خلال الأيام القليلة الماضية، عمدت بعض الصفحات الإلكترونية على الإنترنت المساندة للسلطة السورية، إلى الإساءة للمتظاهرين في السويداء وتحديدا النساء المشاركات في التظاهرات المستمرة منذ أكثر من 50 يوما وتطالب بالتغيير السياسي وفق القرارات الأممية المتعلقة بسوريا.

في الأثناء واصل المحتجون في مختلف قرى وبلدات المحافظة تظاهراتهم للتأكيد على المطالب ذاتها، وعلى استمرارية الحراك، حيث لم تغب التظاهرات عن محافظة السويداء ليوم واحد منذ السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي، فضلا عن الوقفات المسائية التي ينظمها الأهالي بشكل دوري.

أمس الثلاثاء شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، مظاهرة شارك فيها عشرات الأهالي المطالبين بتطبيق قرار مجلس “الأمن الدولي” رقم 2254، كما رفعوا لافتات طالبوا من خلالها بتقديم جميع المتّهمين بجرائم حرب إلى المحاكم الدولية.

صور المعتقلين

كذلك فإن العديد من صور المعتقلين في السجون السورية كان لها حضور في مظاهرات أمس، حيث رفع المحتجون صورا لبعض المعتقلين مطالبين بالإفراج عنهم أو تقديمهم للمحاكم العادلة، كذلك فقد تمّ التذكير بضحايا التعذيب الذين قضوا في مراكز الاعتقال المختلفة، ورفعوا صور الضحايا مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن التعذيب.

التظاهرات كالعادة شهدت مشاركة واسعة من قِبل الرجال والنساء، الذين ردّوا على الإساءات التي خرجت خلال الأيام الماضية ضد المتظاهرين المطالبين بحقوقهم في السويداء، كذلك فقد أكد المحتجون أن التظاهرات يوميا تجمع جميع فئات أهالي السويداء، المتّفقين على ضرورة تحقيق مطلب التغيير السياسي.

“تابعت ما تنشره بعض الصفحات ولا أعيرها الكثير من الاهتمام”، قالت ميساء حصري وهو اسم مستعار لناشطة في السويداء، مؤكدة أن التظاهرات في السويداء لا تفرّق بين النساء والرجال، خاصة وأن الساحات تشهد بشكل يومي تظاهرات من مختلف فئات المجتمع.

قد يهمك: فوضى وارتفاع في الأسعار.. الحكومة فشلت في ضبط إنتاج زيت الزيتون في سوريا؟

حصري، أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “أمس رأيت الفيديو المنتشر، يبدو أنهم لا يعلمون أننا نشارك في المظاهرات إلى جانب إخوتنا وأزواجنا وآبائنا، العوائل بأكملها تأتي للتظاهر، فالمطالب وحدها والهدف واحد، والدليل هي الصور والتسجيلات المصورة التي تنتشر يوميا في السويداء”.

تهجّم على نساء السويداء

على الصفحات الموالية للسلطة، خرجت بعض الأصوات التي تهاجم النساء المشاركات في التظاهرات، حيث تشهد احتجاجات السويداء منذ اليوم الأول، مشاركة واسعة من قِبل النساء ومن مختلف فئات المجتمع.

صفحات موالية تداولت أمس الثلاثاء، تسجيلا مصورا يُظهر تهجّم بعض الإعلاميات المواليات لدمشق على النساء المشاركات في مظاهرات السويداء، وبحسب ما نشرت صفحة “شبكة أخبار اللاذقية”، هاجمت ناشطات مواليات متظاهرات السويداء ووصفتهن بـ”الشاردات”.

بحسب التسجيل الذي نشرته الإعلامية نهلة السوسو، فقد أبدت استغرابها من عدم وجود مَن يُسكت النساء المتظاهرات في السويداء، وأضافت “أما من رجل عاقل محترم يضب الشاردات في ساحة السويداء؟.. أنا لستُ نسوية ولم أكن ولن أكون.. وأؤمن أن حياء المرأة وهيبتها لا تكون إلا أمام الرجل، بل إن هيبة الرجل نفسه تضيع بوجود مثل هؤلاء الناقصات”.

منذ بدء المظاهرات الشعبية في محافظة السويداء في السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي، تسعى السلطة في دمشق إلى اختراق الاحتجاجات عبر وسائل عديدة بعيدة عن العنف، حيث استبعدت السلطة التعامل مع المظاهرات باستخدام القوة حتى الآن، تجنّبا للتصعيد مع الأهالي.

كذلك فقد استخدمت السلطة وسائل إعلامها لمهاجمة المتظاهرين، واتهامهم في بعض الأحيان بالسعي للانفصال عن سوريا، الأمر الذي فشلت به بعدما أكد المتظاهرون خلال وقفاتهم ولافتاتهم على وحدة الأراضي السورية وعدم وجود أي مطلب يتعلق بالانفصال.

الاحتجاجات في السويداء بدأت تأخذ أشكالا عدّة، فبالإضافة للمظاهرات التي تشهدها المحافظة خلال أوقات النهار، عمد ناشطون إلى تنظيم وقفات احتجاجية خلال أوقات المساء للتأكيد على مطالبهم، والاستمرار في المظاهرات حتى تحقيق هذه المطالب.

الانتفاضة في السويداء، أربكت السلطات في دمشق التي ما تزال تبحث عن طريقة لمواجهة هذه الاحتجاجات، خاصة في ظل عدم توجه الحكومة لمواجهة الاحتجاجات باستخدام العنف، فبدأت تلجأ لأساليب أخرى، كخلق حالة موالية له في شوارع المحافظة الجنوبية.

• حربٌ سيبرانيّة.. كيف حاولت إيران اختراق 200 ألف موظف في الوزارات الأميركيّة؟
• الزنداني ونشر الخرافة في السياسة والدين والعلم
• فصائل سنيّة وقوميّة سوريّة و”القسّام” في جنوب لبنان.. والمايسترو “حزب الله”!
• مواقف فرنسا ضد روسيا.. الأسباب والتداعيات
• التضخم يبتلع الاقتصاد السوري.. ما علاقة الدولار الجمركي والبنك “المركزي”؟