يبدو أن مسألة التوافق بين الدروز في جنوب سوريا والسلطات السورية الجديدة صعبة، ولا أمل في تحقيقها قريبا، حيث صرح الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، بأنه “لا يوجد توافق بيننا وبين حكومة دمشق”، مؤكدا أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع السلطات بدمشق، فإنهم “مستعدون لصد القوات الحكومية إذا لزم الأمر”.

وأضاف الشيخ الهجري في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأميركية “NPR“، أن المحادثات مع السلطات بدمشق مستمرة، لكن الاتفاق سيكون صعبا.

وتابع: “الفصائل الإرهابية المسلحة تعتبر نفسها الآن مسؤولة عن الإدارة في دمشق. وهذا غير مقبول لا على المستوى السوري ولا الدولي”، على حد تعبير الهجري.

الهجري: لا توافق مع دمشق حاليا

وخلال حديثه مع الإذاعة الأميركية، أشار الشيخ الهجري إلى أن جماعة “هيئة تحرير الشام”، التي قادت تحالف فصائل “المعارضة السورية” والذي أطاح بنظام بشار الأسد، تُصنف الولايات المتحدة والأمم المتحدة هذه الجماعة منظمة إرهابية.

الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي الدرزي، في منزله بقريته في السويداء، 10 آذار/مارس. إميلي جارثويت لـ”NPR”

وأكد الشيخ الهجري أن القوات الدرزية التي حافظت على الأمن في السويداء، جنوب سوريا، “ستبقى على حالها”، وستواصل السيطرة على حدود المحافظة مع الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.

وشدد على أنه في ظل غياب أي اتفاق مع دمشق فإن القوات الدرزية “تجمع المقاتلين وتضع خططا لصد القوات الحكومية إذا لزم الأمر”.

وقال الشيخ الهجري: “لا نريد تدخل أحد من الخارج، لأن هذه مرحلة انتقالية ومرحلة خطيرة”.

“نرفض الطائفية”

خلال آذار/مارس الماضي، قُتل ما يقارب الـ1700 مدني من الطائفة العلوية في الساحل السوري وفي قرى بريف حماة، في سلسلة مجازر ارتكبتها فصائل سورية مسلحة تابعة لوزارة الدفاع السورية، وذلك بعدما نصب فلول نظام الأسد كمائن للأمن العام، بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” ووسائل الإعلام.

اعتبر رئيس المرحلة الانتقالية السورية أحمد الشرع المجازر “أحداثا متوقعة”، فيما اتهمت وزارة الدفاع “عناصر غير منضبطة” بتنفيذ المجازر، لكن فشل الحكومة في حماية الأقليات أثار صدمةً في صفوف الدروز.

وبالتالي وبعد ثلاثة أيام من مجازر الساحل السوري، وفور رفع حظر التجول، أجلى زعماء الدروز جميع الطلاب الدروز من جامعات الساحل، أكثر من 1200 طالب. وكان بعضهم على بُعد أشهر فقط من الحصول على شهاداتهم، وفق تقرير مطول للإذاعة الأميركية.

وحول ذلك أكد الشيخ الهجري للإذاعة الأميركية، أن “إراقة الدماء تُفضي دائما إلى مزيد من سفك الدماء، ونحن نرفض هذه الطائفية، ونريد بناء دولة مدنية”.

احتفل الطلاب الدروز بإجلائهم إلى مكان آمن في الحافلات بعد استهداف العلويين في هجمات مروعة. في 10 مارس/آذار. إميلي جارثويت لـ “NPR”

من جانبه، قال المتحدث باسم حركة “رجال الكرامة” باسم أبو فخر: “لا يمكننا أن نخدع أنفسنا”. وأضاف: “بعد ما حدث على الساحل، توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، فلن نكون قادرين على العيش معا”.

الدروز يرفضون التقسيم

كان الشيخ حكمت الهجري قد قال في الرابع من آذار/مارس الفائت إنه لا يطالب بالانفصال عن سوريا، مؤكدا أنه لا يسعى إلى التقسيم أو الانقسام، وذلك بعدما شنت إسرائيل آنذاك عدة ضربات على سوريا، عقب مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجعل جنوب سوريا “منزوع السلاح بالكامل”، وأن تل أبيب لن تسمح لقوات الإدارة الجديدة بالانتشار جنوب العاصمة دمشق.

إلى جانب إعلان إسرائيل عن استعدادها لحماية دروز سوريا، وما أعقب تلك التصريحات حالة الجدل بشأن مساعٍ انفصالية بمحافظة السويداء جنوب سوريا.

وكلمة الهجري جاءت حينها ضمن مقطع فيديو وهو يقول للمتجمعين حوله: “مشروعنا مشروع وطني سوري بامتياز؛ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ولن نناقش أفكارا أبعد من ذلك، ولا نسعى لا سمح الله إلى التقسيم أو الانقسام. نريد الحفاظ على جذورنا”، مبينا أن الطائفة تعرف مصلحتها جيدا.

وجدد الشيخ الهجري حديثه للإذاعة الأميركية بالقول: “نحن دائما أوفياء للأرض التي نحن عليها”.

بدوره، قال باسم أبو فخر، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “عندما يقول نتنياهو إنه يريد حماية الدروز، فهو يفعل ذلك لتحقيق مصالحه الخاصة”.

وأضاف أبو فخر للإذاعة الأميركية أنه “بالطبع لدينا مخاوف” بشأن الحكومة السورية الجديدة، مستشهدا بمذبحة عام 2015 التي ذهب ضحيتها أكثر من 20 قرويا درزيا في محافظة إدلب شمال غرب البلاد على يد “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، وفق قوله.

ورغم أن الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع دعا إلى توفير الحماية الكاملة وحقوق الأقليات في البلاد، فإن الدروز غير مقتنعين بذلك، والفشل في التوصل إلى اتفاق حتى الآن يعزز هذا الأمر.

احتجاجات شعبية ضد التصريحات الإسرائيلية بشأن سوريا- “وسائل الإعلام”

وتابع أبو فخر حديثه: “يعتبروننا كفارا، ويطالبون بقتلنا واغتصاب نسائنا وسرقة أموالنا.. لذا، نعم، هناك قلق. لكننا مستعدون، ولدينا أسلحة، ونرفض السماح لهم بالدخول والخروج من الجبل”.

وأكد أبو فخر على أن الدروز لا يسعون إلى الاستقلال: “نحن حريصون على توحيد سوريا، وعاصمتنا دمشق. لأن الإنسان لا كرامة له إلا في بلده”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة