على الرغم من سياستها التوسعية الخارجية التي تستهدف عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، إلا أن طهران تركز بالحفاط على نفوذها في العراق، على المستويين السياسي والمسلح المتمثل بالفصائل الشيعية المنضوية تحت راية الحشد الشعبي.

ويأتي ذلك الاهتمام في إطار منهجية طهران في حفظ أمنها القومي القائم على انتهاك سيادات الدول، واستغلال مواردها، والرهان على زرع الفرقة الطائفية بين شعوب تلك البلدان، والعراق منها على وجه التحديد، من خلال دفع وكلائها بالسيطرة على المنافذ الحدودية، والسطوة على القرار السياسي، وغيرها من النشاطات الإرهابية.

أقرأ/ي أيضا: اتفاقية اقتصادية صينية إيرانية.. بكين تحكم طهران؟ 

التفاف على العقوبات

وتندرج تلك السياسة لا سيما بعد فرض العقوبات الأميركية على طهران، جراء نشاطاتها المعادية للسلام، كجزء من محاولاتها لانعاش اقتصادها والالتفاف على العقوبات والتخلص من الضغوطات الدولية، لتمويل مشاريعها الرامية للتوسع في المنطقة، والحفاظ على نظام ولاية الفقيه.

ويبدو أن إيران التي تصدر للعراق بنحو 8-9 مليار دولار سنويا وفق إحصاءيات رسمية، لا تكتفي بذلك، بل تحاول استغلال أزمة الغذاء العالمية التي تسببت بها حليفتها روسيا، بغزوها لأوكرانيا التي تمثل سلة الغذاء العالمي، من خلال التحرك لزيادة تلك الموارد عبر ضخها مواد غذائية إلى العراق، بدلا عن المنتج الأوكراني.

وعلى الرغم من أن المنتجات الإيرانية دون المستويات العالمية، بل وأنها تتعدم تزويد العراق بمنتجات سيئة،
إلا أن ذلك يمثل إحدى أهم بوابت انعاش اقتصادها.

وتأكيدا لذلك، قال عضو في مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية – العراقية المشتركة، حامد حسيني، في تصريح صحفي سابق، أنه عقب التطورات الجارية في أوكرانيا، ستنخفض واردات العراق من هذا البلد، وتستطيع إيران الاستحواذ على حصتها في السوق العراقية.

وأشار إلى أن، إيران وتركيا من أوائل البلدان التي تستطيع تلبية احتياجات العراق، مبينا أن أوكرانيا كانت من أقوى الدول في مجال تصدير السلع الغذائية، حيث تستطيع تزويد 600 مليون شخص بهذا النوع من السلع، كما تعتبر ثامن دولة في العالم من حيث الاحتياطيات المعدنية.

ويمثل ذلك محاولة لتوسعة الغزو الاقتصادي الإيراني للعراق الذي تمثل منذ 2003 وحتى الآن، في دخول شركات ومستثمرين للبلاد، تحت غطاء وتسهيل كبيرين من الحكومات المتعاقبة في بغداد، كما يقول الخبير الاقتصادي عمار الحسانوي، في تعليق على النفوذ الإيراني داخل العراق، لموقع “الحل نت”.

أقرأ/ي أيضا: العراق.. ما تأثير الميليشيات الإيرانية على النفوذ الاقتصادي الصيني؟

إيران وابتلاع العراق

ويضيف أن، “طهران تعي جيدا قيمة العراق في حساباتها التوسعية، والدليل على ذلك استئثارها في الابقاء على حضور وكلاءها متحكمين بالمشهد العراقي، رغم محاولات بروز تيارات وطنية”.

وأشار الحسناوي إلى أن “طهران حولت من السوق العراقية متنفسا رئيسيا لبضائعها التي لا تلاقي رواجا في دول آخرى لتردي جودتها”، مؤكدا أن “إحد أسباب دعم إيران للجماعات المسلحة في العراق هو البقاء كمصدر أول للبضائع لسوق العراقية”.

وبحسب تقرير نشرته منظمة “سوق”، وهي إحدى المنظمات المحلية المعنية بالاقتصاد العراقي، في وقت سابق، فإن الاقتصاد الإيراني بكل مفاصله ابتلع نحو 90 بالمئة من السوق العراقية، محذرة من أن “إيران ستتحول، خلال أعوام، إلى مالك للاقتصاد العراقي ومتحكم فيه بدون منافس”.

وذكر التقرير، الذي تابعه موقع “الحل نت”، أنه “على مستوى المال، فإن 11 مصرفا إيرانيا تعمل في العراق بشكل مستقل، كما اشترت مصارف إيرانية حصة بـ6 مصارف عراقية أخرى، حيث يبلغ إجمالي المبالغ الخاصة بالإيرانيين في تلك المصارف أكثر من 70 مليار دولار”.

وأكد إن “إيران تمتلك 7 شركات تحويل مالية قابضة في العراق، اشترت واستثمرت في مصانع عراقية مملوكة للدولة أو القطاع المختلط، بواقع 80 مشروعا حتى الآن”.

وأضاف أن “إيران تمكنت من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها، بفعل برنامجها النووي، عبر العراق، حيث باتت تجارة العراق وحراكه الاقتصادي، حراكا وتجارة إيرانية مع الغرب والشرق بغطاء العراق”.

وبالعودة إلى الحسناوي، لفت من جانبه، إلى أنه “حتى بعض المنتجات العراقية التي يتم انتاجها داخل العراق، هي في الأساس تعتمد في موادها الأولية على مواد إيرانية”، مبينا أن “هذا جانب من طرائق إيران في الالتفاف على الزبون العراقي، خصوصا بعد أن باتت منتجاتها غير مروغب بها”.

أقرأ/ي أيضا: تديرها إيران.. ما أهداف قنوات تليجرام “الولائية” في العراق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة