قرارات مهمة اتخذها “مصرف سوريا المركزي” بهدف تقليص الفجوة السعرية بين سعر صرف الدولار الرسمي، وسعر السوق السوداء، والتي نتجت عن عدم توافر السيولة من الليرة السورية بالبنوك والمصارف الرسمية خلال الأشهر الثلاث الماضية.

وأعلن “مصرف سوريا المركزي”، اليوم الأحد، توحيد النشرات الصادرة عنه في نشرةٍ واحدةٍ باسم “النشرة الرسمية” وتحديد سعر الصرف الوارد في النشرة الرسمية.

توحيد نشرات سعر الصرف

بحسب بيان إعلامي لـ”المصرف المركزي” اطلع عليه “الحل نت“، أكد على سعيه المستمر لتوحيد نشرات أسعار الصرف، وتلافي الفروقات بالأسعار، والتقليص من الفجوة بين سعرَي الصرف في السوق الرسمية والسوق غير الرسمية، وكذلك الحد من عمليات المضاربة.

وأشار المصرف إلى أن سعر صرف الدولار الأميركي في تعاملات “مصرف سوريا المركزي” مع المصارف المرخصة هو 12,000 ليرة للشراء و12,120 ليرة للمبيع، وحدد هامش الحركة السعري بنسبة 5 بالمئة.

وفي الخامس من كانون الثاني/ يناير الماضي، أصدر مصرف سوريا المركزي أول نشرة لعام 2025، حيث حدد خلالها سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار بـ13,000 ليرة للشراء و13,130 ليرة للمبيع.

وتراجع سعر صرف الدولار أمام الليرة  من 15 ألفاً إلى 7,500 ليرة، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 10 آلاف ليرة حاليًا، ذلك في الوقت الذي عاودت خلاله العملة السورية للتحسن بعد أن سجلت مستويات انهيار غير مسبوقة، قبل سقوط حكم الأسد.

وتزامن هذا التحسن مع عودة عشرات الآلاف من المهجرين والمغتربين إلى بلادهم عقب إسقاط النظام، وإلغاء العمل بمراسيم منع تداول العملات الأجنبية، ما أحدث انتعاشاً في حركة الأسواق، ليسجل الدولار نحو 15 ألف ليرة سورية في الأيام التي تلت هروب الأسد، بعد أن وصل إلى 35 ألفاً قبل أيام قليلة.

كما ترافق ذلك مع إعلان الحكومة الجديدة عن أهدافها الرامية إلى النهوض بالواقع الاقتصادي وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال، وسط العديد من التحديات الاقتصادية والمالية الكبيرة.

لائحة رسمية يومية

وفقًا للمادة الأولى من قرار المركزي، ستتضمّن النشرة اليومية سعر صرف الدولار (شراء – مبيع – وسطي) بناءً على دراسة واقع السوق المحلية، إضافة إلى أسعار العملات الأخرى وفق وسطي أسعار الصرف التقاطعية وهوامش تحددها مديرية العمليات المصرفية، وذلك بالاستناد إلى مواقع إلكترونية مختصة.

أما من حيث تطبيق النشرة، فأكّد القرار في مادته الثانية أن هذه النشرة ستكون مرجعية للمصارف ومؤسسات الصرافة المرخصة، لتحديد أسعار الصرف الخاصة بها، بما يراعي هامش حركة سعري يومي يسمح بالتسعير ضمن نطاق محدد.

كما شدّد القرار على التزام الجهات المرخصة بنشر النشرة المعتمدة بشكل واضح للزبائن عبر شاشات إلكترونية تتضمن سعر الشراء وسعر المبيع، مع إشارة صريحة إلى أن هذه الأسعار معتمدة في جميع التعاملات اليومية.

