يجد السوريون صعوبة كبيرة في شراء ملابس العيد، مع اقتراب قدومه في ظل الارتفاع القياسي في أسعار الملابس وتآكل قدراتهم الشرائية بفعل انخفاض الدخل، الأمر الذي جعل تركيزهم مقتصرًا على شراء الحاجات الأساسية من الأغذية على اعتبار أن الملابس من الكماليات في ظل أزمتهم المالية. 

وتشهد أسواق الألبسة ركودًا حادًا، مقارنة بالعام الماضي، بسبب توقف العديد من المعامل وتذبذب سعر صرف الليرة السورية بالإضافة لانتشار البسطات بشكل كثيف في دمشق وريفها. 

انتشار بسطات بيع الألبسة 

تنتشر في الأزقة وعلى الأرصفة في المدن السورية، بسطات بيع الألبسة التي تبيع بأسعار أقل من السوق، لذا تلقى إقبالًا أكثر من المتاجر والمولات، كذلك ينشط مبيع محال بيع ملابس؛ الملابس المستعملة “البالة” خلال هذه الفترة. 

أثّر عدم توافر السيولة لدى المواطنين على حركة البيع والشراء هذا العام، ما دفعهم للاكتفاء بشراء الأساسيات كالأغذية أو الأدوية، واعتبار الألبسة من الكماليات في ظل الضائقة المالية التي يعشونها، بحسب ما نقل موقع “تلفزيون سوريا” عن صاحب محل في شارع الحمرا. 

وتأثرت حركة البيع والشراء أيضًا بأسباب أخرى، من بينها توقف المعامل عن الإنتاج نتيجة بعض الأزمات كانقطاع الكهرباء وتوقف حركة الاستيراد لبعض الخامات من خيوط وأقمشة، إضافة إلى نقص العمالة، بحسب قوله. 

وبحسب تقديرات أممية، فإن أكثر من 90 بالمئة من الأسر السورية تعيش تحت خط الفقر، بينما يعاني ما لا يقل عن 13 مليون شخص (أي أكثر من نصف السكان) من عدم القدرة على الوصول إلى غذاء كافٍ أو تحمل تكلفته، وفق المنظمة. 

تذبذب سعر الصرف 

فيما قال، صاحب محل ألبسة في صحنايا بريف دمشق، إن أصحاب الدخل المحدود باتوا يلجؤون إلى البسطات التي انتشرت على الأرصفة بشكل عشوائي لانخفاض أسعارها مقارنة بالمحال، ما انعكس سلبًا على أصحابها. 

وتحدث عن معاناة أصحاب المحال، موضحًا أنهم لديهم التزامات كثيرة مثل إيجار المحل الذي لا يقل عن 3 ملايين ليرة، بالإضافة إلى اشتراك الكهرباء والمياه، ودفع رواتب العمال، وغيرها من الالتزامات، مشيرًا إلى أن الكثير منهم أغلقوا محالهم وباعوا بضائعهم بخسارة تجنبًا لاستمرار تكبد الخسائر. 

تتعرض المعامل إلى خسائر ضخمة نظرًا لركود حركة البيع في المحال وعدم استجرار البضائع خوفًا من هبوط الدولار بشكل مفاجئ، وهو ما اضطر كثير من أصحاب المعامل لتسريح نصف العمالة لعدم القدرة على تغطية النفقات.  

صاحب معمل للألبسة

وصل سعر الدولار، اليوم الخميس، 10.500 ليرة، بالسوق الموازي، بعد فترة من التذبذب، بينما يبقي “مصرف سوريا المركزي”، السعر الرسمي لصرف الليرة السورية مقابل الدولار، دون تغيير، وحدد المصرف في نشرتَي، “المصارف والصرافة”، و “النشرة الرسمية”، شراء الدولار بـ 13200 ليرة.   

ضعف القدرة الشرائية 

بدورها، عبرت إحدى الموظفات، عن حزنها الشديد لعدم قدرتها على شراء “كسوة العيد” لأطفالها بسبب ضعف قدرتها الشرائية، خاصة وأنها لم تتقاضَ راتبها حتى الآن، وتعتمد على 100 دولار قيمة تحويل خارجي يرسلها لها أحد أقاربها من الخارج، مشيرة إلى أن هذا المبلغ أصبح يعادل 750 ألف ليرة في شركات الصرافة. 

وبيّنت أن دخلها بات لا يكفي لتغطية احتياجات الأسرة الأساسية لأسبوع واحد، لافتة إلى أنها تتجه للشراء من البسطات بدلا من المحال بسبب الفارق الكبير في الأسعار. 

لا تتجاوز رواتب الموظفين في سوريا حاجز 50 دولار في الوقت الحالي عند سعر صرف بحدود 9000 ليرة سورية لكل دولار أميركي واحد، ما يجعلهم عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية للشهر الكريم. 

المشهد في الأسواق مختلفٌ هذا العام، حيث تشهد حركة البيع والشراء في أسواق الألبسة ضعفًا كبيرًا، في ظل فجوة كبيرة بين الأسعار في المحال وعلى البسطات، حيث تراوح سعر الكسوة بين 200 و450 ألف ليرة، والبنطال الجينز بين 150 و400 ألف ليرة، والقميص بين 150 و200 ألف ليرة، والبيجامة بين 225 و450 ألف ليرة، في حين يتراوح سعر القطعة المباعة على البسطات بين 25 و50 ألف ليرة، حسب جودتها. 

يجدر الإشارة إلى أن سعر كسوة العيد للطفل الواحد كانت تتراوح العام الماضي، بين 400 إلى 700 ألف ليرة سورية، أي أن رب الأسرة كان يحتاج إلى نحو مليوني ليرة سورية في حال كان لديه 3 أطفال. 

ومع بداية العام 2025، تجاوز متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد حاجز 14 مليونًا و500 ألف ليرة سورية، بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”، فيما وصل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة إلى نحو تسعة ملايين و100 ألف ليرة سورية، ليتضح حجم الهوة التي تفصل الأجور عن متوسط تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع باستمرار. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات