في ظل الغلاء المستمر بأسعار اللحوم بمختلف أنواعها، لا سيما اللحوم الحمراء التي تجاوز سعر الكيلو منها الحد الأدنى للرواتب في سوريا، بدأت العائلات السورية البحث عن بدائل أخرى لاستخدامها بصنع وجباتهم اليومية في المنازل.

معظم العائلات السورية أصبح شراء اللحم خارج قدراتها المادية، في وقت شهدت فيه الأسواق انتشارا للفطر، حيث بدأ السوريون يستخدمونه كبديل عن اللحم في الطبخات والوجبات المنزلية، حيث يتم إضافته للخضروات بدلا من اللحم.

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أشار إلى أن الفطر في سوريا “تحول إلى كونه لحم الفقراء، حكما أنه بديل للحم الغنم بعدما تجاوز سعر الكيلو منه 95 ألف ليرة”، وذلك تزامنا مع زيادة الإقبال على زراعته في البلاد، حيث يتم إنتاج ما بين 20-30 كيلو من الفطر بالمتر الواحد المربع في كل دورة.

بديل مناسب للحم؟

خلال العام الماضي زاد إقبال المزارعين على زراعة الفطر، خاصة وأن دورته تمتد فقط من شهرين إلى ثلاثة أشهر، كما أن زراعته وفّر فرص عمل لعشرات الشباب، حيث يُباع الكيلو الواحد منه ما بين 25 إلى 35 ألف ليرة، ويمكن للكيلو الواحد أن يتجزأ إلى عدة طبخات.

“تماما أستخدمه بديلا للحم الأحمر” قالت ربا العليان وهي مدرسة إعدادي تعمل في مدينة حلب وأم لأربعة أطفال، مؤكدة أن انتشار الفطر وتجربته كانت جيدة كون أن طعمه جيد وأسعاره رخيصة جدا مقارنة بأسعار اللحوم الحمراء التي بات شراؤها أمرا مستحيلا.

العليان أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “هو فعلا لحم الفقراء، وطعم لذيذ وفيه عناصر غذائية جيدة جدا، الكيلو منه يمكن صنع ثلاث طبخات ، ويمكن طبخه مع مختلف أنواع الخضار، وخلال الأشهر القليلة الماضية، لاحظت أنه توفر في كثير من المتاجر وضمن جميع الأسواق، اللحم الأحمر أصبحت أسعاره لا تطاق”.

بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن مشاريع زراعة الفطر انتشرت في معظم المحافظات السورية،  ضمن الأماكن المهجورة والأقبية المعتمة حيث وصل العدد الإجمالي للمستفيدين من زراعة الفطر الآن إلى حوالي 500 عائلة، حيث تعد هذه الزراعة واعدة وذات جدوى اقتصادية جيدة للأسرة.

منذ بداية العام الجاري، شهدت أسعار اللحوم الحمراء قفزات كبيرة، حيث وصل سعر كيلو هبرة الخروف وهي أغلى أنواع اللحوم عادة إلى 140 ألف ليرة سورية، في وقت أشار فيه رئيس جمعية اللحامين بدمشق محمد يحيى الخن، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء مؤخرا عائدٌ لسببين رئيسين، أولهما أن الفترة الحالية هي فترة ولادة الأغنام، وبالتالي يمتنع المربّون عن بيع الخروف.

أما السبب الثاني، فهو عزوف المربين عن طرح الخرفان الكبيرة في الأسواق لبيعها، وذلك من أجل تخزينها وبيعها خلال أيام “عيد الأضحى”، لأنها مرغوبة كأضاح خلال فترة العيد، كذلك فإن هناك أسباب أخرى لارتفاع الأسعار كالتهريب الذي يلعب دورا أساسيا في رفع الأسعار، فضلا عن ارتفاع سعر العلف.

أسعار كاوية

بالعودة إلى قائمة أسعار اللحوم في سوريا، فقد وصل سعر  كيلو الخاروف الحي إلى 44 ألف ليرة سورية، ولحمة العجل هبرة خالية من الدهنة إل 85 ألف. هذه الأرقام تسببت بعزوف شريحة واسعة من العائلات السورية عن استهلاك اللحوم في وجباتهم اليومية.

قد يهمك: المستأجر في سوريا.. بين طمع المؤجرين وقلة الخيارات

أصحاب متاجر بيع اللحم، أعربوا عن خشيتهم من استمرار هذا الارتفاع في أسعار اللحوم، وذلك لأنه يؤثر على نسبة البيع لديهم، وبالتالي يعرضهم إلى كساد بضاعتهم إضافة إلى الخسائر المالية، حيث دعا العديد منهم الجهات المعنية إلى تثبيت سعر اللحوم ومراقبة أسواق الماشية التي ما زالت خارج نطاق الرقابة والتسعير المُلزم، والتركيز على تجار المواشي الذين يتحكمون بالأسعار.

مع استمرار ارتفاع أسعار مختلف السلع والمواد الغذائية في سوريا، لجأت الكثير من العائلات السورية ذات الدخل المحدود، إلى خفض استهلاكها من المواد الغذائية إلى حدوده الدنيا، فضلا عن استغناء بعض العائلات عن مواد معينة بشكل نهائي، كاللحوم الحمراء على سبيل المثال واللجوء إلى بدائل أخرى كلحم الدجاج والسمك.

العديد من المواد الغذائية خرجت من قائمة استهلاك عشرات آلاف العائلات السورية، خاصة تلك التي أصبح سعرها بعيدا عن متناول دخل المواطن، كالمكسرات والحلويات الفاخرة وبالطبع اللحوم. هذا الأمر أدى إلى انخفاض الطلب بشكل كبير على هذه المواد، ما يعني تهديدا لخطوط إنتاجها، الأمر الذي يوحي بكساد اقتصادي كامل بسبب انعدام القدرة الشرائية للمواطن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات