أثار قرار جديد أصدرته السلطات السورية الجديدة، عددا من التساؤلات، وهنا نتحدث عن منع الإيرانيين والإسرائيليين من دخول سوريا، بينما كان السؤال البارز، هو لماذا استثني الروس من القرار، حيث يسمح لهم بدخول الشام؟ ولماذا المعاملة مع إيران تختلف عن معاملة روسيا؟
في التفاصيل، أصدرت السلطات الجديدة في سوريا، أول أمس الخميس، تعليمات بمنع دخول المواطنين الإيرانيين والإسرائيليين ومن يحملون هاتين الجنسيتين إلى سوريا، فيما أفادت وسائل إعلامية، ومنها موقع “العربية نت”، بأن القرار أصدرته هيئة المعابر والمنافذ السورية.
وأبلغت عدد من شركات الطيران العاملة في سوريا، لا سيما التركية والقطرية، بأنه حُظر عليها نقل إيرانيين أو إسرائيليين إلى سوريا، فيما أفاد مصدر في مطار دمشق مشترطا عدم كشف هويته، بحسب وكالة “فرانس برس”، أنه “جرى إبلاغ شركات الطيران التي تسيّر رحلات إلى دمشق حاليا، بوجوب عدم نقل مواطنين يحملون الجنسيتين الإسرائيلية والإيرانية”، وهو بمثابة تأكيد لتلك التعليمات.
لا قرار رسمي؟
السؤال البارز هنا، إذا ما استثنينا منع الإسرائيلي من دخول سوريا، لاعتبارات يعرفها القاصي والداني، هو لماذا لستُثني الروس من قرار المنع، ولماذا فُرض المنع على الإيرانيين؟ لماذا تُعامل إيران بصرامة من قبل الإدارة السورية الجديدة، بينما لا نجد لمثل هذه الصرامة بالتعامل مع روسيا؟
“الحل نت” وجّه هذا السؤال إلى الرائد أحمد عطار، مدير الهجرة والجوازات في معبر نصيب الحدودي، فكان جوابه متسائلا: “أين هذا القرار؟” وعندما زوّدناه بالمعلومات التي تفيد بالتعليمات المتبعة، قال: “هل لديكم صورة عن القرار والتعليمات؟”.
من خلال حديث مدير الهجرة والجوازات في معبر نصيب الحدودي، التمسنا ما مفاده نفيه لمثل هذا القرار، أو بالأحرى عدم وجود قرار رسمي بهذا الصدد، فيما اختتم حديثه مع “الحل نت”، بقوله إن “القيادة العامة في دمشق هي من تجيب على هذه الأسئلة”.
واقعيا، سواء صدر القرار أو التعليمات رسميا أم لم تصدر، فإن الأمر الواضح، هو أن شركات الطيران بُلّغت بمنع نقل حملة الجنسية الإيرانية والإسرائيلية إلى سوريا، وهذا ما قالته “القطرية للطيران”، بأنها لا تستطيع نقل الإيرانيين على متن خطوطها إلى دمشق، بناء على تعليمات بُلّغت بها.
“الحل نت” سأل عدد من المواطنين السوريين في دمشق وحمص حول هذا القرار، فكان البعض مُرحّباً به، والآخر طالب بأن يسري على الروس أيضا مُستغربا من استثنائهم من قرار المنع، قائلين: “الروس والإيرانيين متل بعض. عملوا فينا العمايل، وحرام ينسمح لروسيا تدخل بلادنا بعد كل اللي عملته”.
ومن المعروف، أن روسيا وإيران دعمتا نظام بشار الأسد المخلوع، وثبّتتا بسط قبضته على الحكم، وشاركتا معه في معارك عسكرية تسببت بجرائم وُصفت بعضها بِـ “الإبادة الجماعية” بحق السوريين الذين رفضوا حكم الأسد لهم خلال “الثورة السورية”.
روسيا مثلا، كان نظام الأسد قاب قوسين من السقوط في عام 2015، وكانت دمشق محاوطة ومحاصرة، وفي لحظتها، تدخلت عسكريا، وأنقذت نظام بشار الأسد من السقوط، وارتكبت مجازر بشرية في إدلب وحلب بحق السوريين بالتعاون مع النظام المخلوع، فلماذا تتم معاملتها بمُحاباة عكس المعاملة مع إيران؟
ما سبب استثناء الروس من دخول سوريا؟
مراقبون سياسيون قالوا لـ “الحل نت”، إن التعليمات بمنع الإيرانيين من دخول سوريا، ليست بهدف إقصاء أي مواطن إيراني من دخول الشام، بل هي بحسب تفسيرهم، تأتي بمثابة أمر مؤقت، خشية من عدم التمكن من حمايتهم في حال دخولهم للبلاد، خاصة وأن هناك حالات فردية لا بمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها في ظل الوضع الراهن.
التعليمات تأتي بحسب المراقبين، لحماية الإيرانيين من أي أمر سلبي قد يطالهم، لأن حمية الناس قد لا تفرّق بين المواطن الإيراني والنظام الإيراني الذي عاث بالبلاد وبالسوريين ظلما في عهد الأسد، ومع تمكن الإدارة الجديدة من بسط الأمن، قد يلغى هذا الحجب عن الإيرانيين.
وحذّر المراقبون، من أنه في حال تحسن الوضع الأمني ولم يُلغى الحجب على الإيرانيين من دخول سوريا، فإن الرأي العام العالمي، لا سيما المنظمات الحقوقية، قد تفسّره بأنه “قرار صدر على أساس طائفي”، وبالتالي على الإدارة الجديدة في سوريا أن تنتبه لهذه النقطة، وأن لا تقع بنفس أخطاء النظام السوري السابق، الذي تعامل على أساس طائفي محليا ودوليا.

