يرجع توسع نفوذ موسكو في الشرق الأوسط وإفريقيا في السنوات الأخيرة، إلى استعدادها لنشر قوات في النقاط الساخنة الإقليمية. حيث تدخلت روسيا في الحرب السورية عام 2015، لإنقاذ الحكومة السورية، إلا أن ذلك لم يكن مجانا، حيث عززت موسكو من دخول مجموعة “فاغنر” – وهي منظمة روسية شبه عسكرية – إلى البلاد واستخدامها في استقطاب الشباب نحو قواعدها في مختلف الدول التي تتمركز فيها، ولا سيما مؤخرا في أوكرانيا.

موسكو تسحب المرتزقة من ليبيا

نُشرت أنباء عن مرتزقة شركة الأمن الروسية “فاغنر” على موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أكدت أن “فاغنر” سحبت نحو 1000 مقاتل من ليبيا لتعويض خسائر الجيش الروسي في أوكرانيا، حيث تواجه انتكاسات وخسائر بشرية هناك.

وقال الخبير العسكري الليبي، العقيد عادل عبد الكافي، الذي أدلى ببيان الشهر الماضي، إن “عدد المرتزقة التابعين لفاغنر والعاملين في ليبيا بلغ نحو 2200”.

وأوضح عبد الكافي، أن “روسيا قررت سحب 1300 مرتزق بسبب الحرب في أوكرانيا، وبقي نحو 900 مرتزقة في البلاد”، مضيفا أنه تم سحب المقاتلين على الطريق الواصل بين سرت وكفرة، كما تم الاستيلاء على قاعدة “كوفرا” الجوية وقاعدة “باراك” الجوية، وتم تعزيزها بالمعادات العسكرية، نظرا لأنهما من المواقع الاستراتيجية في المنطقة.

للقراءة أو الاستماع: مقاتلون سوريون في إفريقيا الوسطى.. ما علاقة “فاغنر” الروسية؟

ليبيا نقطة انطلاق لـ”فاغنر”

في عام 2019، أرسلت وزارة الدفاع الروسية “الكرملين”، الآلاف من المرتزقة في “فاغنر” والمقاتلين السوريين إلى ليبيا لمساعدة حليفها، الجنرال المنشق خليفة حفتر، الذي حاول الاستيلاء على العاصمة طرابلس من الحكومة الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة. ومع أن الهجوم فشل، إلا أن المرتزقة الروس ظلوا منتشرين في شرق ليبيا، حيث يسيطر جيش حفتر.

مجموعة “فاغنر” هي قوة عسكرية خاصة، تشير التقارير، إلى أن يفغيني بريغوزين، الحليف المقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يسيطر عليها. ويعتقد أن بريغوزين قد استفاد من عقود البناء والطاقة المربحة في المناطق التي تدخلت فيها موسكو عسكريا.

وفي الآونة الأخيرة، استخدم المرتزقة الروس من “فاغنر” ليبيا كنقطة انطلاق لعمليات أخرى في إفريقيا، عبر نشر قوات في السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي.

ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز”، عن مسؤولين غربيين قولهم إن “المرتزقة الروس تم نقلهم من ليبيا إلى أوكرانيا، على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كان المقاتلون السوريون سيكونون هم المرحلة التالية من النقل”.

للقراءة أو الاستماع: قوات أمنية في سوريا بسيطرة روسية.. “فاغنر” جديدة؟

سوريا أرض خصبة للتجنيد

برزت سوريا كأرض تجنيد لمجموعة “فاغنر” والجيش الروسي، ففي الشهر الماضي، أفادت عدة تقارير إعلامية، تابعها “الحل نت”، ورصد شهادات حولها، عن وجود إعلان لمجموعات محلية مرتبطة بـ”فاغنر”، تتعهد بدفع راتب بنحو 3000 دولار للمقاتلين السوريين ذوي الخبرة القتالية، من أجل القتال في أوكرانيا.

منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أكدت في آذار/مارس الفائت، حصولها على معلومات تفيد بمشاركة شركة أمنية سورية، بنقل مقاتلين سوريين موجودين في ليبيا إلى سوريا تمهيدا لنقلهم إلى روسيا، للمشاركة في المعارك الدائرة على الأراضي الأوكرانية إلى جانب الجيش الروسي.

وأكدت المنظمة في تقرير لها، أن العملية تديرها شركة “فاغنر” الروسية، الأمنية شبه الحكومية، بمساعدة شركات أمنية سورية. كذلك أيضا صدرت أوامر عن الجانب الروسي، من أجل تجهيز دفعة جديدة من المقاتلين المتواجدين في ليبيا حاليا تمهيدا لنقلهم إلى روسيا ومن ثمّ أوكرانيا.

كما كشفت مصادر خاصة لـ”الحل نت”، في كانون الثاني/يناير الفائت، أن شركتي “السند” و”القلعة” بدأتا مؤخرا استقبال طلبات مترجمين من العربية للروسية، ومدربين، وجراحين، ومعالجين، وأطباء أسرة، ومهندسين، وطهاة، وسائقين، بالإضافة للرجال العسكريين كخبراء المتفجرات المقاتلين الفرديين.

وأوضحت المصادر، أن الشركتين تؤكدان للمتقدمين أن العقود المبرمة تنص على الخدمة مع “فاغنر” الروسية في إقليم دونباس، وتنص الوثيقة على نشر المرتزقة في البلاد بالتنسيق مع الجيش الروسي ولحماية المصالح الروسية هناك.

الجدير ذكره، أن روسيا استغلت سابقا تجنيد السوريين في مناطق سيطرة حكومة دمشق، في كل من ليبيا وفنزويلا ولاحقا في أرمينيا. إلا أن الخطة الروسية لتسفير الشباب السوريين من عدة محافظات سورية، للعمل حراسا لمناجم الذهب والماس في فنزويلا. وعدم وضوح مصير الشبان، الذين جندتهم روسيا للقتال في ليبيا، عقب اقتراب التوصل لحل سياسي هناك، فشلت بشكل شبه كلي.

للقراءة أو الاستماع: سوريون في أوكرانيا برعاية “فاغنر” الروسية 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة