات كانت قبل نحو عامين، عندما أصدر الأسد، مرسومين بتنفيذ عقوبة العزل التي فرضها مجلس القضاء الأعلى بحق قاضيَين، بعد اتهامات لهما بـ”انتهاك القوانين وإخلالهما بمهامهما الوظيفية خلال تأدية عملهما”.

المرسومان لم يوضحا المخالفات أو الأخطاء القانونية التي أدت إلى تنفيذ عقوبة العزل بحق القاضيَين.

عقوبة العزل جاءت بحق القاضي عبد القادر محمد خير سفلو، مستشار استئناف في عدلية إدلب من المرتبة الأولى والدرجة الثانية، وفقًا للمرسوم رقم “299” للعام 2021، وبحق القاضي علاء الدين بن عيسى النايف، رئيس النيابة العامة في رأس العين بعدلية الحسكة من المرتبة الأولى والدرجة الثالثة، وفقًا للمرسوم رقم “300” للعام 2021.

تجدر الإشارة إلى أن السوريين يعانون من هوة كبيرة بين الدخل والإنفاق، ففي حين لا يزيد الحد الأدنى للأجور عن 92 ألف ليرة سورية، ومتوسط الأجور عن 150 ألف، بلغ متوسط معيشة الأسرة المكوّنة من خمسة أفراد أكثر من 5.6 ملايين ليرة سورية والأدنى نحو 3.5 مليون ليرة سورية، وذلك مع انتهاء الربع الأول من عام 2023، بحسب ما نشره مركز “قاسيون” من دمشق مؤخرا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات