انتهت قبل أيام قليلة العملية التي شنها تنظيم داعش على سجن الصناعة الواقع جنوب مدينة الحسكة، بعد حصار واشتباكات لنحو 9 أيام، بين التنظيم من جهة وقوات قسد والتحالف من جهة أخرى، نتج عنه سقوط عدد من القتلى والجرحى بين الطرفين، ليفضي في النهاية إلى استسلام عناصر التنظيم ممكن لم يستطع الهرب، أو لم يقتل خلال الاشتباكات.

هجوم تقليدي

اعتمد التنظيم في هجومه على سجن الصناعة على أسلوبه التقليدي الذي كان يستخدمه في هجماته في المعارك المتوسطة والكبيرة، خاصة تلك التي تستهدف مقرات كبيرة، حيث اعتمد على الهجوم بسيارات مفخخة على محيط السجن ثم بدأ الهجوم من قبل عناصره المعروفين بالانغماسيين ليدخلوا إلى السجن.

لكن الأمر اللافت للانتباه هو الهدف الذي اختاره التنظيم، والمعروف بموقعه المؤمن عسكريًا وأمنيًا إضافة إلى تحصينه الكبير، وهذا ما أدى إلى حالة كبيرة من الارتباك في صفوف قوات قسد خاصة في أول يومين من العملية، إذ لم تتمكن من النجاح بتطويق المكان على الرغم من دعم التحالف لها.

كما لم يكن متوقعًا من التنظيم أن يقوم بتنفيذ هجوم تقليدي بهذا الحجم بعد خسارته في مخيم الباغوز الذي اعتبر حينها نهايته الكبرى، فقد اعتاد عناصره الهجمات الخاطفة التي تنفذها خلاياه المتوزعة وخاصة على الطرقات السريعة وفي مناطق البادية.

هل كان الهجوم عملية غامضة؟

لم يتمكن تنظيم داعش خلال الهجوم من إطلاق سراح كافة معتقليه في السجن، فقد قتل عدد منهم ومن المهاجمين، فيما استسلم البقية، كما لم يتم الكشف عن نتائج الهجوم الحقيقية حتى الآن.

الصحفي السوري بشير العباد، يقول في حديث لـ “الحل نت”، إن العملية كانت برمتها عملية غامضة، وتحقيق أهدافها من عدمه يحتاج إلى بعض الوقت ليظهر، حيث لا يمكن الجزم أن التنظيم أراد تحرير كافة المعتقلين.

وأوضح العباد، أنه وبناء على معلومات مؤكدة حصل عليها، فقد تمكن التنظيم خلال اليومين الأول والثاني من الهجوم من إطلاق سراح عدد من قيادات الصف الأول من التنظيم من السجن، معظمهم من الجنسية العراقية، مشيرًا إلى أن قسد كانت تصدر بيانات حول المعركة إلى بقية قطعاتها توضح مجريات المعركة، لكن في اليوم الثالث تم إيقاف إصدار هذه البيانات بطلب من الأميريكيين.

كما أكد العباد أن القوة التي هاجمت سجن الصناعة كانت مؤلفة من نحو 100 مقاتل من تنظيم داعش، قدموا من دير الزور إلى الحسكة لتنفيذ الهجوم، ولكن من غير المعروف كيف تم التنسيق لإدخال قوة كبيرة بهذا الحجم إلى مدينة الحسكة.

التنظيم لم يعد لقوته السابقة، والخلايا هي أساس عملياته

لم يعد لدى تنظيم داعش تلك القوة كما في السابق، من حيث وجود قوات كبيرة ومركزة في مناطق محددة، إنما بات يعتمد على الخلايا المكونة من مجموعات صغيرة سهلة الحركة، ومن بعض الخلايا النائمة التي تتولى في بعض العمليات مهمات لوجستية أبرزها مراقبة الطرق والمعابر.

لكن وحسب بشير العباد، فالتنظيم اليوم ينقسم إلى قسمين رئيسيين: الأول قوات مركزية رئيسية وهذه تتواجد في البادية السورية، حيث التضاريس تسمح لها بالتواجد بكثافة كبيرة، والثاني خلايا متفرقة في منطقة الجزيرة السورية، وتعمل هذه الخلايا بشكل مستقل عبر تلقيها أوامرها من قادتها المعروفين باسم “أمراء المجموعات”.

لكن وحسب معلومات أكدها العباد فإن التخطيط والأوامر لعملية سجن الصناعة جاءت من المركز الرئيسي للتنظيم في البادية السورية، ودلل على ذلك بانتقال القيادات التي تم تهريبها من سجن الصناعة إلى البادية في أول يومين من العملية، مشيرًا إلى أن إطالة عملية السجن لـ 9 أيام كانت غير مبررة، فقد انتهت قبل ذلك أي بمعدل في اليوم الرابع أو الخامس من الهجوم.

لا يمكن القول أن التنظيم قد حقق انتصارًا على قسد، وبصرف النظر عن بعض نتائج الهجوم وتهريب عدد من السجناء إلا أن قسد أثبتت من جديد أنها قادرة على صد هجمات التنظيم وأنها قوة لا يستهان بها لمواجهة مخاطر الإرهاب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.