لا مفاجآت، وتنفيذا لما ورد في دستور إيران، أضحى محمد مخبر رئيسا مؤقتا للبلاد، وهذا الأخير، استوزر علي باقري وزيرا للخارجية، على خلفية مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق لهما، إثر حادثة تحطم المروحية الرئاسية، أمس الأحد، والعثور عليها صباح اليوم، وإعلان وفاة كل من فيها.

في الدستور الإيراني، فإنه في حال وفاة أو استحالة قيام الرئيس الإيراني، بمهامه على رأس هرم السلطة، يتولى نائبه الأول، مهام قيادة البلاد، إذا وافق المرشد الأعلى على ذلك، وهءا ما حصل فعلا، إذ صادق المرشد الإيراني علي خامنئي، على توكيل مهام الرئاسة إلى مخبر.

مخبر عليه الترتيب لإجراء انتخابات رئاسية بغضون 50 يوما، إذ تنص المادة 131 من الدستور الإيراني، الذي صدر عام 1989، على أن يكون النائب الأول للرئيس مسؤولا عن ترتيب الانتخابات بالتنسيق مع رئيسي السلطتين القضائية والتشريعية. 

مخبر على لائحة العقوبات

ولد محمد مخبر في 1 أيلول/ سبتمبر 1955، في دزفول بمحافظة خوزستان، حيث كان والده رجل دين معروف، وتلقى تعليمه الابتدائي في دزفول والأهواز، ثم حصل بعد ذلك على الدكتوراه في القانون الدولي، ويبلغ اليوم من العمر 69 عاما.

عمل مخبر عقب تخرجه، ضابطا في الهيئة الطبية التابعة إلى “الحرس الثوري” خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، ليصبح في التسعينيات، رئيسا تنفيذيا لشركة “دزفول للاتصالات”، قبل أن يعين نائب حاكم محافظة خوزستان.

ثم عينه رئيس مؤسسة “مستضعفان” آنذاك، محمد فورو زانده، نائبا للرئيس التجاري للمؤسسة، وهي مؤسسة ضخمة تابعة للمرشد الأعلى، بعد أن تأسست بعد الثورة الإيرانية في عام 1979.

فيما بعد، أصبح مخبر رئيسا لمجلس إدارة بنك “سينا”، وشغل هذا المنصب لمدة 10 سنوات، وبهذه الصفة كان له تأثير على الشؤون المالية لمؤسسة “مستضعفان”، نظرا لأنها تمتلك غالبية أسهم بنك “سينا”.

يتمتع مخبر بعلاقة وثيقة مع المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، حيث اختاره الأخير في عام 2007، ليكون الرئيس التنفيذي لـمؤسسة “ستاد”، وهي إمبراطورية مالية أخرى تُسيّر مليارات الدولارات التي يسيطر عليها المرشد الإيراني.

الرئيس الإيراني الراحل ابراهيم رئيسي ونائب الرئيس الأول محمد مخبر – (إنترنت)

لم يفلت مخبر من العقوبات، إذ فُرضت عليه من الاتحاد الأوروبي عام 2010، مع 7 إيرانيين آخرين لصلاتهم ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وبعد عامين من ذلك التاريخ، أزال التكتل اسمه من تلك القائمة، كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية في عام 2021 عقوبات على مخبر لدوره المالي في ما وصفته بـ “الفساد المنهجي وسوء الإدارة” في إيران.

ارتبط اسم مخبر منذ بداية حياته المهنية، بفضيحة فساد ربطت مؤسسة “مستضعفان” بالحرس الثوري الإيراني، وكشفت العقوبات المفروضة على بنك “سينا” حينها، أنه متورط في تمويل برامج الصواريخ الباليستية والبرامج النووية الإيرانية التي ترعاها الدولة.

مخبر كان أول اختيار للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي بعد توليه منصبه في أوائل آب/ أغسطس 2021 رئيسا لإيران، علما أن النائب الأول لرئيس إيران، هو ثاني أقوى شخصية في السلطة المنتخبة للحكومة بعد الرئيس، بحسب دستور البلاد.

باقري والاتفاق النووي

فيما يخص علي باقري، الذي خلف وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، فهو المساعد الأول للوزير الراحل، ولعب دورا بارزا قبل أكثر من سنتين خلال مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.

علي باقري كني من تولد تشرين الأول/ أكتوبر 1967، ويبلغ من العمر 57 عاما، وكان قد شغل منصب النائب السياسي في وزارة الخارجية منذ أيلول/ سبتمبر 2021، كما شغل سابقا منصب نائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من عام 2007 إلى 2013.

باقري ترأس الحملة الرئاسية لسعيد جليلي في الانتخابات الرئاسية سنة 2013، والتي فاز بها الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني حينها، وهو نجل محمد باقر باقري، العضو السابق في مجلس الخبراء وابن شقيق محمد رضا مهدوي كني.

عمل باقري كمفاوض رئيسي في الوساطة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية من أجل إتمام صفقة إطلاق سراح سجناء أميركيين، وكان من المتوقع أن يلتقي باقري في جنيف بعد غد الأربعاء، مسؤولين من “الاتحاد الأوروبي” عقب الاجتماع غير المباشر الذي عقد في سلطنة عمان، الأسبوع الماضي بين وفد أميركي وإيراني، حسب “وول ستريت جورنال”.

وكان “الهلال الأحمر الإيراني”، أعلن بوقت سابق من صباح اليوم الاثنين، انتشال جثث ضحايا تحطم المروحية بمن فيهم رئيسي وعبد اللهيان، و7 أشخاص آخرين كانوا في الهليكوبتر التي تحطمت أمس الأحد في شمال غرب البلاد. 

علي باقري كني – (رويترز)

رئيس جمعية “الهلال الأحمر الإيراني”، بير حسين كوليوند، أوضح عبر التلفزيون الرسمي أن الجثث نقلت إلى مدينة تبريز، مركز محافظة أذربيجان الشرقية حيث وقع الحادث، إثر سوء الأحوال الجوية والضباب الكثيف.

الجدير بالذكر، أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان في أذربيجان في وقت مبكر من يوم أمس الأحد، مع الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، لافتتاح سد هو الثالث الذي بنته الدولتان على نهر أراس، ثم اختفت مروحيته في طريق العودة.

وبعد مرور 12 ساعة على سقوط مروحية الرئيس الإيراني في منطقة وعرة تحيط بها الجبال والغابات الكثيفة، قرب الحدود مع أذربيجان، بسبب سوء الأحوال الجوية والضباب الكثيف، وتراجع الآمال بالعثور على أحياء، إثر تمكن فرق الإنقاذ الراجلة من مشاهدة حطام الهليكوبتر والوصول إلى محيطها، أكد محسن منصوري، مساعد رئيسي مقتله مع وزير الخارجية عبد اللهيان والوفد المرافق لهما. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات