ارتفاعات الأسعار في سوريا لم تترك سوقا إلا واقتحمته، فمؤخرا لم ينجو قطاع إيجار العقارات من الارتفاعات الجنونية في البلاد، الأمر الذي أصبح بمثابة الحمل الثقيل على مستأجري المنازل، الذين يتعرّضون لاستغلال من بعض المؤجّرين، إضافة إلى زيادة الطلب بشكل كبير على المنازل مقابل انخفاض كبير في العرض.

بشكل خاص في المدن السورية الكبرى كدمشق وحلب، أصبح إيجاد منزل للإيجار بمثابة مهمة مستحيلة، وحتى مع وجود منزل، فإن الأسعار المعروضة تفوق قدرة السواد الأعظم من الباحثين عن سكن بعدما وصلت نسبة الارتفاع في إجار العقارات منذ بداية العام الجاري إلى نحو مئة بالمئة.

متوسط سعر إيجار الشقة في دمشق، بحسب تقرير نشرته صحيفة “البعث” المحلية، وصل إلى نحو مليون ليرة شهريا في “الأحياء الراقية”، في وقت ارتفعت أسعار الإيجارات في الأحياء الأخرى إلى 500 ألف ليرة شهريا.

معاناة المستأجرين وأصحاب المكاتب

أصحاب المكاتب العقارية اشتكوا بدورهم من معاناتهم في إيجاد منازل للإيجار في ظل ارتفاع معدلات الطلب عليها، إذ إن النسبة المتوفرة من المنازل لا تصل إلى 30 بالمئة من حجم الطلب على منازل الإيجار، فضلا عن الارتفاع المستمر للأسعار.

نصف مليون ليرة سورية يدفعها أحمد البكري، وهو سائق سيارة أجرة يعيش في مدينة حلب، مؤكدا أن المؤجّر زاد من إيجار المنزل قبل شهرين بدعوى ارتفاع الأسعار، في وقت إن تكلفة السكن تستهلك تقريبا كل دخله الشهري.

البكري قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “تقريبا كل دخلي الشهر يذهب إلى المؤجّر، للأسف هناك استغلال من قبل معظم المؤجّرين لحاجة المستأجر، وبسبب قلة العرض في سوق العقارات، نعمل أنا وزوجتي من أجل تحمّل تكاليف الحياة الأساسية، منزلي تدمّر بالحرب وبهذه الأسعار أصبح شراء منزل جديد بمثابة حلم صعب المنال”.

قد يهمك: أقل دعوى قضائية بمئة ألف.. الحق ضايع في سوريا بسبب ارتفاع “الأتعاب”

تقرير الصحيفة المحلية نقل عن صاحب مكتب عقاري، تأكيده عدم وجود قانون في سوريا، يحدّد مستوى الإيجار، حيث إن تأجير العقارات المعدّة للسكن بعد عام 2001 تخضع لإرادة المتعاقدين، مشيرا إلى أن المادة الأولى من القانون رقم 6 لعام 2001 نصّت على أن تأجير العقارات المعدّة للسكن أو الاصطياف أو السياحة أو الاستجمام، أو المأجورة من الدوائر الرسمية أو المنظمات الشعبية أو النقابات على مختلف مستوياتها تخضع لإرادة المتعاقدين. 

كما نصّت المادة السادسة من هذا القانون على أن ادّعاء المستأجر بالغبن أو غلاء الإيجار لا يعفيه من دفع المبلغ الواجب دفعه للمؤجّر، كما يسمح القانون للمستأجر الذي يدّعي الغبن بالأجرة بالتظلم مرة واحدة كل 3 سنوات، ويسمح له بالادّعاء بالفترة التي تبدأ من تاريخ العقد أو من تاريخ الاتفاق الخطيّ على تعديل الأجرة.

نتيجة الارتفاع والفوضى في أسعار الإيجارات، فإن كثيرا من المستأجرين فضّلوا العودة إلى مناطقهم والسكن في منازلهم بغضّ النظر عن واقعها الخدمي السكني، وخاصة مع الارتفاع المستمر بقيمة الإيجارات، هذا عدا عن قصر فترة الإيجار لثلاثة أشهر وذلك لحرص المؤجر على مواكبة الواقع المعيشي وارتفاع الأسعار.

سوق العقارات في سوريا يشهد منذ سنوات حالة من الركود نتيجة ارتفاع الأسعار وقلة الطلب على الشراء، ففي وقت يحتاج فيه سوق العقار إلى دفعة لإخراجه من حالة الركود التي يعيشها منذ سنوات، ساهمت القرارات الحكومية الخاصة بتنظيم عمليات بيع وشراء العقارات بزيادة معاناة التجار، فضلا عن الانهيار المتواصل لقيمة الليرة السورية، الأمر الذي تسبب بخوف لدى البائعين والمشترينَ على حدّ سواء من إتمام عمليات البيع.

تزامنا مع الركود الحاصل، فإن سوق العقارات يشهد فرقا كبيرا بين العرض والطلب، حيث أن المعروض من العقارات يتجاوز بأضعاف ما هو مطلوب، وهو أحد الأسباب الرئيسية للركود، حيث امتنع معظم البائعين عن البيع بأسعار السوق، خاصة وأن بعض العقارات تم عرضها بسعر أقل من تكلفتها الحقيقية.

أسعار غير حقيقية

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، أشار إلى أن العديد من مُلّاك العقارات، يعمدون إلى رفع أسعار ممتلكاتهم، في محاولة للتغلب على ضغط الركود الحاصل في الأسواق، خاصة وأن بعض المناطق في العاصمة دمشق، كانت أسعار العقارات فيها أقل من تكلفتها الحقيقية.

تقرير الصحيفة أشار إلى انتشار ظاهرة تعبّر عن “خلل حقيقي في الاقتصاد”، وهي ظاهرة الادخار في العقارات من أشخاص لديهم فائض من المال أو أشخاص كانوا يعملون خارج البلاد، لافتا إلى مشكلة واضحة وهي أنه رغم وجود شكاوى من عدد من المواطنين بعدم امتلاكهم عقارا للسكن، ورغم كارثة الزلزال التي حصلت منذ أشهر، نجد أن هناك نسبة كبيرة من العقارات الفارغة.

رغم الارتفاع الكبير في أسعار العقارات مؤخرا، إلا أن قلة الطلب عليها، تشير أن الأسعار الحالية أقل من الأسعار الحقيقية، خاصة مع ارتفاع تكاليف البناء والاكساء، إذ تؤكد المؤشرات أن تكلفة اكساء منزل بشكل متوسط يمكن أن تصل إلى أرقام أعلى من سعر العقار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات