أعلنت “الحكومة السويسرية”، مؤخرًا عن حجم الأصول السورية المجمدة لديها، والتي كشفت أن قيمتها تبلغ 99 مليون فرنك سويسري (112 مليون دولار)، كان جمد معظمها منذ سنوات.
وأوضحت أن الجزء الأكبر من إجمالي الأموال تم تجميده منذ تبنت سويسرا عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا في مايو 2011، والتي تم فرضها على النظام السوري آنذاك ردًا على قمع المدنيين.
واستهدفت العقوبات التي فرضت على سوريا من قِبل العديد من الدول حول العالم، بما فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وأفراد مرتبطين به، عبر تجميد أصولهم المالية بالخارج، وقطاعات اقتصادية كان يستفيد منها هذا النظام البائد، وشملت تلك الأصول المجمدة حسابات مصرفية، ممتلكات عقارية، واستثمارات في أسواق مختلفة.
حجم الأصول المُجمدة
بخلاف ما أعلنت سويسرا، لا توجد احصاءات رسمية لحجم الأصول السورية المجمدة في الخارج، حيث إن هناك تقديرات مختلفة تفيد بأنها تقدر بمليارات الدولارات، خاصة وأن تلك الأصول المجمدة تكون غير مُعلنة في بعض الدول أو تتغير باستمرار بسبب التقلبات في قيمة حسابات الأوراق المالية المقيدة وتأثيرات سعر الصرف وشطب بعض الأشخاص أو الكيانات الخاضعة للعقوبات، بحسب ما أوضح “المتحدث باسم أمانة الدول السويسرية للشؤون الاقتصادية”.
وفي تقرير سابق نشر عام 2022 لوزارة “الخارجية الأميركية”، أشارت تقديرات مستندة لمعلومات مفتوحة المصدر بشكل عام إلى أن صافي ثروة آل الأسد يتراوح بين مليار وملياري دولار أميركي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن هذا التقدير غير دقيق ولا تستطيع وزارة الخارجية تأكيده بشكل مستقل.
بينما في عام 2020، كشف تقرير لـ”وزارة الخزانة الأميركية” أن الأموال المجمدة من سوريا خلال هذا العام، بلغت 35 مليون دولار، بعد أن كانت 36 مليون دولار في عام 2019.
دول جمدت الأصول السورية
استخدمت العديد من الدول عقوبة تجميد الأصول كورقة ضغط على النظام السوري منذ أن اندلعت الأزمة في عام 2011، بهدف إنهاء الصراع، ومن أبرز تلك الدول:
الولايات المتحدة الأميركية، التي شددت قبضتها الاقتصادية على النظام السوري عبر تجميد الأصول في البنوك الأميركية، والتي كانت ترتبط بالنظام ورجال حكومته وبعض الكيانات المرتبطة به
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد انضم لموقف الولايات المتحدة الأميركية، في عام 2011، عبر تجميد أصول شخصيات مقربة من النظام السوري في دوله الأعضاء، حيث تم تجميد أصول 120 شخصية ومؤسسة سورية آنذاك، بما في ذلك الرئيس السابق بشار الأسد والبنك المركزي السوري.
وتعزيزًا لتأثير تلك العقوبات المفروضة دوليًا، انضمت دولًا أخرى للعقوبات الأميركية والأوروبية ضد سوريا، منها كندا، سويسرا، وأستراليا، بريطانيا فقاموا أيضًا بتجميد أصول مرتبطة بالمسؤولين السوريين.
تمثل استعادة الأموال السورية المجمدة في الخارج تحديًا اقتصاديًا وسياسيًا لسوريا الجديدة، بعد التخلص من نظام الأسد وبدء تغير المشهد السياسي، لتبرز اليوم أسئلة حول حجم ومصير تلك الأموال في دول العالم.
آليات استعادة الأصول السورية
مستشار “المركز العربي للدراسات والبحوث الاستراتيجية” والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، أوضح في حديث خاص لـ”الحل نت”، أن سوريا محكومة بحكم شمولي منذ أكثر من خمسين عام، ومن المتوقع أن تكون هناك أموال منهوبة كثيرة في عديد من دول العالم، مشيرًا إلى أن بعضها قد يتم التعرف عليه والبعض الآخر لا.
وذكر أن بعض الدول أعلنت عن أرصدة سورية مجمدة لديها منذ عام 2011 مثل سويسرا، بينما قد يتردد البعض الآخر في الإعلان لحاجته إلى إجراءات قضائية وقانونية مُعقدة، لذا فإن مثل هذا الإجراء يحتاج إلى ترتيبات سياسية وإقرار بيئة سياسية مناسبة وانتخابات نزيهة في سوريا، ووجود رئيس شرعي وبرلمان حتى يتم مخاطبة تلك الدول واسترداد الأصول.
ورأى أن هناك حالة من الرضاء الغربي تجاه الحركة السياسية في سوريا وتغيير نظام الأسد، مشيرًا إلى أن هناك تصريحات إيجابية من جانب كلٍ من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، فإذا ما استمرت العملية السياسية بشكل صحيح وأنتجت نظاما شرعيًا من المرجح أن يكون هناك تعاونًا دوليًا في هذا الإطار ورد أموال سوريا المنهوبة.
وأكد أن أمر استعادة الأصول السورية من الخارج معقد فنيا من حيث الإجراءات، ويحتاج إلى لجان فنية سياسية وقانونية للبحث عن وجود تلك الأموال والأصول والتواصل مع الجهات الدولية ومن ثم استعادتها.
وأفاد بأن استعادة تلك الأصول إلى سوريا من شأنه أن يعود بالنفع على الشعب السوري واقتصاده الوطني بشكل كبير، خاصة وأن تلك الأصول ستدر عملة أجنبية للاقتصاد السوري الذي يعاني من غياب تلك العملات ويشهد تهريبًا لأموال كثيرة إلى الخارج، لتحدث نهضة اقتصادية كبيرة حال ذلك، لكن تتطلب وتشترط بيئة شرعية كانتخابات ينتج عنها مجلس شعب منتخب وحكومة متوافق عليها، إضافة إلى رئيس منتخب يستطيع مخاطبة الأمم المتحدة والعالم للحصول على تلك الأموال والأصول المنهوبة منذ سنوات.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.