يعاني السوريون منذ عدة أعوام من تدهور اقتصادي مستمر، وزيادة في الأسعار وخاصة منذ مطلع شباط/فبراير الماضي، عندما ألغت الحكومة الدعم عن شريحة من السوريين، ما أدى للموجة الأولى من ارتفاع الأسعار، وجاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليكون سببا آخر رفع الأسعار، وفقدان بعض المواد نتيجة احتكار بعضها، وتوقف استيراد بعضها الآخر، ما انكعس بشكل مباشر على المواطنين.

وقد قدمت الحكومة خلال الأيام الماضية الكثير من الوعود بإيجاد حل لتوفير المواد الأساسية، ومحاربة الاحتكار، وخفض الأسعار لكنها لم تكن سوى تصريحات، في حين أن الواقع مختلف تماما.

البنك المركزي يتدخل

وفي محاولة للحد مما يجري من ارتفاع جنوني للأسعار، ونقص في المواد، عمم المصرف المركزي في سوريا توسيع عدد المواد التي يمولها عبر شركات الصرافة المرخص لها بتمويل المستوردات، على أن يستثنى من ذلك المستوردات التي صدرت بوالص الشحن الخاصة بها قبل نفاذ هذا التعميم، حسب صحيفة “الوطن” المحلية.

ونقلت الصحيفة، عن مصان النحاس، رئيس لجنة المصارف والتمويل في غرفة تجارة دمشق، أن توسيع قائمة المواد التي يمولها مصرف سورية المركزي بات يسمح بتمويل نحو 99 بالمئة من المستوردات بالليرة السورية، من خلال شركات الصرافة المرخص لها بتمويل المستوردات، عبر التسجيل على تطبيق المنصة المخصصة لذلك، مشيرا إلى أن القرار شمل عددا واسعا جدا من المستوردات من المواد الأساسية وغيرها وخاصة المواد الغذائية ومدخلات الصناعة والأدوية وغيرها.

كما اعتبر النحاس، أن القرار يسهم في خفض الأسعار لأنه يسمح بتسريع وتسهيل إجراءات الاستيراد وتأمين معظم المواد التي يحتاجها المواطن، وزيادة العرض من هذه المواد في السوق المحلية بما يسمح بكسر حلقات الاحتكار في حال وجدت وخلق مجال أوسع من المنافسة وتخفيض الأسعار، مضيفا أن القرار في بعده الآخر يسمح للبنك المركزي بمساحة أوسع من الإشراف والمراقبة لحركة السيولة وتفويت الفرصة على المضاربة والتلاعب بسعر الصرف، وخاصة أن هذه الآلية من تمويل المستوردات أتاحت للمستوردين التمويل من شركات الصرافة بالسعر الرسمي مما يخفض تكاليف وقيم المستوردات وبالتالي وصولها للمواطن في السوق المحلية بسعر أقل.

وترتكز آلية الاستيراد وفق التعميم الجديد، على تمويل المستوردات من خارج البلد ثم بيع هذه المستوردات في السوق المحلية وبالليرة السورية، ما سيؤدي إلى التوجه نحو السوق المحلية لشراء القطع الأجنبي وبالتالي رفع الطلب عليه في السوق المحلية وخلق حالة من المضاربة تضر بسعر الصرف، وتأمين عرض سلعي أوسع في السوق المحلية وتوفير احتياجات السوق المحلية من المواد الغير متوافرة محليا.

ويسعى المصرف المركزي، إلى فرض الرقابة على مصادر تمويل المستوردات سابقة وليست لاحقة، فيقوم المستورد بمراجعة المصرف المركزي بالوثائق التي تثبت مصدر تمويل مستورداته للحصول على كتاب يسمح له بتخليصها، وهذا من شأنه تبسيط إجراءات التخليص الجمركي من جهة، وتحقيق الرقابة الآنية على مصادر تمويل المستوردات من جهة أخرى، فتتم معالجة المخالفات في حينها.

إقرأ:بعيدا عن أوكرانيا.. ظاهرة “الانكشاف الخارجي” تسببت بأزمة الاقتصاد السوري

استيراد غير رسمي

أدى فقدان بعض المواد من الأسواق، كالزيت والسمن النباتي، إلى البحث عن بدائل وإن كانت مؤقتة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، التأخر الرسمي للاستيراد الذي تقوم به الحكومة.

فحسب مصدر خاص لموقع “الحل نت”، فإن عددا من البضائع الأردنية بدأت تغزو محافظة درعا في الأيام القليلة الماضية، حيث شهدت أسواق المدينة ازديادا في عدد هذه البضائع بشكل غير مسبوق، وخاصة الزيوت النباتية والسمن النباتي.

وأوضح المصدر، أن أنواعا من السمن والزيوت، تحمل أسماء “الغزالين، عبير”، باتت متوفرة وبنفس أسعار مثيلاتها السورية المفقودة، مشيرا إلى أن سعر لتر الزيت النباتي الواحد في مدينة درعا يصل إلى 15 ألف ليرة، وهو مرتفع أكثر من دمشق، حيث يتم احتساب تكلفة النقل.

وأشار المصدر، إلى أن المواد القادمة من الأردن، تتم عبر تجارة البحارة، وليس عبر شركات استيراد رسمي، موضحا أنه يتم الاتفاق بين أصحاب المحال التجارية في درعا، وبين السائقين العاملين على الخط على جلب الأنواع التي تلاقي طلبا في السوق السوري.

وكان “الحل نت”، قد تحدث في تقرير سابق، عن أهمية تجارة البحارة بين الأردن وسوريا، خاصة في جنوب سوريا، وعمليات تبادل البضائع بين الطرفين، التي لطالما أدت إلى بعض الإنعاش الاقتصادي على الرغم من التضييق الذي تمارسه الجمارك السورية عليها.

وتابع موقع “الحل نت”، على مدار الأيام الماضية، ، فقدان الزيوت من الأسواق، حيث تشهد الأخيرة ندرة في الزيوت النباتية، وذلك في ظل ارتفاع كبير في أسعارها وغياب الجهات الحكومية، وكذلك غياب جهودها في ضبط الأسعار في الأسواق، حيث فقدت المادة بكافة أنواعها من المحال، مع قيام التجار سابقا برفع الأسعار بشكل غير مبرر، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

كما سبق وأن نقل “الحل نت”، عن العديد من المراقبين والمحللين للأوضاع الاقتصادية أن سياسات الحكومة أثبتت فشلها من الناحية الاقتصادية، إذ تقوم بسن قوانين، دون أن يكون هناك خطط موازية لمنع تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان.

قد يهمك:تزايد أسعار الذرة الصفراء في سوريا

ترقب وخوف مستمران من المواطنين السوريين، من استمرار ارتفاع الأسعار كما يحدث الآن، خاصة مع الضائقة المالية الشديدة التي يعانون منها، والتدهور الاقتصادي المستمر، ووسط ذلك عدم وجود ثقة بقدرة الحكومة على إيجاد حلول نافعة تنعكس إيجابا على حياتهم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.