يوما بعد آخر تتسع رقعة الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة في سوريا، والتي بدأتها السويداء يوم السادس عشر من شهر آب/أغسطس الجاري، تنديدا بالقرارات الحكومية التي ساهمت بتفاقم أزمة الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات.

مناطق سورية جديدة انضمت اليوم الجمعة إلى الاحتجاجات الشعبية، كما شهدت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة مظاهرات شعبية، تضامنا مع مطالب الأهالي في السويداء ودرعا، فيما شهدت المدن الكبرى كدمشق وحلب استنفارا أمنيا غير مسبوق، فيما يبدو أن هناك قلق حكومي من توسع رقعة الاحتجاجات.

مدينة السويداء شهدت استمرارا للتظاهر، حيث خرج العشرات من أهالي المدينة في مظاهرة ضمن ساحة “الكرامة”، ندد خلالها المتظاهرون بالسياسات الحكومية في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، كما طالب المحتجون برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

اتساع رقعة التظاهر

تزامنت مظاهرة المدينة مع أخرى نُظّمت في بلدة القريا أمام ضريح سلطان باشا الأطرش، نادى خلالها المشاركون بالتأكيد على استمرار مطالبهم، كما رفعوا لافتات تطالب بالمعتقلين ومحاسبة الفاسدين من رجال السلطة.

في مناطق سيطرة المعارضة أيضا، شهدت مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، مظاهرة شارك فيها المئات من أبناء مختلف المحافظات السورية، ورفعوا لافتات تضامنا مع مطالب الأهالي في الجنوب السوري، كما ناد المتظاهرون برحيل الرئيس السوري عن السلطة.

كذلك خرجت مظاهرات في مناطق متفرقة بالرقة، إذ سُجّل خروج المتظاهرين في مدن الرقة والطبقة وتل أبيض، تضامن خلالها المشاركون مع الحراك في السويداء وطالبوا بإسقاط السلطة في دمشق ورئيسها. المظاهرات امتدت أيضاً إلى محافظتي دير الزور والرقة، إذ خرج العشرات من أبناء بلدات العزبة وأبو حمام والجرذي والشحيل في مظاهرات داعمة للحراك في السويداء ودرعا.

في دمشق وحلب شهدت العديد من أحياء المدينتين، استنفارا أمنيا غير مسبوق، خشية أن يشهد يوم الجمعة مظاهرات مماثلة لما يحصل في السويداء، وأكدت مصادر لموقع “الحل نت”، أن أحياء الكلّاسة والفردوس وسيف الدولة في حلب، شهدت انتشارا أمنيا واسعا، لا سيما أمام الجوامع بعد صلاة الجمعة.

الخوف من انتقال التظاهرات إلى مدينة حلب، يمكن تفسيره من عدة جوانب، أولا الكثافة السكانية الموجودة في حلب، إذ إن السلطات السورية تدرك تماما أن قواتها الأمنية لا تبدو بنفس وتيرة القوة التي كانت عليها عام 2011، حيث استطاعت حينها فرض السطوة الأمنية على حركات التظاهر في المدينة عبر نشر قوات الأمن وما يُعرف بـ”اللجان الشعبية” لقمع التظاهرات الشعبية.

أما الجانب الآخر بحسب ما يقول أدهم المنوال (اسم مستعار لناشط حقوقي)، فيتمثل بكون حلب هي من المدن الكبرى في سوريا، ورغم الانهيار الاقتصادي التي تعاني منه البلاد، فإن تصاعد أي توتر في حلب قد يهدد ما تبقّى من الاقتصاد السوري.

المنوال أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “طبيعي أن يكون هناك إرباك حكومي من هذه الأنباء، حلب ودمشق مدينتان كبيرتان، وانتقال الاحتجاجات إليهما سيُربك الحكومة، السلطة السورية لا تمتلك ذات الإمكانيات التي كانت تمتلكها عام 2011، احتمالٌ أنها عاجزة أصلا عن تمويل أجهزة الأمن السورية كما السابق، لذلك من الطبيعي أن تخشى على حلب وبدرجة أعلى ربما دمشق”.

الاحتجاجات التي بدأت في السويداء، لا تتوقف منذ يوم السادس عشر من شهر آب/أغسطس الجاري، بل إن المدينة تشهد يوما بعد آخر اتساعا لرقعة التظاهر والمشاركة من قبل الأهالي، احتجاجا على تردي الوضع المعيشي، خصوصا بعد القرارات الحكومية الأخيرة، التي أفضت إلى تفاقم معاناة الأهالي على كافة المستويات.

مع غياب أي رؤية حكومية، لتقديم حلول من شأنها أن ترضي المحتجين في السويداء، بدأ بعض الناشطين بالتخوف من تصعيد محتمل ضد الأهالي في المدينة، خاصة وأن التصعيد الأمني يبدو أنه الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

إضراب مستمر

منذ يوم الأحد الماضي، أخذت الاحتجاجات في السويداء منحىً تصاعديا، خصوصا بعدما أعلن المحتجون عن “إضراب عام”، شمل المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والتعليمية، كما وصل الأمر في بعض المناطق إلى إغلاق الطرق الرئيسية التي تربط القرى والبلدات مع بعضها ومع مركز المدينة.

الاحتجاجات خلال الأيام الماضية، لم تقتصر على السويداء، إذ أكدت مصادر محلية أن العشرات من أهالي مدينة داعل في ريف درعا خرجوا في تظاهرة الإثنين احتجاجا على السياسات الحكومية، خصوصا المتعلقة بالاقتصاد.

هذه الانتفاضة المفاجئة تأتي في ظل تدهور اقتصادي، زاد من حالة الغضب والإحباط لدى سكان المحافظات السورية، الذين يشعرون بالإهمال والظلم من قرارات السلطات. فما هي خلفية هذه التطورات، وما هو دور المجتمع المدني والفعاليات الشبابية في تنظيمها، وما التداعيات المحتملة على المشهد السوري بشكل عام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات