تُفاقم الانقطاعات المتكررة للكهرباء والتي تمتد لساعات طويلة من معاناة السوريين في مناطق عدة، وتحاول الحكومة الجديدة في سوريا أن تتدارك تلك الأزمة وتُصدر تصريحات مطمئنة للمواطنين بشأن انتهائها وما هو قادم فيما يخصّ هذا الشأن. 

وتعاني سوريا من أزمة كهرباء خانقة، توارثتها الحكومات السورية الجديدة بعد أن تفاقمت بفعل الحرب، حيث تغرق سوريا في أزمات مستمرة في قطاع الكهرباء منذ عام 2010. 

ويشهد القطاع تحديات كبيرة بسبب الأضرار البالغة التي لحقت بالبنية التحتية، ويطمح عمر شقروق، وزير الكهرباء بحكومة تصريف الأعمال السورية، إلى زيادة ساعات التزويد من ساعتين إلى 8 ساعات يوميا عبر تأمين الوقود اللازم للمحطات.  

مرحلة جديدة لتوفير الكهرباء

نقل موقع CNBC عربية، عن وزير الكهرباء السوري، تأكيده أن توفير الكهرباء لفترة تتراوح بين ست وثماني ساعات يومياً يحتاج إلى فترة تصل إلى شهرين. 

بائع سوري يرتب التفاح في كشك لبيع الفاكهة وسط انقطاع مستمر في الكهرباء - إنترنت
بائع سوري يرتب التفاح في كشك لبيع الفاكهة وسط انقطاع مستمر في الكهرباء – إنترنت

وأوضح أن احتياجات سوريا من الكهرباء تصل إلى 6500 ميغاوات، وذلك لتوفير التيار الكهربائي لفترة 24 ساعة يومياً، مشيرًا إلى أن على سوريا العودة لمستويات توليد الكهرباء ما قبل العام 2010 خلال ثلاثة سنوات من الآن. 

وذكر الوزير السوري أن تكلفة إنتاج الكيلووات/ ساعة تتجاوز 12 سنتاً/ دولار، وأن خفض التكلفة إلى نحو النصف عند ستة سنتات/ دولار يحتاج إلى أكثر من أربع سنوات. 

وقال وزير الكهرباء إن خفض تكلفة الإنتاج سيكون تدريجياً، وأنه في أول عامين “سنكون في طور البناء”، مشيراً إلى الحاجة إلى 40 مليار دولار من أجل إعادة شبكة الكهرباء إلى حالتها قبل العام 2010. 

أزمة متفاقمة 

منذ نهاية عام 2010 أي قبل اندلاع الحراك الشعبي في سوريا، شهدت البلاد أزمة كهرباء متفاقمة، إذ كانت المولدات تولد ما يعادل 6.5 ميغاواط من أصل 9 ميغاواط تحتاجها المرافق للتشغيل يومياً. 

لم تصل سوريا من قبل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الكهرباء، بل اعتمدت بجانب إنتاجها المحلي على استيراد الكهرباء عبر مشروع الربط الكهربائي بين الدول الثماني (سوريا، مصر، العراق، الأردن، ليبيا، لبنان، الأراضي الفلسطينية، تركيا). 

وتوقف استيراد الكهرباء عبر مشروع الربط مع مصر، كما خرج الخط الواصل مع الأردن عن الخدمة عام 2012، وجاءت سنوات الحرب لتعمق الخسائر وتزيد الشرخ في البنى التحتية. 

وتعرضت بنية الكهرباء إلى دمار هائل، خلال سنوات طويلة عانت فيها محطات التوليد والتحويل وخطوط ربط الكهرباء، قام من خلالها نظام الأسد بنهب ثروات البلاد وتركيز مصادر الطاقة في أيدي فئة قليلة من أركان نظامه. 

عقبة توفير التمويل 

بشأن تكلفة الصيانة وإعادة بناء الشبكة، قال الوزير السوري لـ “CNBC” عربية، إن هناك حاجة إلى ثلاث مليارات دولار للمواد التشغيلية والصيانة والتأهيل، من أجل استمرار عمل الشبكة على واقعها الحالي، كما تحتاج البلاد إلى 10 مليارات دولار ضمن خطة إعادة البناء. 

وقال شقروق إن توفير التمويل يعد إحدى العقبات أمام الحكومة لتحسين واقع قطاع الكهرباء في سوريا، موضحاً أن هناك خطة تطويرية للقطاع تتجاوز فترتها ثلاثة سنوات. 

