في دير الزور كلاً يسعى لتحقيق أهدافه، فالحكومة السورية لهثت إلى المنطقة بعد درعا من أجل تنفيذ التسويات فيها، في حين بادرت إيران إلى تلوين المنطقة بصبغتها من أجل تثبيت نفوذها في المنطقة.

وبالرغم من أنّ التسويات التي ابتكرتها روسيا في أعقاب تدخلها عام 2015، إلا أنّ دمشق بات يروق لها الأمر لترويجها دولياً وإظهار أنّ هذه التسويات هي إعلان لفرض سيطرتها على المناطق التي خرجت عن سيطرتها.

التسويات تنتقل إلى البوكمال

أعلنت الحكومة السورية عزمها نقل مركز “التسوية” في دير الزور إلى مدينة البوكمال. وذلك لمواصلة لجان المصالحة عملها بعد نقل المقر مرتين من مركز المحافظة ثم إلى مدينة الميادين.

السلطات السورية وروسيا يعملان منذ وقت طويل على إنجاح هذه التسويات منذ 10 أيام، والهدف هو إحراج المدنيين في المنطقة لعدم مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

يعد هذا القرار برأي الناشط الإعلامي، محمد علاوي، انتهاكًا للسلم الأهلي، ويساهم في تفكيك التلاحم المجتمعي. وسيؤدي بنظره إلى عواقب مثل تفاقم التوترات وإثارة الصراع المسلح بين قوى الصراع في المنطقة، والمزيد من الدمار في المدينة.

وينظر الأهالي الذين ذهبوا إلى مركز التسوية، في كيفية حل هذا الوضع من خلال الحوار مع جميع الأطراف المعنية. خصوصاً أن القوات الحكومية تروج بعدم السماح للأهالي بالذهاب إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية.

وعليه، يخاف سكان المناطق الريفية وفقاً لـ”علاوي”، بعدم السماح لهم لاحقاً في العودة إلى ديارهم.

اقرأ المزيد: تحت مسمى “الزكاة والحماية”.. مليشيات إيران تسرق رعاة الماشية في دير الزور

إيران تنشط مع دمشق

في ضوء ذلك، ليس من المستغرب أن تستثمر إيران بكثافة في دعم الحكومة السورية لها. إذ تشير التقارير الأخيرة إلى أن المليشيات الشيعية العاملة بتوجيهات إيرانية فتحت فرعا جديدا للمركز الثقافي الإيراني في بلدة حطلة شرقي دير الزور.

كانت المراكز الثقافية الإيراني نشاطه لنشر الثقافة الشيعية والفارسية في العالم العربي. على سبيل المثال، لعبت الجماعات المدعومة من إيران مثل حزب الله والحوثيين في اليمن دور فعال في أهداف إيران التوسعية.

ولفت ناشطون محليون، إلى أن المنطقة تشهد تزايدًا في أعداد المتشيعين، خاصة بين عائلتي “الرجا” و”البلعط” في إطار سعيهما لكسب ود القوات الإيرانية، لتصبح بلدة “حطلة”، أيقونة التشيع في المنطقة.

وبحسب الناشطين، فإن المركز الثقافي سيكون قادرًا على تقديم خدمات دينية وثقافية، فضلاً عن تقديم دورات لغوية باللغة الفارسية حصراً.

اقرأ المزيد: عناصر “داعش” السابقين ضمن عمليات التسوية الجديدة في دير الزور

خطر النفوذ الإيراني في دير الزور

في 30 أيلول/سبتمبر، أعادت سوريا والعراق فتح معبرهما الحدودي الرئيسي بين البوكمال والقائم، الذي كان مغلقاً رسمياً منذ خمس سنوات.

 تسيطر إيران ووكلاؤها حالياً على سبع بلدات في الجانب الشرقي من نهر الفرات جنوب مدينة دير الزور، من الميادين إلى البوكمال. ويشمل ذلك سلطةً عسكريةً كاملةً وإدارةً تنفيذيةً يمارسها ما يقرب من 4500 عنصر مسلّح.

ويضيف علاوي، لـ(الحل نت)، تخيل مستقبلاً نعيش فيه في عالم تسيطر فيه إيران جميعًا، تبدو مخيفة، أليس كذلك؟

إذ تسببت إيران في إثارة المشاكل والسيطرة على دول في الشرق الأوسط. إنها مسألة وقت فقط قبل أن تسيطر إيران على دير الزور، وبعد ذلك لن يكون هناك شيء يمنعهم من إرهاب ملايين الناس. لا يمكننا الانتظار بشكل سلبي حتى تغير إيران أساليبها نحن بحاجة إلى اتخاذ إجراء الآن، على حد قوله.

فالأراضي التي تحتلها إيران حاليًا في سوريا والعراق تمكن إيران من تسليح وحماية حزب الله وغيره داخل لبنان ومرتفعات الجولان، والحفاظ على ممر لوجستي لإمداد قواتها في سوريا.

ويسيطر وكلاء إيران في سوريا على الحدود العراقية، مما يمكّن طهران من لعب دور حاسم في تحديد مستقبل العراق. يقترب النظام الإيراني من تحقيق أرباح كبيرة من استثماراته في الحرب السورية.

ويرى علاوى، أنّه حان الوقت للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية السوريين الذين ظلوا يدافعون عن بلادهم ضد الإرهاب حتى الآن. مضيفا «يجب ألا نسمح للمليشيات المدعومة من إيران بالسيطرة على الأراضي السورية».

ومن الصعب فهم الحجم الحقيقي للدمار الذي واجهه السوريون. هناك ما يقدر بنحو 13 مليون شخص نازح داخليا وحوالي خمسة ملايين فروا من البلاد كلاجئين.

هناك فرص قليلة للأجيال الشابة في سوريا لكسب دخل لائق أو تلقي التعليم. بينما يهدد النفوذ الإيراني ولا سيما في دير الزور هذا الأمل بعد عشر سنوات من الحرب في سوريا.

قد يهمك: بعد تجنيد الشبان.. تسابق روسي إيراني على تجنيد النساء في دير الزور

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة