لم تنحرف أسعار البناء والعقارات عن الارتفاع الصاروخي لكل شيء تقريبا في سوريا بشكل عام وفي دمشق بشكل خاص، حيث تصل أسعار المنازل إلى مليار ليرة سورية، فيما تساوي تكلفة الإكساء تكاليف البناء إذا لم يتم تجاوزها.

تعود الزيادة المستمرة في أسعار سوق العقارات في دمشق إلى عوامل غير مرتبطة باحتياجات الإسكان في حد ذاتها، بل بالمضاربة. فبسبب سماسرة العقارات الذين أصبحوا أبرز مشتري وبائعي العقارات خصوصا على موقع “فيسبوك”، أدت المضاربة إلى ارتفاع أسعار العقارات بينما ظل المواطنون العاديون غير قادرين على شراء منازلهم.

قسط الشقة أعلى من راتب موظف

نشطت تجارة بيع وشراء المساكن المخصصة للمؤسسة العامة للإسكان في السكن الشبابي في منطقة الديماس، خاصة بعد الصدمة التي تلقتها التخصيصات السكنية حول المدفوعات الواجب دفعها، والتي ارتفعت ثلاث مرات عن ما كان مخصصا قبل عام، حيث تجاوز سعر السكن النهائي الجاهز بـ 75 بالمئة، إذ وصل أسعار الطوابق فوق الخامس إلى 110 ملايين ليرة سورية، مما أدى إلى إغلاق المشروع.

يتضح أن سوق العقارات في دمشق، ولا سيما في مشروع الديماس، بات متاحا للعرض والطلب، دون تدخل حكومي لضبط الأسعار. حيث نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، عن صاحب مكتب عقاري قدم نفسه باسم (أبو خالد)، قوله: “لديه 10 منازل للبيع في المشروع بطوابق مختلفة، والعروض كثيرة جدا”، موضحا أن سعر المسكن المخصص بمساحة 90 متر بالدور السابع 35 مليون جنيه دفعة أولى عند كتابة العقد، بالإضافة إلى 700 ألف جنيه لتكاليف التوكيل القضائي وشركاه.

كما أشار أبو خالد، إلى أن هنالك 20 مليون ليرة على المشتري تسديدها عند الاستلام. وتبقى أقساط بقيمة 60 مليون ليرة على مدى 25 عاما. أي سيصبح القسط بعد استلام البيت 200 ألف ليرة يتم تقسيطها للإسكان.

وعلى الرغم من أن القوانين والأنظمة لا تسمح باقتطاع أكثر من 40 بالمئة من رواتب أصحاب الدخل المحدود. وأغلبية هؤلاء رواتبهم لا تتجاوز 150 ألف ليرة سورية. وهذا يعكس احتمالية أن تكون هذه المساكن اجتماعية وموجهة لأصحاب الدخل المحدود، لأن تقسيط هذه المساكن صار بقسط شهري لا يقل من 200 ألف ليرة.

للقراءة أو الاستماع: السكن العمالي في سوريا لانخفاض قريب.. هل يتحسن سوق العقارات؟

الحكومة تخرج نفسها من اللعبة

مع انحسار المعارك منذ 2018، ارتفعت أسعار العقارات في دمشق إلى درجة أن امتلاك منزل خاص في العاصمة السورية أصبح رفاهية يتعذر على معظم سكانها الوصول إليها. وبالنسبة لمتوسط ​​الأجور، ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية. إذ تشير التقديرات إلى أنه إذا ظلت الأسعار عند مستوياتها الحالية، فإن الأفراد ذوي الدخل المنخفض سيحتاجون 200 عام على الأقل لتأمين السكن. وبالتالي، أصبح ارتفاع سعر الممتلكات العائق الرئيسي أمام حقوق الملكية.

مازن اللحام مدير عام المؤسسة العامة للإسكان، قال في تصريح لـ ذات الصحيفة، اليوم الأحد، إن مشروع الديماس هو في المرحلة الأخيرة من برنامج إسكان الشباب للمشتركين من دمشق وريفها، وأنه أحد مشاريع المؤسسة. ومن أهم المهام التي بني من أجلها هو لتلبية احتياجات الإسكان الاجتماعي، حيث تم تخصيص 70 بالمائة من خططه للإسكان.

و بشأن الزيادة الأخيرة في أسعار المساكن، أوضح اللحام، أن المؤسسة تحدد القيمة التقديرية بناء على مجموعة من المعايير الواردة في المرسوم التشريعي رقم 26 لسنة 2015، بما في ذلك قيمة الأرض وتكلفة المرافق والمرافق.

كما أن الخدمات والدراسات الخاصة بالمشروع وتنفيذ الأعمال والإشراف والمصاريف الأخرى، كالمصاريف الإدارية والفوائد التمويلية، و15 بالمئة من الأرباح، ضمن هذه الحسابات. ويحق لمجلس الإدارة زيادة أو تخفيض القيمة التقديرية. بالإضافة لتحديد سداد قيمة المسكن بطريقة سهلة، مع دفع نقدي لا يقل عن 10 بالمئة من القيمة التقديرية للمنزل عند الاكتتاب. وترتفع إلى 30 بالمئة عند التخصيص، ويقسط باقي القيمة على مدى 25 سنة.

للقراءة أو الاستماع: ترجيحات بارتفاع أسعار الاسمنت في سوريا.. هل يتأثر سوق العقارات؟

سماسرة العقارات في دمشق

لبعض الوقت، وجد السوريون أن العقارات هي المكان الأكثر أمانا لاستثمار مدخراتهم – إذا كان بإمكانهم تحمل تكاليفها. وفي السنوات الأخيرة، أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل مطرد عند قياسها بالقيمة الأسمية. لا سيما في المناطق التي تقع ضمن المخطط العام لمدينة دمشق، أحد أكثر المواقع رواجا في سوريا.

ويعتبر انخفاض سعر صرف الليرة السورية عاملا آخر تسبب في ارتفاع أسعار العقارات خلال العامين الماضيين. عندما ارتفع سعر صرف الليرة من حوالي 3000 ليرة سورية للدولار الأميركي في بداية عام 2021 إلى حوالي 4000 ليرة سورية في نيسان/أبريل، وهو أدنى مستوى له حتى الآن، ارتفعت أسعار العقارات بنحو 50 بالمئة.

وبسبب ارتفاع الأسعار، أصبحت التجارة والمضاربة عملا مربحا إلى حد كبير. فالتكاليف الحقيقية الوحيدة للتجار هي الضرائب، أي ضريبة الأملاك وغيرها من الضرائب غير المهمة. وشهدت العاصمة دمشق، كغيرها من المدن السورية، آلاف السماسرة العقاريين يسعون للربح في سوق العقارات بسبب طفرة الطلب مدفوعة بتقلب سعر الصرف.

ويعمل بعض هؤلاء الوسطاء فقط على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات على تطبيق “واتساب”. وقلة من هذه الشركات مرتبطة بشبكة أكبر تغطي العاصمة. وفي الواقع، معظمهم من المتداولين الذين يعملون لمصالح خاصة على مستويات محلية للغاية، وينفذون عددا كبيرا من المبيعات لأغراض غير سكنية.

للقراءة أو الاستماع: تضخم أسعار العقارات السورية بسبب روسيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.