وقبيل سقوط نظام بشار الأسد في نهاية عام 2024، قُدرت الأضرار المباشرة في القطاع الكهربائي بـ 40 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الأضرار غير المباشرة 80 مليار دولار، بنسبة 50% من محطات التوليد وخطوط النقل المنظومة الكهربائية المتهالكة، وذلك بسبب انخفاض دعم الغاز المشغل لمحطات التوليد. ونتيجة لذلك، تراجع إنتاج سوريا من الكهرباء بنسبة 57%منذ العام 2010. 

وأضاف وزير الكهرباء السوري، أن محطات التوليد الحالية تستطيع توليد أربعة آلاف ميغاوات إذا ما توافر الوقود، وتابع قائلاً: “لدينا الآن قدرات مركبة على الشبكة حوالي 7500 ميغاوات تقريباً”. 

وذكر أن تكلفة التوليد تمثل 50% من إجمالي تكلفة تشغيل المحطات، مشيراً إلى نظام الرئيس السابق بشار الأسد أورثت الحكومة الحالية حملاً ثقيلاً. 

التعاون الإقليمي 

عن التعاون الإقليمي من أجل المساهمة في تلبية احتياجات سوريا من الكهرباء والطاقة، قال عمر شقروق، إن خط الغاز العربي مع الأردن جاهز حالياً لاستقبال الغاز، وإن باخرتين من تركيا وقطر وصلتا إلى سوريا ضمن الاستجابة الطارئة للقطاع وزيادة التوليد، مشيرًا إلى أن كل باخرة تولد 400 ميغاوات، وهناك إمكانية لإنشاء خطين 230 كيلو فولت من أجل ربطهما بالشبكة، موضحاً أن أحد خطوط الربط سيعمل خلال شهر ونصف تقريباً. 

عن احتمالية إنشاء خط للغاز من قطر لأوروبا عبر سوريا، قال الوزير السوري إنه لم يتم التوصل إلى نتيجة بشأن إنشاء هذا الخط في عهد النظام السابق، مشيراً إلى أن سوريا ستحقق الإفادة الاقتصادية من إنشاء مثل هذا الخط باعتبار أن هناك رسوم عبور على الغاز. 

وعن مدى انفتاح الحكومة السورية عن مشاركة الاستثمارات الخاصة في قطاع الكهرباء والطاقة، قال وزير الكهرباء، إن بلاده ستفتح المجال للقطاع الخاص في قطاع الطاقة النظيفة خلال أقل من شهر. 

وتابع الوزير قائلاً: “نتدارس مع رئاسة مجلس الوزراء دخول القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الكهرباء”. “نسعى لإعادة هيكلة القانون للسماح للقطاع الخاص بالاستثمار في الطاقات النظيفة”. 

وأشار شقروق إلى سعي الحكومة للتواصل مع جميع الدول والمانحين لتأمين التمويل لقطاع الكهرباء والطاقة السوري. 

تخصيص خطوط تغذية لـ “الأسد” وأتباعه 

قال وزير الكهرباء السوري، إن اختفاء المولدات من الشوارع مرتبط بوجود الكهرباء الدائمة أو حتى من 60% إلى 70% منها خلال النهار. 

وعن سبب عدم انقطاع الكهرباء عن العاصمة دمشق يوم الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، (يوم سقوط النظام السابق)، قال الوزير إن هذا يعود إلى حدوث انفصال تام لمحطات التوليد وخطوط الربط الأساسية. 

تفاقم أزمة الكهرباء في سوريا في الأشهر الماضية - موقع "ميدل إيست أونلاين"
تفاقم أزمة الكهرباء في سوريا في الأشهر الماضية – موقع “ميدل إيست أونلاين”

وذكر الوزير أن منزل بشار الأسد وكثير من منازل المسئولين كان لها خطوط عديدة، ولا يمكن انقطاع الكهرباء عنها. 

وقال: انقطاع الكهرباء كان مستحيلاً عن منزل بشار الأسد ومسؤولين وأتباعه الاقتصاديين”. 

وأضاف الوزير أن تغذية منازل “الأسد وأتباعه” كانت مربوطة على خطوط 24 ساعة ومعفاة من التقنين. 

وأشار شقروق إلى أن نحو 1100 ميغاوات من الطاقات المولدة كانت مخصصة فقط لخطوط 24 ساعة، ويحصل المواطن على ساعتين، وتابع: “خفضنا كمية خطوط 24 لكن لابد من وجودها للصناعات والمؤسسات والمشافي”. 

هذا العوز الهائل لموارد الطاقة ترجم بانقطاع التيار الكهرباء الكامل في بعض القرى وأرياف المحافظات، حتى طال الضرر أبرز الأحياء سواء في المحافظات أو في العاصمة دمشق، إذ اقتصر وصول التيار الكهربائي إلى البيوت بمعدل ست ساعات متقطعة يومياً. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات