تثير الحملات الأخلاقية والدعاوى المتشددة بخلفياتها الدينية الراديكالية مخاوف عديدة بشأن الحريات، خاصة المرتبطة بالفئات الضعيفة مثل المرأة والأطفال والأقليات القومية الإثنية والعرقية كما الطائفية والمذهبية، حيث إن حملة “حجاب المرأة المسلمة” التي تم الترويج لها عبر وضع ملصقات على جدران في العاصمة السورية دمشق كما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعثت بجدالات واسعة بين الأوساط السورية، إذ تطالب هذه الحملة النساء التزام اللباس الشرعي “المحتشم” وفق رؤية القائمين على الحملة.
والإلحاح الأصولي المتشدد لجهة فرض نمط محدد في اللباس بدعوى أخلاقياته المستمدة من الدين، يكشف عن محاولات جمة لفرض أكواد اجتماعية تؤدي بالحتمية إلى الانغلاق والعنف الذي ستنتقل عدواه في باقي أجزاء المجتمع، وتنتقل إلى مستويات أخرى تقلص من فرص الحريات، مثل تعليم الفتيات والاختلاط بين الجنسين وعمل المرأة أو قدرتها على المشاركة السياسية وغيرها من أمور.
هذه الحملة انتقدها سوريون، إذ اعتبروها تدخلا سافرا في شؤون المرأة، بل هوسا للتحكم بجسدها وحريتها، إذ إن الدعوات المماثلة تنم عن “تخلف” و”عقد نقص” لدى فئات واسعة، تعتبر نفسها ضمن الأوصياء عن المرأة والمجتمع.
وبعد أيام، قوبلت هذه الحملة بحملة وكأنها شبه مضادة، فتداولت على منصات التواصل الاجتماعي، منشورات تفيد قيام مجموعة من السوريين بوضع ملصقات تحت مسمى “لباس المرأة الحرة”، لجهة الدفاع عن حرية المرأة في اختيار ما ترتديه دون قيود.
حملة “لباس المرأة الحرة”، أيضا أثارت سجالا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ انقسمت الآراء السورية بين مؤيد ومعارض، فيما رأى آخرون أن الحريات الفردية يجب أن تكون خطا أحمر يكفله الدستور ويصونه القانون.
جدل حول لباس المرأة
انتشرت، اليوم الخميس، منشورات على مجموعات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بأن مجموعة من السوريات والسوريين، ردا على حملات الضغط على النساء لارتداء اللباس الشرعي، أطلقوا حملة شبه مضادة بعنوان “لباس المرأة الحرة”.
وهو ما أشعل منصات التواصل الاجتماعي من جديد، إذ كتب أحدهم: “حلو جدا وهذا هو الصح. أين المشكلة؟ فليعبر كل طرف عن رأيه سلميا وبحرية. علما أنني أيضا لم أكن ضد حملات الحجاب”.
وأضافت إحدى رواد التواصل الاجتماعي على الحملة: “لاحظ أخي المواطن قبل ما تهاجم أنو البوستر على عكس بوسترات حملة الحجاب، لا يحمل أي خطاب طائفي أو ديني أو إقصائي ولا بيدعي لأي شكل من أشكال اللباس وبكفّر باقي الفئات.. أن يكون باختيارك ورغبتك الكاملة، يعني برضو بيدعم حملتكن تبع النقاب إذا يلي بدها تتنقب هي رغبتها. ببساطة رغبتها، صعبة؟”.
وقبل أيام قليلة، قام فريق تطوعي في مدينة حرستا بريف دمشق، بوضع ملصقات حول شروط الحجاب الشرعي في المدينة، ضمن حملة تحت عنوان “حجاب المرأة المسلمة”، علما أن مثل هذه الأمور في صيغتها التوعوية ظاهريا إنما لها أهداف ضمنية تتمثل في فرض إكراهات مجتمعية ترغم المواطنين على الطاعة والقبول بالقيود المختلفة على أساس ديني متشدد.
حملات دعوية
لم يمض وقت طويل على سقوط نظام بشار الأسد، حتى انطلقت مجموعات من الأهالي في جولات دعائية تحمل رسائل تدعو إلى الإسلام والحجاب، في عدد من أحياء مدينة دمشق، وهو ما اعتبر مشهدا غير مسبوق في عموم سوريا.
وبمثل خصوصية الحالة السورية، فإن هذه الحملات أثارت جدلا واسعا وصل في بعض الأحيان إلى مواجهات ومعارك، الأمر الذي استدعى تدخل قوات الأمن العام التابعة للإدارة السورية الجديدة.
ومن بين هذه الحملات، بحسب مقاطع فيديو منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاص يتجولون في أحد شوارع حي القصاع ذي الأغلبية المسيحية في دمشق، ويطالبون باعتناق الإسلام والإقلاع عن التدخين والفصل بين الجنسين، ما أحدث مشاجرة بينهم وبين أهالي الحي المسيحي، ما استدعى تدخل قوى الأمن العام.
كما انتشر فيديو لرجل يحمل القرآن بين يديه ويدعو إلى اعتناق دين الإسلام في حي باب توما ذات الأغلبية المسيحية، الأمر الذي أثار انتقادات لاذعة من قبل مجموعة من السوريين، حيث اعتبروا ذلك يتعارض مع الحريات والخصوصيات الدينية.
من جانبها، تقول القيادة الجديدة في دمشق، إن هذه “حالات فردية” وليست منظمة. وربما هؤلاء الأشخاص ينشطون دون أخذ موافقات رسمية من الجهات المعنية، إلا أنها تحصل.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول شرق أوسط

اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السوري: “قسد” غير مدعوة للمؤتمر

“سيحاكمون”.. الشرع يرفض الطلب الجزائري بتسليم المقاتلين الجزائريين في صفوف الأسد

الشرع يتحدث عن أسباب رحلته إلى العراق وانضمامه “للقاعدة”

“حتى عام 2022 كان مقيماً فيها”.. ماهر الشرع من طبيب بروسيا إلى وزير بسوريا

الشرع: لم نفرض “التجنيد الإجباري” وآلاف المتطوعين يلتحقون بالجيش السوري الجديد


طهران: ندعم أي حكومة يؤيدها السوريون.. والشرع يزور تركيا غداً
