تزامنا مع أزمة المحروقات المتفاقمة في سوريا، ظهرت مشكلة جديدة في أسطوانات الغاز الموزعة على الأهالي، تتعلق بوجود أعطال تقنية في الأسطوانات قد تهدد سلامة العائلات عند تركيب الأسطوانة داخل المنازل.

الفئة الأوسع من العائلات السورية، تواجه صعوبات جمّة في تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء والوقود والكهرباء، ومن بين هذه الاحتياجات، تبرز أسطوانة الغاز المنزلي التي تُعتبر مصدرا رئيسيا للطّهي والتدفئة في الشتاء، لكن هذه الأسطوانة أصبحت سلعة نادرة ومكلفة، لكن أن تصبح خطيرة على حياة السوريين ذلك ما دفع جهات محلية لدق ناقوس الخطر.

شكاوى عديدة نقلتها تقارير محلية خلال الأيام الماضية، حول توزيع أسطوانات غاز على الأهالي ويوجد بها أعطال في صمامات الأمان، حيث  يتم اكتشافها بعد أن يتم استلامها من المعتمدينَ، فقد تفاجأ عدد من السوريين من تسريب الغاز من الأسطوانة رغم إغلاق صمام الأمان.

قلق الأهالي

هذا الأمر سبب قلقاً واسعا لدى الأهالي، لا سيما فيما إذا أرادوا الحصول على أسطوانة جديدة، فيما لجأ البعض إلى أخذ الأسطوانة عند مختصين للتأكد من تطبيق قواعد السلامة قبل إدخالها لمنزله، وذلك لما قد تشكّله من خطرا على أفراد عائلته.

بدوره أوضح رئيس جمعية الغاز بمحافظة ريف دمشق عدنان برغش، أن الجمعية تردها الكثير من شكاوى المواطنين بخصوص وجود عطل بصمّام الأسطوانة، لافتا إلى وجود أعداد كبيرة من أسطوانات الغاز التي تحتاج لاستبدال صمّاماتها القديمة “والتي أكل الزمن عليها وشرب” حسب تعبيره.

في تصريحات نقلتها منصة “غلوبال نيوز” المحلية، طالب برغش المعنيين بقطاع المحروقات، بزيادة أعداد صيانة أسطوانات الغاز التالفة واستبدال الصمامات، إذ من المفترض بأن يتم شهرياً صيانة نحو 10 آلاف أسطوانة، إلا أن ذلك الأمر مستحيل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والعقوبات الغربية المفروضة على بلدنا.

“الأسبوع الماضي أخذت الأسطوانة إلى الحدّاد قبل إدخالها للمنزل”، قال محمود العبدو وهو أب في عائلة مكونة من ستة أفراد ويعيش في دمشق، مؤكدا أن أسطوانات الغاز باتت تشكّل خطرا على المنازل بسبب انتشار الأعطال فيها.

العبدو، أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “أخذت الأسطوانة إلى الحدّاد لفحصها، وبعد التأكد أنها سليمة بشكل كامل أخذتها للمنزل، الأسبوع الماضي كان هناك حريق لكنه بسيط في المنطقة بسبب عطل الأسطوانة، وأسمع عن العديد من حالات التسريب بسبب عدم التأكد من سلامة الصمّام”.

أسطوانة الغاز المنزلي في سوريا تمثّل جزءا أساسيا من حياة المواطنين، إذ تُستخدم لتوفير الطاقة اللازمة للطهي والتدفئة في المنازل، لكن مع تغيرات في الأسعار والسياسات الحكومية، أصبحت هذه الأسطوانة حاجة تحمل تكلفة باهظة للعديد من الأُسر الفقيرة.

سلسلة ارتفاعات

منذ بداية العام الحالي، شهدت سوريا عدة زيادات في سعر أسطوانة الغاز المنزلي، وهو ما أثّر بشكل كبير على ميزانيات الأُسر وجودة معيشتهم، فتكلفة أسطوانة الغاز الباهظة تعني أن العديد من الأُسر يجدون أنفسهم في مأزق مالي، حيث يضطرون إلى تقليل استخدام الغاز أو البحث عن بدائل أخرى للطهي والتدفئة، وهذا يجعل الحياة أصعب بالنسبة لهم، خصوصا في فصل الشتاء البارد.

بموازاة المحروقات التي ارتفعت أسعارها هذا العام لما يقارب من نسبة 100 بالمئة، كانت وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، قد أصدرت نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، قرارا برفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي بالسعر الحر من داخل وخارج البطاقة “البطاقة الذكية” إلى 75 ألف ليرة سورية، كما رفعت سعر أسطوانة الغاز الصناعية من داخل وخارج البطاقة إلى 150 ألف ليرة.

هذا القرار هو الثالث على التوالي خلال عام 2023، حيث حدّدت لجنة الأسعار في محافظة دمشق، في 24 أيار/مايو الفائت، سعر أسطوانة الغاز المنزلي الموزع عبر “البطاقة الذكية” لوزن عشرة كيلوغرامات بـ 16 ألف و500 ليرة سورية للمستهلك، بدلا من 11 ألف و500 ليرة، كانت قد حددتها في 13 من آذار/مارس الماضي.

كما رفعت المحافظة سعر أسطوانة الغاز المنزلي “الحر” خارج “البطاقة الذكية” في المدة نفسه إلى 51 ألف و500 ليرة سورية، بدلا من 32 ألف ليرة.

إنتاج الغاز الطبيعي في سوريا لا يزيد سنويا، بحسب بيانات وزارة النفط والثروة المعدنية، على 4.5 مليار متر مكعب، بمعدل إنتاج يومي بلغ 12.5 مليون متر مكعب، منها 12 مليون متر مكعب يوميا من الغاز النظيف، وهو ما تسبب بزيادة معاناة السوريين بالحصول على الغاز المنزلي، بعد اعتماد تسليمه عبر “البطاقة الذكية”.

خلال السنوات القليلة الماضية عمدت الحكومة السورية إلى رفع أسعار المحروقات من حين لآخر، بحجة الأسعار العالمية للمادة، بينما لم ترفع بالتوازي قيمة الرواتب، الأمر الذي شكّل فجوة واسعة بين مستوى الأجور والواقع المعيشي الذي أثقل كاهل المواطنين في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات