لم تسلم الأسواق في محافظة إدلب، الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، من انتشار البضائع الإيرانية فيها، حيث تتوفر بأصناف مختلفة وأسعار غير منافسة، وسط إقبال من المستهلكين.  

هذه البضائع لا تدخل من طرق أو منافذ عبر مناطق سيطرة الحكومة السورية، بل تأتي من إيران عبر تركيا، حيث يتم التلاعب بشهادات المنشأ وإدخالها إلى إدلب عبر التجار على أنها تركية.  

أصناف إيرانية

تتنوع أصناف البضائع الإيرانية في أسواق إدلب، بين مواد التدفئة، كقشر الفستق والبندق وبعض المواد الغذائية، مثل التمر والزبيب والتين وحليب الأطفال، والأدوات الكهربائية والزجاج الإيراني، إضافة إلى الحديد والسراميك والزيوت المعدنية والأدوات الصحية.

سوق في مدينة إدلب - انترنت
سوق في مدينة إدلب – انترنت

يعود سبب توافر البضائع الإيرانية في أسواق إدلب إلى تفضيلها من المستهلكين بسبب جودتها، لكن من دون معرفة أغلبيتهم لمنشئها الحقيقي. إذ يقول فهد الشامي، وهو تاجر بمواد التدفئة في كفر تخاريم: “ما كنت أعرض الصنف الإيراني، لكن الطلب عليه زاد، فاضطررت إلى تلبية الطلب، وبعت 50 طناً من قشور التدفئة المصنوعة في إيران في أيلول/سبتمبر الماضي، بينما بعت أطناناً قليلة من الأصناف الأخرى”. 

ويضيف عماد، وهو صاحب متجر للأدوات المنزلية في إدلب، أن معظم الزبائن يفضلون المصنوعات الإيرانية، إلا أن أغلبية واسعة بينهم لا يعرفون حقيقة مصدرها الأصلي، بينما نحن التجار نستطيع تمييزها من غيرها، ولو لم تحمل عبارة “صنع في الجمهورية الإسلامية”، وبعضها متوفر في الأسواق منذ وقت طويل.  

عندما يسأل الزبائن عماد أين صُنعت هذه الآنية، يضطر حينها إلى الإقرار بأنها إيرانية، فيُحجم بعضهم عن الشراء، بينما لا يبدي آخرون أي ردّة فعل، وفق ما نقل موقع “+963” المحلي. 

تستورد تركيا البضائع الإيرانية وتضخّها في الأسواق التركية بموجب اتفاقيات تجارية ثنائية بين البلدين، لكن بعض التجار الأتراك يقومون بتغيير شهادة المنشأ لتصبح تركية بدلاً من إيرانية، نظراً لأن التكلفة الإيرانية أقل من نظيرتها التركية، وهذا يصعّب التحكّم بهذه العمليات، بحسب، المسؤول بوزارة الاقتصاد والموارد في “حكومة الإنقاذ”، مضر العمر.  

عملية استيراد الإسمنت خصوصاً تتم عبر شركات تركية معروفة وموثوقة، أما قشور التدفئة، فتستورد من تركيا، وفق العمر، وهذا ما نفاه نفياً قاطعاً عدد من التجار، مؤكدين وجود إسمنت إيراني في الأسواق، ولهذا الإسمنت زبائنه، رغم أنه يباع بأسعار مرتفعة. 

طريق البضائع

يرسم مركز “كاندل” للدراسات، وهو مجموعة بحثية مستقلة، خريطة طريق تجارية للاستيراد في شمال غرب سوريا، إذ يشتري التاجر البضاعة التي يريد إدخالها إلى شمال سوريا من الأسواق التركية، أو يستقدمها من خارج تركيا عبر الموانئ التركية، ثم تمرّ في الأراضي التركية بصفة “ترانزيت”، وتمنح وثيقة تثبت أن البضاعة للتصدير الخارجي، وبذلك تُعفى من الضرائب التركية، فيُدخلها التاجر إلى الشمال السوري مستعيناً بشركات شحن تركية. 

معبر باب السلامة الحدودي - انترنت
معبر باب السلامة الحدودي – انترنت

في المعابر السورية التي تسمح بإدخال البضائع (باب السلامة ومعبر الراعي ومعبر جرابلس)، يُكشف على البضاعة ويُسمح بدخولها إلى الشمال السوري بالتنسيق مع مكتب التخليص الجمركي الذي يحصل على بيان جمركي من مكتب الجمارك، فيقوم بإجراءات عدة، ويحظر دخول أي بضاعة من منشأ إسرائيلي أو روسي أو إيراني، للاستهلاك المحلي أو للترانزيت، وفق مركز “كاندل”. 

في حين قال الخبير الاقتصادي أحمد كوراني، إن السوق التركية مفتوحة أمام البضائع المختلفة المنشأ، وهي المنفذ الوحيد للمنطقة، والبضائع الإيرانية تُباع في الأسواق التركية بأسعار منافسة، بينما تستفيد إيران من علاقاتها الاقتصادية مع تركيا، إذ تسعى إلى طرح بضائعها بأسعار منافسة، واستقطاب التجار المصدّرينَ لمناطق شمال سوريا التي لا تخضع للرقابة الدولية، وهي سوق مثالية يمكنها تصريف بضاعتها هناك.

المسؤول الإعلامي في “معبر باب الهوى” الحدودي مع تركيا، مازن علوش، قال إن إدارة المعبر لا تسمح بمرور البضائع ذات المنشأ الإيراني، إلا أن عبور هذه البضائع أمرٌ وارد بسبب التلاعب في شهادات المنشأ، والذي يحصل في تركيا، فتمرّ إلى الأراضي السورية من خلال شركات تركية على أنها منتوجات تركية. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات