يلعب الجيش الأميركي دوراً دبلوماسياً مهماً خلف الكواليس في سوريا، ويتوسط في الصفقات بين الجماعات المسلحة والحكومة السورية، بحسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن ضباط أميركيين.

وكشف الضباط أنهم توسطوا في محادثات جمعت بين حكومة دمشق الجديدة والمقاتلين الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة، كما شجعوا فصيلاً مسلحاً آخر تعمل معه الولايات المتحدة في جنوب شرقي سوريا بالقرب من قاعدتها في التنف على إبرام اتفاق مع الحكومة.

تحقيق الاستقرار

مصادر الصحيفة، قالت إن هذه الخطوات تهدف إلى تحقيق الاستقرار في البلاد، ومنع عودة الصراع الذي قد يُعقد جهود محاربة تنظيم “داعش”، بالإضافة إلى منح الولايات المتحدة دوراً فاعلاً في رسم مستقبل سوريا.

الرئيس الانتقالي لسوريا، أحمد الشرع (على اليمين)، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، أثناء توقيع اتفاق يهدف إلى دمج قسد في مؤسسات الدولة، في العاصمة السورية دمشق، 10 آذار/مارس 2025 – انترنت

وذكر مسؤولون عسكريون أميركيون أن احتمال انسحاب القوات الأميركية مستقبلاً ساهم في الضغط على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) للتوصل إلى اتفاق مع دمشق. وأوضح أحدهم أن “هذه وسيلة ضغط، وأعتقد أن التهديد برحيلنا ساهم في جعل الأمر أكثر إلحاحاً”.

مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى أشار إلى أنه كان هناك الكثير من النقاش، ولعبنا دور الوسيط لمساعدتهم على إجراء هذا النقاش. وأوضح: “تبادلنا الآراء حتى توصلنا أخيراً إلى اتفاق يرضي الجميع، وكررنا ذلك عدة مرات، وأوصلناهم أخيراً إلى هذه النقطة”.

بحسب المسؤول الأميركي فقد تم التوصل إلى الاتفاق فجأة، إذ نقلت قوات التحالف مظلوم عبدي على متن طائرة هليكوبتر إلى مطار بالقرب من دمشق، حيث وقع الوثيقة مع الشرع، معتبراً أن ضم “قسد” إلى الحكومة السورية مفيد لضمان قدرة الجيش الأميركي على العمل في سوريا.

تواصل مباشر

المسؤول العسكري الأميركي قال إنه “ما يزال لدى روسيا جهات تعمل معها، وتركيا لديها جهات تعمل معها أيضاً، وإذا لم يكن لدى الولايات المتحدة جهات تعمل معها، فلن يكون لها أي دور، وفجأةً لن نتمكن من تنفيذ ضربات”.

وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الجيش الأميركي يتواصل بشكل مباشر مع مكتب الرئيس السوري، أحمد الشرع، ووزارة الدفاع في دمشق، وذلك بشكل أساسي لمنع القوات الأميركية والسورية من الدخول في صراع.

في الأسبوع الماضي، كاد “التحالف الدولي” أن يقصف موقع إطلاق صواريخ مهجور لميليشيا مرتبطة بإيران، لكنه اتصل أولا بوزارة الدفاع السورية، التي أرسلت فريقا لتفكيك الموقع، وتجنبت ضربة كان من الممكن أن تؤدي إلى أضرار جانبية، وفقاً لأحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين.

وأكد المسؤول العسكري الأميركي أن الحكومة السورية كانت متجاوبة ومتعاونة، و”لو لم نتواصل، لوقعنا في مواجهات عشوائية لا تسير على ما يرام”.

إشارات أميركية

لكن على الرغم من ذلك، فإن السياسة الأميركية تجاه “الإدارة السورية الجديدة” لا يبدو أنها ستكون منفتحة، إذ لم تصدر أي بوادر من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تشير إلى علاقات إيجابية بين واشنطن ودمشق.

السفير السابق، بسام العمادي، قال إن القرار المرتقب للرئيس ترامب بوقف التأشيرات للسوريين، ضمن رعايا دول أخرى، وتصريحات نائبه حول سوريا، ورفع الإشارات الزرقاء عن منصة “X” لـ “القيادة الجديدة”، يبين بوضوح بأن السياسة الأمريكية تجاه القيادة السورية لن تكون مريحة على الإطلاق، وأن العقوبات لن ترفع أو تعلّق قريباً.

وأشار إلى أن “الانتقادات من الدول الغربية (المؤثرة) للقيادة الجديدة حول استئثارها بالسلطة (بغض النظر عن صحتها أو غير ذلك) لا يمكن التغاضي عنها إلى الأبد. “

“ما لم يتم اشراك قوىً سياسية ومهنية أخرى من خارج الدائرة الضيقة في إعادة بناء الدولة وإدارتها، وبالاستفادة من الخبرات الكثيرة المتوفرة لدى قطاع واسع من السوريين للتعامل المهني الصحيح مع دول المجتمع الدولي، فسترتفع وتيرة الانتقادات ولن يستمر تعليق العقوبات، إن لم تتم إعادتها”، أضاف العمادي.

وأكد الدبلوماسي السابق، على أهمية تدارك الأخطاء قبل فوات الأوان. بينما استشهد بما قاله رئيس المخابرات البريطانية (MI6) الأسبق والوزير الخاص لرئيس وزراء بريطانيا بين عامي 1999-2001 جون ساورز في صحيفة “فايننشال تايمز”، إذ قال إنه يجب على الشرع جذب السوريين المنفيين الذين يملكون المهارات والاتصالات الدولية لقيادة حكومة تكنوقراطية.

وأضاف أن مثل هذه الحكومة يمكن أن تؤمن رفع العقوبات الغربية المتبقية وتعيد تشغيل الاقتصاد ولكن ذلك يتطلب منه تقاسم السلطة، وليس الاحتفاظ بها لنفسه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة