اتبعت روسيا سياسة تدمير البنية التحتية للمدن خلال حربها على أوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير الفائت، مما ألحق أضرارا كبيرة بالمدن وزاد عدد الضحايا المدنيين. إذ صرحت الحكومة الأوكرانية أن أكثر من ألفي مدني قتلوا حتى الآن.

فضلا عن استهداف الضربات الجوية الروسية البنية التحتية المدنية والمباني السكنية في العديد من المدن الأوكرانية، خاصة في العاصمة كييف ومدينة خاركيف، وهما من أكبر المدن في أوكرانيا، ويبلغ عدد السكان فيهما ما يقرب من 4 ملايين ونصف مليون نسمة.

تكتيكات عسكرية مشابهة استخدمت في سوريا

نشرت وزارة الدفاع البريطانية، بيانا، يوم أمس الأحد، أفادت فيه، إن “القوات الروسية استخدمت في غزوها لأوكرانيا، تكتيكات عسكرية مشابهة استخدمتها سابقا في سوريا”.

وأضاف البيان، بأن “روسيا لا تزال متفاجئة من حجم وقوة المقاومة الأوكرانية، وردت روسيا باستهداف مناطق مأهولة في مواقع متعددة، بما في ذلك خاركيف و تشيرنيهيف وماريوبول”، بحسب ما نشرته وزارة الدفاع البريطانية، على موقعها الرسمي في منصة “تويتر”.

واعتبرت أن القصف الروسي من المرجح أن يكون محاولة لكسر الروح المعنوية الأوكرانية. كما أشارت  إلى أن هذا التكتيك استخدمته روسيا في حربها ضد الشيشان عام 1999، إضافة إلى حربها لدعم الحكومة السورية، منذ  30 أيلول/سبتمبر 2015، عبر استخدام ذخائر أرضية وجوية.

وحول كيفية رد الدول الغربية على سياسة “الأرض المحروقة” الروسية إذا ما تم اتباعها بشكل ممنهج في الغزو على أوكرانيا، يرى بسام القوتلي، الكاتب السياسي، أن “الغرب لن يرد على هذه السياسة الروسية التي تتبعها في حربها على أوكرانيا، وبيّن القوتلي خلال حديثه مع “الحل نت”، “في اعتقادي لن يتخذ الغرب أي خطوة جديدة ضد روسيا حاليا، سوى تسليح كثيف للجيش الأوكراني، بحيث يؤخر تقدم القوات الروسية وتكبدها أكبر الخسائر الممكنة وفي محاولة تأخير موسكو من تحقيق أهدافها”، على حد تعبيره.

وأضاف القوتلي لـ “الحل نت”، حول المتوقع في الملف الأوكراني خلال الأيام المقبلة، “حقيقة، فإن الغرب لا يريد التورط بشكل مباشر في الحرب الروسية-الأوكرانية، حيث يرى في الوقت نفسه أن صمود الجيش الأوكراني فرصة لإضعاف بوتين داخليا وخارجيا”، وربما المزيد من العقوبات الاقتصادية قد تعيق تقدم روسيا في حربها.

قد يهمك: احتمالات سيئة تنتظر أوكرانيا وأوروبا بسبب الغزو الروسي؟

تكتيكات روسية لإرهاب المدنيين

صحيفة “الغارديان” البريطانية، ذكرت في تقرير لها، أمس الأحد، قيام “فلاديمير بوتين بنشر نفس التكتيكات، المتمثلة في القتل العشوائي للمدنيين في أوكرانيا كما فعل في سوريا والشيشان”.

وتابعت الصحيفة البريطانية، أن التكتيكات الروسية لإرهاب المدنيين، وجعلهم أهدافا عسكرية وصلت إلى ذروتها في بلدتي ستشاستيا وفولنوفاخا في إقليم دونباس، واللتين سيطرت عليهما القوات الانفصالية المدعومة من روسيا، وربطها بما يذكر في ما حدث في حلب السورية قبل سنوات.

وأشارت الصحيفة، “بالرغم من أن الضربات استهدفت المنازل والمدارس والمستشفيات في جميع أنحاء أوكرانيا، إلا أن سكان بلدة شاستيا الصغيرة وفولنوفاكيا المجاورة يقولون إن وابل القصف والهجمات الصاروخية والغارات الجوية منذ بداية الحرب دمر كل المباني بشكل شامل”.

كما أن الآلاف من سكان فولنوفاكيا كغيرهم من الأوكرانيين محاصرون في الملاجئ، مع تناقص إمدادات الغذاء والماء، وهم يحتمون من هجوم “لا معنى له”، حيث أنه لا يوجد في وسط بلدتهم مدافعون عسكريون، كما أن خط التماس يبعد 20 كيلومترا.لكن ما تظهره القوات الروسية في هذه البلدات الصغيرة هو أنها مستعدة لترك الأرض قاحلة خلفها، وهو ما يعرف باستراتيجية “الأرض المحروقة”، كما فعلت في غروزني في الشيشان، أو جنبا إلى جنب مع القوات الحكومة السورية في مدينة حلب، حيث دمر الإنسان والتراث، بحسب التقرير.

وفي مقارنة صغيرة، أشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن ذلك حدث تماما في سوريا، حيث أمر بوتين بمحاصرة المدن الرئيسية مثل ماريوبول. تماما كما فعل في سوريا، بدا وكأنه يقدم تنازلات لإنشاء ممرات إنسانية من ماريوبول وفولنوفاكا، للسماح بإجلاء المدنيين، فقط لتمزيق شروط وقف إطلاق النار هذا بمجرد الاتفاق عليه.

وبحسب وكالة “رويترز”، فقد ارتفع عدد قتلى غارة روسية على مدينة تشيرنيغيف، شمال أوكرانيا، منذ أول أمس إلى أكثر من 47 قتيلا، وأظهرت مشاهد نشرها جهاز حالات الطوارئ دخانا يتصاعد من شقق مدمرة وركاما على الأرض ومسعفين ينقلون جثثا.

وهذا يذكر بما حدث في المدن السورية، أبان القصف الجوي الروسي للمدن السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستترك الدول الغربية والولايات المتحدة، أوكرانيا تحت ظل هذه السياسة الروسية المتمثلة في تدمير وإخلاء المدن من سكانها، وتركها كومة من الخراب، كما حدث في مدينة حلب 2016، أكبر المدن في سوريا وكانت تعتبر المدينة التجارية الأولى، إضافة إلى تدمير مدن الغوطة بريف العاصمة دمشق.

قد يهمك: كيف ستغير الحرب الأوكرانية الواقع السياسي السوري؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة