مع استمرار “مصرف سوريا المركزي” في تبني سياسة “حبس السيولة” في البنوك والتشدد النقدي منذ أكثر من شهرين، يستمر أيضًا تعطل حركتي التجارة والصناعة ضمن الآثار السلبية التي كبلت القطاعات كافة، على الرغم من أن الهدف هو التحكم في كمية النقود المتداولة في الأسواق، وكبح جماح تضخم الأسعار.
ويتبع “المركزي” سياسة حبس السيولة في المصارف وعدم السماح للمودعين إلا بسحب مبلغ مليون ليرة فقط في اليوم الواحد، ومع ذلك لم يفصح عن السبب الحقيقي الذي دفعه للقيام بمثل هذا الإجراء، على الرغم من علوّ صوت المستهجنين لهذا القرار من التجار والمواطنين.
خلل البيع والشراء
نائب رئيس مجلس إدارة “غرفة تجارة دمشق”، محمد الحلاق، قال إن تجفيف السيولة وعدم توفر النقد بين أيدي المستوردين والعملاء، ينتج عنه خلل في البيع والشراء وفي التوازنات، ما يجعل الحركة غير متوازنة، وبالتالي قد تؤدي إما إلى خسائر وإما إلى أرباح كبيرة لأنها تخلق ظروفا استثنائية.
وعن تأثير تجفيف السيولة في القطاع التجاري، أوضح أنه يتجلى في كون الحركة التجارية تحتاج إلى توازن معين، وهذا التوازن يُخلَق بتوافر السلع والنقد بين أيدي المستوردين والمستهلكين، ما يُمكّن من سرعة دوران السلعة، وفق ما نقل عنه موقع “هاشتاغ“.

وأوضح أن الظروف الاستثنائية في قطاع التجارة تكون دائما سلبية، لأنه من الضروري لتوازن السوق توفر السلع بأكثر من 5 إلى 10 بالمئة عن حاجة السوق، كي يكون سعرها مقبولا من دون رفع هوامش ربحية كبيرة، مع وجود أشخاص عدة يتنافسون في السلعة نفسها.
وأشار الحلاق إلى أنه بمجرد حدوث خلل في هذه المنظومة، ينقص عدد مستوردي سلعة معينة، ما يؤدي إلى انخفاض التنافسية، وحتى وإن توفرت السلع ستُرفع أسعارها، وينطبق الأمر نفسه على نقص السيولة النقدية.
كما أضاف أنه نتيجة ذلك، يضطر التاجر إلى رفع سعره لأن معدل دوران رأس المال يتأخر وكلما كان رأس المال مجمدا زادت هوامش الربح.
وطرح مثالاً على ذلك بأن دخول البضائع الأجنبية غزا الأسواق بسرعة، إذ استطاعت هذه المنتجات تحقيق مبيعات بقبض الأموال ثم إعادة استثمارها، وهذا ساهم في انخفاض أسعار السلع انخفاضا كبيرا.
غزو السلع المُهربة
فيما يتعلق بتأثير حبس السيولة على القطاع الصناعي، أوضح الحلاق أن غزو السلع المُهربة، التي قد تكون غير معروفة الجودة، أثر سلبا في الصناعة المحلية.
وأكد أن جودة المنتج السوري أفضل من المنتجات المتوفرة في البسطات، لكنها تأتي بأسعار أقل بسبب عدم خضوعها لمنصة التمويل التي تتراوح تكلفتها بين 35 و40 بالمئة.
المستفيد من تحرّك الاقتصاد هو المستهلك، لكنه اليوم يعاني قلة السيولة وضعف الرواتب، على الرغم من الوعود بزيادة الرواتب بنسبة 400 بالمئة التي لم تتحقق بعد.
نائب رئيس مجلس إدارة “غرفة تجارة دمشق”، محمد الحلاق
نتيجة ذلك، أصبح الإنفاق في أدنى حدوده، بينما لا تزال هناك قيود على السيولة، وهذا أدى إلى توقف عجلة الصناعة، ويعاني موردو مواد التعبئة والتغليف والكرتون عدم قبول الدفع إلا نقدا، على الرغم من أن جميع المنشآت تملك أموالا مجمدة في البنوك.
حلول مقترحة
فيما يتعلق بالحلول، أشار الحلاق إلى أن الأمر يتطلب معرفة دقيقة بالبيانات والإحصائيات حول كمية السيولة الموجودة في “المصرف المركزي”، بما في ذلك حجم الكتلة النقدية المطبوعة والمفقودة، ومصادر هذه الأموال، مؤكدًا أن تحديد الأرقام الحقيقية مهم لوضع الحلول المناسبة.
يمتنع “المصرف المركزي السوري” عن إصدار أي بيانات أو تفاصيل عما يملكه من قطع أجنبي أو احتياطي من الذهب، ولم يكشف “مصرف سوريا المركزي” عن مخزونه من الدولار رسميًا منذ عام 2011، عندما كانت خزينته تحتوي على احتياطي يبلغ نحو 18 مليار دولار. ولكن في عام 2016، أصدر البنك الدولي بياناً رسمياً أكد فيه أن مصرف سورية المركزي يملك حجم مخزون احتياطي من القطع الأجنبي يقدر بنحو 700 مليون دولار فقط.