وأوضح المراقبون، بشأن سبب عدم منع الروس من دخول سوريا، بأن عدد الروس الذين يدخلون البلاد من المواطنين، هو قليل نسبيا، كما أنهم لم يدخلوا البلاد من ناحية مذهبية لإشعال الفتنة الطائفية كما فعلت إيران، فضلا عن أن الإدارة الجديدة لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع موسكو، مثلما فعلت مع طهران، يضاف إلى ذلك، أن روسيا لديها استثمارات اقتصادية واسعة، لا سيما في الساحل السوري، عكس إيران التي كانت تستثمر بالتغيير الديموغرافي على أسس مذهبية في المدن السورية.
وأشار المراقبون، إلى أنه يجب التمييز والتفريق بين المنع للمواطنين العاديين وبين المنع للسلطات على أساس سياسي، فللمواطنين من أي دولة الحق بالسفر إلى أي دولة، وعلى دمشق السماح لكل الجنسيات الدخول للبلاد، كونها تساهم في إنعاش السياحة للبلاد، خصوصا اقتصاديا، أما سياسيا، فإنه وبحسبهم، لا بد من معاملة موسكو وطهران بسياسة واحدة وهي الصرامة، لا التمييز بينهما.
وبحسب المراقبين، فإن طهران وموسكو جلبتا الخراب لسوريا، وبالتالي من الضروري إفهامهما أن سوريا الجديدة لن تسمح لأحد بالعبث بأمنها ومقدّراتها، وأن البلاد تفتح أبوابها فقط لأي نوع من العلاقات التي يسودها الاحترام المتبادل بين الدول، وفي حال سلكت روسيا وإيران هذا المسلك، فلا ضير من فتح صفحة جديدة معهما.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول سياسة

درعا تُعيد بناء نفسها.. حملة تبرعات للمستشفيات والبدء بإزالة آثار الحرب

الشرع.. أول رئيس سوري يزور إدلب منذ سبعينيات القرن الماضي

طهران تتلقى “رسائل إيجابية” من الشرع.. تفاصيل

الشيباني من باريس يكشف مصير الأسد والعقود الروسية والبعثات القنصلية

السجناء السوريون بلبنان يضربون عن الطعام.. وهذا مطلبهم

وسط استياء شعبي.. روسيا تؤكد استمرار المفاوضات على وجودها العسكري في سوريا

مؤتمر باريس حول سوريا ينتهي دون موافقة أميركية.. ما توجه إدارة ترامب تجاه دمشق؟