واتخذ “المركزي السوري” على مدار الفترة الماضية من تثبيت سعر الصرف هدفًا، واتبع سياسة تقييد السحب من المصارف وتجفيف السيولة في الأسواق، وهو ما استغله تجار ومضاربين حولوا البسطات إلى منصات لتصريف العملات، مُستغلين حاجة الناس إلى تصريف جزء من مدخراتهم لتلبية استحقاقات ومتطلبات معيشتهم.

هذا في وقت يعاني فيه 90 بالمئة من السوريين من الفقر، كما تسببت الحرب في خسائر لاقتصاد سوريا تجاوزت الـ800 مليار دولار وفقاً لإحصاءات أممية.

سد الفجوة السعرية

تعليقًا على القرار، أوضح الخبير الاقتصادي، ماجد المصطفى، في تصريح خاص لـ”الحل نت”، أن القرار يعد من أحد الأدوات المُستخدمة في إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تهدف إلى سد الفجوة السعرية بين السوق الموازي عبر المضاربة على الدولار والبنوك التي لم توفر الليرة.

وأضاف أن تلك الفجوة السعرية انعكست سلبًا على سعر الصرف، وشهد السوق الموازي ارتفاعًا بأسعار العملات الأجنبية مقابل السعر الرسمي بالبنوك التجارية والمركزية.

وأفاد بأنه في ضوء هذا القرار سوف يتمكن “البنك المركزي” من توفير السيولة النقدية التي تحتاجها البنوك ومن ثم طرحها في الأسواق بناء على الطلب المتزايد على الليرة السورية، خاصة في ظل زيادة وتيرة عودة المغتربين واللاجئين وموسم الإجازات.

ورجح أن يكون هناك تلبية محدودة في الوقت الراهن لتوفير السيولة النقدية، خاصة بعد استلام الحكومة شحنتين من الليرات المطبوعة والتي قدرت قيمتها بأكثر من 600 مليار ليرة من روسيا خلال الفترة الماضية، كما أن هناك توقعات بأن يكون هناك وعودًا بمزيد من تلك الشحنات.

وتوقع أن يتجه بعض المُضاربين إلى عمليات بيع الليرة السورية وتعمد رفع أسعار الصرف في سبيل التخلص منها وشراء الدولار قبل خسارتهم في حال فتح البنوك أبوابها لتبادل الدولار بالسعر المطروح .

وأكد أن الإصلاح الاقتصادي في سوريا يحتاج إلى سياسات متكاملة وموزونة  لمواجهة التحديات الهيكلية، مشددًا على ضرورة أن تعتمد الإدارة الجديدة على خبراء واقتصاديين لتقديم رؤيتهم في سبيل إصدار وتطبيق وتنفيذ إصلاحات حقيقية.

ضبط الصرافة غير المرخصة

من جانب آخر، أعلن المركزي ضبط محال صرافة غير مرخصة وعملات أجنبية مزورة في دمشق، في 19 من آذار/ مارس الحالي.

ودعا “المركزي” المواطنين إلى عدم التعامل مع أي جهة غير مرخصة، سواء كانت من المحال أو الأشخاص لتنفيذ عمليات الصرافة أو الحوالات المالية.

وعلل أن ذلك بضمان عدم تعرضهم للضرر الناجم عن انتشار العملات المزورة التي يصعب كشفها، واحتمال تعرضهم للملاحقة القانونية في حال ضُبطت هذه العملات المزورة بحوزتهم.

هذا وأجبرت سياسة “البنك المركزي السوري” بحبس السيولة في المصارف وعدم السماح للمودعين إلا بسحب مبلغ مليون ليرة فقط في اليوم الواحد، المواطنين خلال الفترة الفائتة على بيع مدخراتهم من الدولار بسعر أقل من السعر الرسمي، ومن المتوقع أن يعيد المضاربين من الصرافين غير المرخصين بإعادة بيعها بضعف سعرها عند ارتفاع الدولار، خاصة مع زيادة تدفقات وتحويلات السوريين بالخارج من العملات الأجنبية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة