لم تتوقف إسرائيل من تعزيز تواجدها على الشريط الحدودي مع سوريا منذ بدء التصعيد على لبنان، حيث تواصل التوغل في الأراضي السورية، لاستكمال أعمال حفر خنادق وأنفاق، وهو ما يُعتبر خرقا واضحا لاتفاق “فض الاشتباك” الموقّع عام 1974.
الخطوة الإسرائيلية تأتي في ظل استمرارها باستهداف مواقع محدودة في القنيطرة، كان آخرها أمس الأربعاء، حيث استهدفت مبنىً حكومياً يضم قسماً للشرطة عند دوار العلم في المدخل الشرقي لمدينة القنيطرة، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخر.
نفق على طول الحدود
تعمل إسرائيل على شق طريق على طول الحدود مع حفر خندق، ضمن الأراضي السورية، حيث توغلت بعمق 200 متر ويتجاوز الكيلو متر في بعض المناطق، فيما يمثل خط دفاع أول بعيدا عن الأراضي التي تحتلها.
الأعمال الإسرائيلية داخل الشريط الحدودي ليست جديدة، حيث تأتي استكمالا للطريق الذي أنشأته قبل أزيد من سنتين، إذ توغلت إسرائيل في منتصف عام 2022، في الأراضي السورية شرقًا متجاوزة خط “يوندوف”، وأنشأت طريقا أطلقت عليه “سوفا 53”.
الطريق يمتد من الشمال، مقابل بلدة عين التينة، بعمق يصل إلى 200 متر داخل الأراضي السورية، وينحدر جنوبا حيث وصل العمل غربي بلدة أوفانيا في القنيطرة، بعمق تجاوز 1000 متر، وفق ما رصدت وسائل إعلام سورية.
ويُعتبر التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، خرقا واضحا لاتفاقية “فض الاشتباك”، التي وقّعت في أعقاب “حرب تشرين”.
في 31 أيار/مايو 1974، جرى التوصل لاتفاق بين الجانبين السوري والإسرائيلي، تحت إشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، يقضي بإنشاء خط فض الاشتباك بين دمشق وتل أبيب، عُرف لاحقًا باسم “يوندوف”، كتطبيق لقرارٍ صدر عن مجلس الأمن الدولي حمل الرقم 350، حيث يقع خط فض الاشتباك في محيط بلدة جباتا الخشب بالقنيطرة، وتقع شرقه الأراضي السورية، وغربه إسرائيل.
تخوف إسرائيلي
التحرك الإسرائيلي تزامن مع التصعيد في لبنان، إذ تخشى تل أبيب من تحرك مجموعات تتبع لـ “حزب الله” في الجنوب السوري، حيث بدأت بتعزيزات أمنية على طول خط الحدود، من خلال التوغل وحفر أنفاق وخنادق ورفع سواتر ترابية، على طول طرق “سوفا 53”.
أمس الأربعاء، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية، “مخفراً لقوى الأمن الداخلي في بناء العلاقات العامة عند مدخل مدينة القنيطرة المحررة الشرقي، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي، يدعى محمد أدهم عبد الكريم جاخوت وهو ملازم أول، وإصابة عنصر آخر بجروح”، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية. فيما ادّعى الجيش الإسرائيلي أن جاخوت من مسؤولي ملف الجولان التابع لـ “حـزب الله”.
ما أثار إسرائيل مؤخرا، هو تجدد نشاط مجموعات محلية موالية لإيران واستهداف المنطقة الحدودية بالطائرات المسيّرة، بينما تعمل ميليشيات إيرانية على تعزيز مواقعها، إذ قالت مصادر محلية إن ميليشيات عراقية عززت من تواجدها في تل المال وتل قرين وتلول فاطمة في منطقة “مثلث الموت”، وهي المنطقة التي تصل محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق.
هذه التحركات تأتي في ظل وجود نقاط مراقبة روسية في ريف درعا الشمالي الغربي ومحافظة القنيطرة، والتي على ما يبدو أنها جاءت بتفاهمات إسرائيلية -روسية غير معلنة، منذ أن سيطر الجيش السوري على الجنوب عام 2018.
في الـ 25 أيلول/سبتمبر الفائت، ثبتت القوات نقطتي مراقبة عسكريتين على حدود الجولان، ليرتفع عدد النقاط الروسية في القنيطرة إلى 17، خوفا من تصعيد محتمل لعناصر تتبع لـ “حزب الله” وإيران.
في حين انسحبت القوات العسكرية الروسية المتواجدة في تل الحارة في ريف درعا الشمالي، قبل أيام، على الرغم من موقعه الاستراتيجي وارتفاعه، حيث انتقلت إلى النقطة الموجودة قرب قرية زمرين، بينما بقي الجيش السوري موجودا، وفق ما ذكرت شبكة “درعا 24” المحلية، في حين تنشط مجموعات تتبع لإيران في المنطقة.
إذا، في ظل التطورات في الإقليم واستمرار التصعيد الإسرائيلي على لبنان، سيبقى المشهد العام ضبابيا فيما يخصّ توسّع نطاق الحرب، الذي تستعد له إسرائيل على الجبهة السورية، حيث يعتمد ذلك على قدرة موسكو ودمشق بضبط الميليشيات الإيرانية و”حزب الله” في المنطقة، لكن الواضح أن إسرائيل استغلت الأوضاع الراهنة وإنشاء خط عازل، ربما يتحول إلى حدود للأراضي المحتلة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.