بعد غياب نحو 12 عاما على منعه من العمل داخل سوريا، أعلن رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، محمد النسور، عن خطط لنقل مكتب المفوضية المعني بسوريا إلى داخل سوريا، حيث منذ عام 2012، كان يعمل من بيروت.

جاء ذلك خلال حوار أجراه محمد النسور مع منظمة “الأمم المتحدة“، أمس الأربعاء الموافق لـ15 كانون الثاني/يناير، حيث أشار محمد النسور من دمشق إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تعاونا مكثفا، خاصة في ما يتعلق بملف المفقودين وتطبيق العدالة الانتقالية، مؤكدا أهمية شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية وبناء سوريا جديدة.

مفوضية حقوق الإنسان قريبا بسوريا

كما وتحدث محمد النسور عن الزيارة التاريخية للمفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك إلى سوريا قائلا: “كان لا بد للمفوض السامي السيد فولكر تورك أن يزور سوريا نظرا لأهمية ملفات حقوق الإنسان”.

وأردف النسور أنه لم يسبق لأي مفوض سام من قبل زيارة سوريا منذ إنشاء مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، منوّها إلى أن زيارة مفوض الأممي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى سوريا “ذات أهمية خاصة نظرا للتغييرات التي حصلت في الشهر الماضي والثورة السورية وقيام حكومة القائمة الآن – الحكومة الانتقالية – بالسيطرة على البلاد”.

وحول زيارة فولكر تورك، إلى سوريا قال النسور إن الحديث مع الحكام الجدد في دمشق كان “مطمئنا جدا” بشأن أهمية شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية وبناء سوريا الجديدة.

ولفت النسور إلى أن هناك توقعات كبيرة جدا من المجتمع المدني فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، فإلى جانب المفقودين هناك الانتقال الديمقراطي والعدالة الانتقالية، وبالتالي “أخذ هذا الأمر حيزا كبيرا من نقاشات السيد فولكر تورك سواء مع المجتمع المدني أو السلطات في دمشق”.

وعليه توقع النسور أن يكون هناك عمل كبير وأجندة مزدحمة للمفوضية السامية فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان لبناء مستقبل أفضل ومنع تكرار ما حدث خلال السنوات السابقة تحت حكم النظام البائد.

وشدد النسور على ضرورة إصلاح النظام القضائي في سوريا ليتوافق مع المعايير الدولية، مشيرا إلى أنه من الممكن إنشاء محاكم وطنية مستقلة لمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

وبيّن أن هناك حاجة لتحويل الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا إلى “المحكمة الجنائية الدولية”، مؤكدا إمكانية إحالة الملف السوري إلى “المحكمة الجنائية الدولية” عبر مجلس الأمن.

وأشار إلى أن الابتعاد عن القضاء العسكري والمحاكم الخاصة، أمر ضروري نظرا للتجارب “السلبية” السابقة في سوريا.

ضرورة تطبيق “العدالة الانتقالية”

في إطار متصل، أكد رئيس قسم الشرق الأوسط، محمد النسور على أهمية تطبيق العدالة الانتقالية، فضلا عن ضرورة حصر أعداد المفقودين والضحايا، ومن ثم تقديم المتهمين أو الذين يثبت عليهم ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إلى العدالة.

المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق- “أ ف ب”

وأضاف قائلا: “أهم شيء بالنسبة لأهالي الضحايا هي معرفة مصير أفراد الأسرة والأحباء الذين فقدوا، ليس فقط خلال 14 سنة التي حصلت فيها الثورة، لكن منذ السبعينيات من القرن الماضي. فبالتالي حجم ملف العدالة كبير جدا في سوريا والناس لديها توقعات كبيرة في هذا الشأن”.

وشدد النسور على أن هناك مواضيع ومجالات كثيرة في سوريا بحاجة للدعم من حيث التنمية والاقتصاد والحقوق الاقتصادية، والتعليم، وحقوق الإنسان، والعدالة. وعليه، “لا يعتقد النسور أن مكتبا واحدا أو وكالة أممية واحدة قادرة وحدها على الاستجابة”، متابعا بالقول: “نحن بحاجة لتعاون منظومة الأمم المتحدة المتكاملة”.

ماذا عن الأقليات وحقوق المرأة؟

في سياق الحديث عن حماية الأقليات وحقوق المرأة، قال محمد النسور إن الحديث في هذا الجانب مع السلطات بدمشق: “أعتقد كان مطمئنا جدا على أهمية شمول جميع السوريين في العملية الانتقالية وفي بناء سوريا الجديدة..”.

وتابع: “حسب ما سمعنا، هناك تأكيدات بأنه لن يكون هناك مساس بالمرأة أو الأقليات الدينية وأن جميع مكونات المجتمع سوف تشارك في العملية الانتقالية”.

ونوّه النسور إلى صعوبات تواجه عمليات التوثيق والتحقيق في الانتهاكات، بسبب غياب موظفي الأمم المتحدة على الأرض، وغياب قنوات اتصال واضحة مع السلطات الحالية في سوريا.

كذلك أشار إلى تقارير عن استهداف بعض الأقليات الدينية وأفراد متعاونين مع النظام السابق، مشددا على “أهمية التحقق من هذه الاتهامات بشكل ميداني”.

هذا وزار مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، العاصمة السورية، دمشق، والتقى أحمد الشرع، القائد الفعلي للإدارة السورية الجديدة، وهي الزيارة الرسمية الأولى من نوعها إلى سوريا.

وشدد تورك خلال زيارته على أهمية توثيق الجرائم التي ارتكبها النظام السابق في سوريا، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية، من أجل المساءلة في إطار العدالة الانتقالية. 

وشدد على أن محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم التعذيب والهجمات الكيماوية أمر ضروري. 

كما وتوجه فولكر تورك، إلى سجن صيدنايا على مشارف العاصمة دمشق حيث احتُجز آلاف المعتقلين وتعرضوا للتعذيب وإساءة المعاملة والإخفاء القسري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات