أزمة السيولة بالليرة السورية.. هل من بوادر انفراجة تلوح في الأفق؟

تعاني سوريا من أزمة نقص في السيولة بالليرة السورية بالأسواق مع إجراءات فرض “الإدارة السورية” قيودًا مشددة على سحب الأموال من البنوك، وعدم ضخ المزيد من العملة واحتفاظ “مصرف سوريا المركزي” باحتياطيات كبيرة منها للوفاء بالالتزامات التي على الدولة.

ويعاني السوريون من صعوبة في تلبية احتياجاتهم اليومية وسط ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، تزامنًا مع حلول شهر رمضان الفضيل.

قيود مشددة

على مدار أكثر من شهرين أصبح سحب النقود بالنسبة للكثيرين مهمة شاقة، حيث يقضي السوريون ساعات طويلة أو حتى أيامًا في محاولة للحصول على ما يكفي من المال لتلبية احتياجاتهم اليومية.

بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإن “الإدارة السورية الجديدة” فرضت قيودًا مشددة على السحب اليومي من البنوك، مما أثار أزمة حادة تزامنت مع شهر الصيام، بحيث إنّه بدل أن تكون الأجواء احتفالية، وجدت الكثير من الأُسر نفسها تكافح لتلبية احتياجاتها الأساسية لهذا الشهر.

ورغم انخفاض أسعار العديد من السلع منذ تولي “الإدارة الجديدة” السلطة، إلا أن الكثير من السوريين ما زالوا غير قادرين على شراء ما يحتاجون إليه بسبب القيود على السحب، في ظل اقتصاد يعتمد بشكل أساسي على النقد حيث لم تنتشر بعد ثقافة استخدام بطاقات الائتمان أو المدفوعات الإلكترونية بشكل واسع، بحسب الصحيفة.

وكان “البنك المركزي السوري” أعلن في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن هذه الإجراءات ستكون مؤقتة، لكنها استمرت لعدة أشهر.

بوادر لانتهاء الأزمة

وسط قلق كبير حول الوقت الذي ستُحرر فيه الأموال وتُطرح للتداول مرة أخرى، رأى مراقبون أن هناك بوادر تلوح بالأفق بشأن انتهاء أزمة السيولة بالعملة السورية.

رفع “المصرف التجاري السوري”، أمس الأربعاء” سقف السحوبات عبر الصرافات الآلية إلى 500 ألف ليرة أسبوعيًا، بهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين، في ضوء توجيهات وزير المالية.

كما أتاح المصرف صرف القيمة ذاتها خلال يوم واحد بعد أن كانت 200 ألف، إضافةً إلى إمكانية سحب 500 ألف ليرة عن طريق أجهزة POS، كما أتاح المصرف إمكانية تقديم طلب سحب نقدي بسقف مليون ليرة عبر فروعه.

وتزامنًا مع قرار “التجاري السوري“، فإن سوريا تسلّمت أمس الأربعاء شحنة جديدة من العملة المحلية المطبوعة في روسيا، كما أنه من المتوقع وصول المزيد من شحنات العملات في المستقبل دون أن يوضح المبالغ، وفق وكالة الأنباء “رويترز”.

فجوة سعر الصرف

من جهته، رأى الأكاديمي والمستشار لدى “البنك المركزي السوري”، الدكتور مخلص الناظر، أن قرار رفع “المصرف التجاري السوري” سقف السحوبات عبر الصرافات الآلية إلى 500 ألف ليرة أسبوعيًا، يُعد بادرة لانفراجة في أزمة السيولة بالليرة السورية.

وأكد الناظر خلال منشور له على صفحته بموقع التواصل “فيسبوك”، أن القرار من شأنه أن يساهم في تضييق الفرق بين السوق والسعر الرسمي، وإلغاء حالة التربح من سعر الصرف وهو أحد الأهداف الأساسية حاليا.

ويشهد سعر الصرف الرسمي استقرارًا وفق نشرة “المصرف المركزي” عند 13,200 ليرة للدولار الواحد، بينما شهد السوق الموازي تقلبات شديدة، وبدأت قيمة الليرة السورية تتذبذب أمام الدولار، منذ 26 من كانون الثاني/ يناير الماضي، حين سجّل الدولار لأول مرة 11600 ليرة، بعد أن ثبتت لفترة عند 11650 ليرة.

واستمر التذبذب حتى وصلت قيمة الليرة إلى 7900 ليرة مقابل الدولار الواحد، في 4 من شباط/ فبراير الجاري، لتعاود التراجع وتستقر عند حدود 10 آلاف مقابل الدولار، وفقًا لموقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف، حيث وصل سعر الصرف اليوم 10,500 ليرة للدولار الواحد.

أين سيذهب سعر الصرف؟

بدوره، قال الخبير الاقتصادي، جورج خزام، إنه مع بدء وصول مئات مليارات الليرات السورية إلى “المصرف المركزي” من روسيا سوف تبدأ محاربة تجفيف السيولة بالليرة السورية التي قام بها الصرافين من أجل إحداث تخفيض وهمي وتقلّب بسعر صرف الدولار للحصول على المكاسب السريعة، ذلك خلال منشور له على موقع التواصل “فيسبوك”.

سوف يتم إعادة ما فقدته الأسواق من الليرة السورية، والصرافين بالخارج مع شركائهم بالداخل لن يتركوا مليارات الليرات التي معهم تنخفض قيمتها، على أن يكونوا سباقين باستخدامها عبر شراء الدولار من الأسواق.
الخبير الاقتصادي، جورج خزام

ورأى أنه مع الزيادة الكبيرة بالعرض من الليرة السورية من قِبل الصرافين و”المصرف المركزي”، سيكون هناك ارتفاعًا حتميًا وسريعًا بسعر صرف الدولار، ليعود مبدئياً للسعر الذي انطلق منه بالانخفاض 13,000 ليرة، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع سوف يستمر ليصل إلى 19,000 ليرة، وهو السعر الذي يعبر عن حقيقة القوة الشرائية لليرة السورية.