تعهدت “الإدارة السورية الجديدة” بقيادة أحمد الشرع في أكثر من مناسبة، بعد مرور أقل من أسبوع على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، بزيادة الرواتب لموظفي القطاع العام أربعة أضعاف مما هي عليه، على أن ينفذ ذلك بداية من الشهر المُقبل. 

وتأتي هذه الزيادة المرتقبة في رواتب موظفي القطاع العام، بعد سنوات من أزمة اقتصادية تسببت في تآكل القدرة الشرائية للسوريين، في خطوة تهدف إلى تحسين دخل المواطن وتعزيز قدرته الشرائية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات. 

ولم تتحدث الحكومة عن آلية تنفيذ زيادة الرواتب، ومصدر الزيادة خاصة في ظل عدم توافر السيولة النقدية، فبحسب محمد البشير، رئيس الوزراء الانتقالي الجديد في سوريا، خلال تصريحات إعلامية سابقة، فإن خزائن الدولة لا تحتوي إلا على نقود بالليرة السورية، وأن البلاد تفتقر حاليًا إلى السيولة بالعملات الأجنبية.  

حاكمة المصرف المركزي تحسم الأمر

منذ أن أعلنت القيادة السورية الجديدة عن هذا الإجراء برزت التساؤلات حول جدوى تطبيقه في ظل التحديات المالية القائمة، لا سيما أن زيادة الأجور تتطلب ضخ كتل نقدية هائلة قد تؤدي إلى تضخم جديد.

اليوم الثلاثاء، أجابت حاكمة مصرف سوريا المركزي المكلفة بتسيير الأعمال، ميساء صابرين، عن هذا التساؤل الذي شغل كثيرين، موضحة أن المصرف لديه ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام حتى بعد الزيادة التي تعهدت بها الإدارة الجديدة بنسبة 400%، ولم تذكر مزيدا من التفاصيل. 

وتعادل قيمة الراتب الشهري للموظف في سوريا حوالي 20 دولارًا، بينما يحتاج إلى أكثر من 150 دولارًا لتغطية احتياجاته الغذائية. 

وتقدر كلفة زيادة الرواتب بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية (نحو 127 مليون دولار بسعر الصرف الحالي)، وبحسب ما أعلنت حاكمة المصرف المركزي ستُمول من خزانة الدولة الحالية. 

إرث من الخزائن الفارغة 

ويتعارض تصريح حاكمة المصرف المركزي مع ما تحدث عنه وزير المالية السوري محمد أبازيد، الذي صرّح سابقًا بأن الحكومة الجديدة ورثت دولة متهالكة ذات خزائن فارغة وديون ضخمة ولا توجد أي مكونات. 

أبازيد أوضح أن حكومته تسعى لإعادة الهيكلة الوظيفية من أجل معالجة الترهل الموجود في المؤسسات والجهات الحكومية، لافتا إلى أنه لا توجد أرقام حقيقية للموظفين في المؤسسات الحكومية والواقع الحقيقي يشير إلى وجود 900 ألف موظف. 

وأكد وزير المالية أن هناك 300 ألف موظف سيتم شطب أسمائهم ممن كانوا يتقاضون رواتب دون عمل ورفع العقوبات عن سوريا سيساعد الحكومة الجديدة.  

حديث أبازيد يشير إلى أن الحكومة لا تملك موارد داخلية من الليرة السورية مكافئة من القطع الأجنبي، وهو ما دفع نحو التوقع بأن الحكومة ستعتمد في تمويلها لتلك الزيادة على التمويل من الدول الداعمة للإدارة السورية الجديدة. 

خيار آخر

بالتوازي مع إجراءات الحكومة السورية، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أميركي ودبلوماسي كبير قوله إن قطر تخطط للمساعدة في تمويل زيادة ضخمة في أجور القطاع العام بسوريا. 

بسطات في شوارع العاصمة دمشق – الحل نت

وبنى المسؤول سياق حديثه على الإعفاء من العقوبات الأميركية الذي أصدرته واشنطن مؤخرًا، والذي يسمح بالتعامل مع المؤسسات الحاكمة في سوريا لمدة ستة أشهر. 

كما قال مسؤول عربي آخر للوكالة إن المحادثات بشأن تمويل قطر لرواتب الحكومة السورية جارية ولم يتم الانتهاء من شيء بعد، مضيفًا أن دولًا أخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، قد تنضم إلى هذه الجهود. 

خلل بالقوائم المالية 

يشار إلى أن قيادة “الإدارة السورية الجديدة” كانت قد قررت صرف زيادة الرواتب مطلع كانون الثاني/يناير الجاري، ولكن فوجئت الحكومة بأن أعداد العاملين المسجلين في الجهات العامة أكبر بكثير من الأعداد الفعلية على أرض الواقع. 

 إضافة للخلل بالقوائم المالية هناك أسماء وهمية لأشخاص يتقاضون رواتبهم من المنزل دون أن يسجلوا دواماً فعلياً في مديرياتهم نتيجة اتباع النظام البائد سياسة الواسطات والمحسوبيات، بحسب وزير المالية في “حكومة تصريف الأعمال السورية” محمد أبازيد. 

وفي أثناء حكم نظام الأسد، لم تُعرف الآلية التي كانت تتم بموجبها عملية تمويل الرواتب الشهرية للموظفين، سواء في القطاع العام أو الخاص، وكذلك الأمر بالنسبة لمؤسسته العسكرية. 

وكان الرئيس المخلوع يصدر مراسيم رئاسية بين عام وآخر يُعلن فيها زيادات، لكنها كانت دائمًا تبقى في “إطار خُلَّبي”، خاصة عند قياسها بسعر صرف الدولار أمام الليرة ومعدلات التضخم في البلاد. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات