شهدت سوريا تطورات متسارعة خلال الأيام القليلة الماضية مع إقرار مسودة الإعلان الدستوري، التي من شأنها أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة لسوريا وإعادة ترتيب البيت الداخلي السوري، وبناء مؤسسات الدولة من جديد، من أجل رسم ملامح للمستقبل السوري يمكن من خلالها التعامل على أساسه مع الدولة الجديدة.

ووصف رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، ذلك الإعلان بأنه “بداية تاريخ جديد للبلاد”، معرباً عن أمله في أن يمحو “الظلم” الذي تعرض له السوريون، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها الدولة السورية الجديدة على مختلف الأصعدة خلال بناء المرحلة الجديدة.

بداية الطريق

خطوة الإعلان الدستوري جاءت كبداية لطريق طويل وشاق تخطوه “الإدارة السورية الجديدة” للوصول إلى ما يحقق تطلعات الشعب السوري ورغباته في المستقبل، من أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة تقود البلاد إلى تحقيق أمن وسلام مستدام، وطفرة اقتصادية تحسن مستوى معيشة السوريين.

وبحسب المادة 11 من “الإعلان الدستوري”، فإن الاقتصاد الوطني يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية الشاملة وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطن.

وبيّنت الفقرة الثانية من المادة أن الاقتصاد الوطني يقوم على مبدأ المنافسة الحرة العادلة ومنع الاحتكار، بينما الفقرة الثالثة أكدت على أن الدولة تشجع الاستثمار وتحمي المستثمرين في بيئة قانونية جاذبة.

غياب التفاصيل

تعليقًا على الإعلان الدستوري الجديد، أوضح الخبير الاقتصادي، ماجد المصطفى، في حديث خاص لموقع “الحل نت“، أن هذا الإعلان يوضح البنود العريضة لمواد الدستور ولكنه لم يعطي تفاصيل واضحة.

الإعلان الدستوري لم يحدد كيفية وآلية تحقيق العدالة في توزيع الثروة على المدن والمحافظات السورية، أو على المجتمع ككل ولا الكيفية، أو الأدوات التي ستستخدم في التنمية الشاملة على مستوى سوريا، و كيفية رفع مستوى المعيشة وجميع النقاط التي وردت في المادة مثل الاستثمار و الاحتكار و غيره.

الخبير الاقتصادي، ماجد المصطفى

وأكد الخبير الاقتصادي، أن هذا الإعلان يمثل إطارًا عامًا جيدًا، لكن يحتاج إلى تشريعات وقوانين ناظمة لإجراءات وعمليات تنفيذ الرؤية التي تهدف إليها القيادة والحكومة السورية، لافتًا إلى أنه خلال ذلك سيبقى الإعلان مجرد شعارات خاصة في خضم التحركات الأقلوية في أطراف البلاد والجهود التي تبذل للملمتها.

وأشار إلى أنه في ظل ما رأيناه في إدلب التي كانت نواة تدربت عليها الحكومة السورية الحالية وفي ظل المشاورات الدولية والرغبة لاستقرار سوريا، من المرجح أن تحقيق ذلك سيكون قويا ولكن سيتأخر قليلا.

إطار عام جيد

فيما أكد نائب رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك، عبدالعزيز معقالي، أن هوية الاقتصاد المحددة قادرة على زيادة الإنتاج وخفض معدلات التضخم ومنع الاحتكار.

واستدل على ذلك صحة هذا التوجه نحو اقتصاد المنافسة، وتحرير الأسعار بتوافر كل المواد التي حُرم منها المواطن إبان النظام البائد كالمحروقات وانخفاض أسعار اللحوم والفروج والمواد الغذائية، مشيرًا إلى أن ذلك ما كان ينادي به السوريين، وفق ما نقل عنه موقع “الحرية“.

وأوضح أن الاقتصاد الحُر يقوم أساسًا على المنافسة التي تكشف الغطاء عن النهب والعمولات والغش عبر المنافسة بين التجار ومنع الاحتكار من خلال مراقبة الأسواق وإجازات الاستيراد والمواد المطروحة في السوق، متمنياً ألا تتدخل الدولة إلا في الصناعات الاستراتيجية الأساسية التي يبنى عليها اقتصاد الوطن.

المعقالي ركَّز على أخذ مجلس الشعب لدوره حين تشكيله في تصويب عمل الحكومة وأدائها كما حددها الإعلان، مبيناً وجود نقاط تحتاج المناقشة والتعديل إنما ضمن هذه الظروف الراهنة هناك رضا عما تحقق وأُنجز مبدئياً.

يحتاج إلى تطوير

لا يعتبر معقالي أن المادة 11 كافية ووافية كونها تحتاج تطويراً بمواكبة اقتصاديات ودساتير الدول المجاورة لتحقيق التكامل الاقتصادي معها للوصول إلى صفر جمارك وحرية انسياب البضائع بين الدول العربية كلها.

90 بالمئة من الشعب تحت خط الفقر، لذا لابد من إسعاف المواطن ضعيف القدرة الشرائية بتحسين الرواتب والأجور، لأنه لا فائدة من السوق الحر أو الاجتماعي أو الاشتراكي إن لم يتحقق ذلك، والبلاد بأمس الحاجة لاقتصاد إسعافي يغير أحوال الناس للأفضل.

نائب رئيس الاتحاد العربي لحماية المستهلك، عبدالعزيز معقالي

وأضاف رئيس جمعية حماية المستهلك أن القانون هو عُرفٌ بين الناس ووضعي وبالإمكان تغييره وتطويره وكذلك الدستور الذي لا نقول إن إعلانه كل فقراته 100 بالمئة وهو يلبي الحالة الأمنية الواجب تحقيقها أكثر من الاقتصادية لكي تتحقق التنمية.

وبيَّن أن كل ما يصدر من تشريعات وقوانين قابلة للتطوير على مراحل وليست جامدة وتتحرك حسب متطلبات السوق وحالة المواطن، وكذلك الإعلان الدستوري أيضاً مرن وقابل للتطوير والتعديل.

ملامح المرحلة المقبلة

يعد “الإعلان الدستوري” وثيقة من شأنها أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة لسوريا، ويهدف على وجه الخصوص إلى إدارة شؤون الدولة خلال المرحلة الانتقالية، التي حددت مدتها خمس سنوات، تبدأ من نفاذ هذا الإعلان الدستوري.

وستكون الوثيقة سارية طوال المرحلة الانتقالية، والتي تمتد حتى تحقيق الاستقرار وإجراء استفتاء شعبي على دستور دائم.

وتكرر حديث الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خلال الفترة الماضية عن إعادة هيكلة الاقتصاد السوري، عبر خطة تتضمن مرحلة طارئة وهي الإسعافية ومرحلتين على المدّيين المتوسط والبعيد.

وأوضح الرئيس الانتقالي أن المرحلة الأولى للخطة ستركز على إعادة إحياء البنية التحتية، في مقدمتها الخدمات المصرفية، والاتصالات، والبنية التحتية مثل الطرق والمياه ضرورية لدعم الاقتصاد، ومن ثم تأتي السياسات الاقتصادية التي تستلزم إصلاح المؤسسات لضمان بيئة استثمارية جاذبة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة