وظيفة شرطي المرور في سوريا، دائما ما كانت مادة لإثارة الجدل في الشارع السوري، وذلك نتيجة الشائعات التي تكون ربما في غالبيتها صحيحة، والمتعلقة بفساد معظم مَن هم في موقع ومنصب شرطي المرور.

لكن التركيز على فساد شرطي المرور يفسّره خبراء، بأنه نتيجة عجز معظم السوريين عن مهاجمة الفاسدين الكبار، فيلجؤون إلى شرطي المرور الضعيف، وقد عززت هذه الفكرة أن معظم المسلسلات السورية التي في الغالب عندما كانت تريد التطرق للفساد في البلاد، كان شرطي المرور أول أهدافها.

منذ سنوات طويلة وسوريا تعاني من أزمة مرور خانقة، وكوادر المرور تكاد لا تملك أي خطة أو آلية لتحسين الوقع المروري في البلاد، الأمر الذي يسبب كثيرا من المواقف والمشادات الكلامية بين عناصر شرطة المرور والسائقين في شوارع المدن السورية.

اعتداء على شرطي مرور

خلال الساعات الماضية سبّب تسجيل مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، جدلا واسعا بين السوريين، حيث يُظهر التسجيل اعتداء صاحب سيارة مدنية على شرطي مرور، وذلك في أحد شوارع العاصمة دمشق، حيث انقسم آراء المعلّقين على التسجيل المنتشر.

التسجيل وبحسب ما نشرت إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، تم تصويره تحت جسر فيكتوريا في العاصمة دمشق، حيث يظهر رجل حاول الاعتداء بسيارته على شرط المرور، وذلك بعدما أوقف الشرطي السيارة لعدة دقائق لأسباب مجهولة، الأمر الذي تسبب تقريبا بإغلاق الشارع وعرقلة السير.

الإذاعة المحلية علّقت على التسجيل بالقول “مقطع فيديو من أسفل جسر فيكتوريا بدمشق قبل قليل، يظهر فيه تهجّم أحد السائقين على شرطي مرور يقف أمام السيارة، رافضا السماح لها بالحركة لحين وصول الضابطة فيما يظهر السائق محاولا المرور وإبعاد الشرطي بالقوة”.

التسجيل المنتشر آثار موجة من التعليقات، وقد انقسمت الآراء بين من يهاجم الرجل الذي كاد أن يدهس الشرطي، وبين من يُلقي اللوم على شرطي المرور، وكل الآلية التي تعمل بها كوادر المرور في سوريا، والتي غالبا ما تساهم في عرقلة السير بدلا من تنظيمه وتسهيل حركة السائقين.

قد يهمك: 150 ألف ليرة لركن سيارة في دمشق.. رحلة شاقة في شوارع العاصمة

حسابٌ يحمل اسم علاء شعبان قال، “يعني في موقع بيقدر اي بني آدم يفوت عليه ويشوف وضع السيارة، اذا السائق ماعم يهدد السلامة العامة ليش واقفله متل العصابات، ينظم مخالفة بحقو بالمخالفة يلي عاملها وخلص…كمان يعني مو منطقي راكضين على لم عملة وسحب أوراق وبدن السائق يراجع فرع المرور يشتغل معاملة طويلة عريضة ليجيب وراقه وشي بدن يخالفوا عطفاية الحريق شي عالفيميه علما انن عم يعطو رخصة اذا بتدفع مصاري، والكل بيعرف انو السماح بموجب قرار بشي مانعه القانون -بس لانو معك تدفع”.

من جانبه علّق يونس ديب على التسجيل قائلا، “أحد السائقين!!!، من نوع السيارة ببين معنا أنو صاحب هالسيارة من اللي مفكرين البلد مزرعة اللي خلفهن وكما يبدو معهن حق”، أما غيث عدرا، فقال معلِّقا على الفيديو، “مجتمع بحاجة إعادة تأهيل.. و شرطة المرور لازم يكون معه سلاح ومسموح يستخدمه.. صاحب السيارة إذا بكون وزير لازم ينسجن هاد شرطي بمثل القانون و الدولة”.

شرطي المرو دائما ما كان هدفا لمعظم المسؤولين السوريين وأقربائهم وأصدقائهم، خاصة عندما يحاول تنفيذ القانون، بوجه هؤلاء الأشخاص الذين اعتاد معظمهم منذ سنين، على عدم الالتزام بقواعد المرور في البلاد مستغلين مناصبهم أو مناصب معارفهم.

تجدر الإشارة إلى أن مديريات المرور في البلاد، غالبا ما تتعرض لاتهامات تتعلق بفشلها في تنظيم السير وتسهيل حركة السائقين في المدن السورية، ذلك في وقت تشهد البلاد أزمة مرور منذ سنوات طويلة، دون وجود خطة واضحة لحلّها أو التخفيف من حدتها.

أزمة قديمة متجددة

أزمة المواصلات والمرور في عموم المدن السورية وتحديدا في العاصمة دمشق، هي أزمة قديمة جديدة فشلت الحكومة السورية على مدار 20 عاما في حلّها أو التخفيف من حدتها، فكانت الخطط التي تضعها وزارة النقل، بمثابة خطط لإضافة المزيد من التعقيد لأزمة المواصلات في سوريا.

فالحرب التي شهدتها سوريا مؤخرا وما تبعتها من أزمات ليست أبرزها الأزمة الاقتصادية، لم تكن السبب الرئيسي لأزمة المواصلات المتفاقمة في البلاد حاليا، إذ تؤكد التقارير المتخصصة، أن جميع الخطط الحكومية منذ عام 2000 حتى الآن، فشلت في تحسين واقع المواصلات.

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية قبل أيام، اعتبر أن أزمة النقل الداخلي في سوريا وتحديدا في دمشق، هي من الأزمات المتوارثة ودائمة التفاقم، مشيرة إلى أن معظم الحلول التي وضعتها الحكومة على مدار السنوات الماضية كانت أسبابا في مشاكل إضافية.

وبعيدا عن مشكلة ركن السيارات، وخلال السنوات القليلة الماضية زادت أسباب تفاقم أزمة المواصلات، وذلك نتيجة ندرة المواد النفطية وارتفاع أسعارها، فضلا عن الآليات العديدة التي أقرتها الحكومة لتوزيع المحروقات بأسعار مدعومة لأصحاب آليات النقل العامة، الأمر الذي أفضى إلى ظهور مشاكل جديدة في عمل سائقي وسائط النقل.

نظرة الشارع لشرطي المرور دائما ما كانت سلبية بسبب الشائعات التي تدور حوله، كذلك فإن شرطي المرور دائما ما يتعرض للاعتداء من قبل المسؤولين أو أقربائهم، فالمسؤولين أو “المدعومين” في سوريا اعتاد معظمهم على عدم الالتزام بقواعد المرور في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات