لا تزال محافظة السويداء، تشهد توترات متلاحقة منذ شهر شباط/فبراير الماضي، بعد قرار إلغاء الدعم الذي أصدرته الحكومة، والذي تسبب باندلاع احتجاجات واسعة في المحافظة استمرت لعدة أسابيع، بالإضافة إلى توترات أمنية ناتجة عن استقدام الحكومة لتعزيزات أمنية للمحافظة.

كما لم تقف الفصائل المحلية في السويداء على الحياد خلال الاحتجاجات، وكانت تقف إلى جانب المتظاهرين لحمايتهم، وقامت بنصب العديد من الحواجز في مداخل ومخارج المدن والبلدات، كما تشكلت فصائل جديدة على خلفية التوترات مع الأجهزة الأمنية التابعة لدمشق.

ففي نهاية شهر شباط/فبراير، ظهر تجمع شعبي في السويداء تحت مسمى “تجمع أحرار الجبل”، أثناء الحراك الشعبي، الذي قاده عدد من قادة الفصائل المحلية، وأفراد مدنيون، ناشطون ضمن تجمعات سياسية معارضة، وكان الهدف منه توحيد الصف، ومتابعة الحراك للمطالبة بالحقوق الأساسية.

إقرأ:الصراع المسلح في السويداء: الحرب ضد “اللصوص الصغار” تشعل المحافظة الجنوبية

تهديد بالحرب ضد الحكومة

“وفي هذا السياق،هدد تجمع أحرار جبل العرب” في السويداء، أمس الثلاثاء 12 نيسان/أبريل، بشن حرب على دمشق إذا لم تكف الحكومة عن ظلمها لأهالي المحافظة، وجاء في بيان التجمع، “إننا في تجمع أحرار جبل العرب نقف ضد النظام السوري الذي يمارس سياسة التهميش والإقصاء ضد كل من يريد الإصلاح في الدولة”، موضحا أن “نظام الأسد وأجهزته الأمنية يتعمدون ممارسة القتل والفوضى”، ومؤكدا أنه سيحارب المسؤولين عن هذه الممارسات وكل من يتواطؤ معهم، متعهدا بالوقوف إلى جانب أهالي السويداء ضد الحكومة حتى يتمكنوا من تحقيق مطالبهم، حسب مواقع صحفية محلية.

وكان الشيخ سليمان عبد الباقي، أحد قادة التجمع، قال لـ”الحل نت” في وقت سابق، إن “أحرار الجبل لن يسكتوا عن المظالم والفساد، اللذين همشا أهل الرأي الحر والفكر والخبرة والاختصاص في إدارة شؤون المجتمع والدولة، وهجّرا العقول والشباب بشكل ممنهج. ولذلك فإن الأحرار يعتبرون سلامة الناس وحفظ حقوقهم واجبا أساسيا من واجباتهم”، حسب تعبيره.

وأشار عبد الباقي، إلى قيام أعضاء التجمع بطرد عناصر حاجز المشفى العام في السويداء، وإنذار بقية الحواجز للكف عن ممارساتها السلبية. وهي خطوة لإفهام السلطة أن ترهيب المواطنين لن يمر بلا حساب.

ويرى الكاتب حسن سليمان من السويداء، في حديثه لـ”الحل نت”، أن فصيل أحرار جبل العرب، واحد من عشرات الفصائل التي نشأت على أمل تحقيق تغيير ما على أرض السويداء، وكبح جماح الحكومة عن بعض المظاهر التي عرفت بها، كالاعتقال التعسفي ونشر قواتها في مناطق المدنيين، واستقطاب الميليشيات التي تعمل بتهريب وتجارة المخدرات، كل الفصائل المحايدة والمعارضة تهدف لهذا، وفصيل أحرار جبل العرب أحدها.

إقرأ:توتر أمني جديد في السويداء.. ما الأسباب الحقيقية؟

هل هناك تصعيد قادم؟

تشهد السويداء منذ تعيين المحافظ الحالي نمير مخلوف، نهاية العام الماضي، توترات وصدامات أمنية بين مجموعات محلية محسوبة على شعبة المخابرات العسكرية، وأجهزة تابعة لوزارة الداخلية السورية، مثل “الشرطة”و”قوات حفظ النظام” التي يبدو أن مخلوف حاول تفعيل دورها بعد وصوله إلى السويداء، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة التابعة لأبناء السويداء والتي تسعى للوقوف في وجه ظلم الحكومة حسب وصفها المعتاد.

ويقول حسن سليمان، أن الحكومة عملت على تصعيد عسكري وأمني في الأسابيع الأخيرة، ومن جهتهم الأهالي لا يريدون مواجهة مع الحكومة لعلمهم أن عناصر الجيش السوري لا ذنب لهم بأوامر القيادة، مع علمهم في الوقت نفس أن رؤساء الفروع الأمنية هم أكبر المستفيدين مما يجري، بالإضافة لتواجد الفصائل المحلية التي أعلنت جاهزيتها عدة مرات لمواجهة أي تحرك حكومي.

ويضيف سليمان، أن الوضع الأمني بشكل عام ضبابي، ولا يمكن التكهن بأطراف الصراع المحتملين، وما نحشاه ان تقف الفصائل المحلية مواجهة بعضها البعض، وأن تتمكن دمشق من إشعال فتنة بينها، و تواجد الحكومة في الشارع الأسابيع الماضية كان كافيا لدراسة حركات ورد فعل الناس ورسم سياسات جديدة لتثبيت نفسها في السويداء.

وختم سليمان، بالقول، في ظل الخوف من أن تتمكن الحكومة من إشعال فتنة بين الفصائل، إلا أن هناك وعيا لدى هذه الفصائل، يمكنها من تجاوز المرحلة المقبلة، كما أن تهديد “أحرار الجبل” تهديد جدي ينذر بتغيير كامل المعادلة على الأرض في حال ارتكبت الحكومة أي خطأ أمني أو عسكري فادح.

وكان صراع الجماعات المسلحة في السويداء دخل مرحلة جديدة، بعد ظهور جماعة جديدة، تطلق على نفسها اسم “المقاومة الشعبية”، ويؤكد معظم المتابعين أنها تتبع عمليا لإيران، حيث دخلت في وقت سابق في صدام مع قوة مكافحة الإرهاب، التابعة لحزب اللواء السوري، الذي يعتبر مواليا للولايات المتحدة، إذ تقوم الجماعتان حاليا بعمليات اغتيال وخطف متبادل، وتسلم “المقاومة الشعبية” المخطوفين للأجهزة الأمنية السورية، فيما سلمت قوة مكافحة الإرهاب بعض من اختطفتهم لقاعدة التنف الأميركية في البادية السورية، حسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:الجماعات المسلحة في السويداء: هل تقاتل العصابات بالوكالة في النزاع الأميركي الإيراني؟

مستقبل غير واضح تشهده السويداء، تلوح في أفقه نذر صراع لا يبدو أنه سيكون قصيرا، فالتوترات لم تهدأ منذ مطلع العام الحالي، ومعظم المؤشرات تدل على أن القادم ربما يكون هو الأصعب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.