كما اقترح الحلاق إلغاء فئة الخمسة آلاف ليرة، وهذا يجعلها خارج التداول في “المصرف المركزي”، وفي حال عدم استبدالها بسرعة، ستخرج من الكتلة النقدية المتداولة، لكن ذلك يتطلب شروطا معينة؛ فإذا لم يكن هناك إثبات لمصدر هذه الأموال يمكن رفضها.
أضاف أيضا أن أحد الحلول الأخرى هو طبع عملة جديدة واستبدال القيم الكبيرة بأحجام مناسبة، كما رأى أن الاعتماد على الدولار بديلا عن الليرة هو حل مرفوض، مؤكدا أهمية وجود الليرة في الاقتصاد.
ورأى الحلاق أيضًا أن الحل لمشكلة حبس السيولة والحفاظ على سعر الصرف يكمن في تفعيل أدوات الدفع الإلكتروني والتوجه نحو عدم تداول السيولة النقدية، كما هو الحال في عدد من الدول العربية؛ إذ يتم الاعتماد على حوالات مصرفية أو بطاقات ائتمانية، وهذا يعزز من تفعيل نظام الدفع الإلكتروني في المعاملات كافة.
- مؤتمر “وحدة الموقف والصف” الكردي يعلن بيانه الختامي.. تفاصيل
- في ظل غياب العدالة الانتقالية.. استمرار أعمال التصفية والانتقام في سوريا
- مروان الحلبي.. طبيب الخصوبة الذي ارتقى لسُدة التعليم العالي
- رد دمشق على واشنطن تناول 5 مطالب… تفاصيل الرسالة السورية حول شروط رفع العقوبات
- تديّن أم موضة؟.. هجوم حاد من سارة نخلة على حجاب حلا شيحة “الموسمي”
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

واشنطن تتسلّم رد دمشق على متطلبات تخفيف العقوبات.. تفاصيل

هل تحمل زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق رسائل بعد حلّ “اللواء الثامن” بدرعا؟

مسؤول أميركي: لا ثقة بدمشق حتى الآن وهذه أولوياتنا في سوريا

مرهف أبو قصرة: من حقول حلفايا لوزارة الدفاع السورية.. رحلة مثيرة للجدل!

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

مباحثات أوروبية حول إمكانية تخفيف العقوبات عن سوريا
المزيد من مقالات حول اقتصاد

السعودية وقطر تتكفلان بسداد ديون سوريا لدى “البنك الدولي”.. ما دلالات تلك الخطوة؟

احتجاز شاحنتين أردنيتين في السويداء: هل تتأثر حركة النقل بين البلدين؟

خبير يحل اللغز.. لماذا ترتفع أسعار المواد المحلية السورية أمام المستوردة؟

الوزير العائد: هل ينجح يعرب بدر في ترميم شرايين النقل السوري؟

سرّ تزايد الطلب على الدولار.. هل تتراجع الليرة السورية؟

صندوق النقد الدولي يعين رئيسا لبعثته إلى سوريا.. ماذا تعني هذه الخطوة؟

سخط كبير رغم تسهيلات “التجاري السوري” لسداد القروض.. بماذا طالب السوريين؟
