كان الخط الإئتماني الإيراني في سوريا، أحد العناوين العريضة لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد لإيران قبل عدة أيام، حيث تم التوقيع على مرحلة جديدة من هذا الخط، تشمل تزويد سورية بمواد الطاقة والمواد الأساسية الأخرى لسد النقص الحاصل في تلك المواد.

وبحسب تقارير صحفية، فإن اللقاء الذي جمع الأسد وخامنئي، في الزيارة انتهى بالاتفاق على الخط الائتماني المتعلق بمواد الطاقة، إلى جانب تعهدات وتطمينات إيرانية بتقديم الدعم لدمشق، التي تعاني من أزمات اقتصادية كبيرة.

الخط الائتماني غطاء لحجم التدخل الإيراني في سوريا؟

الدكتور كرم شعار، مدير الأبحاث في “مركز السياسات وبحوث العمليات”، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الخط الائتماني الإيراني في سوريا هو غطاء لحجم التدخل الحقيقي الإيراني في سوريا اقتصاديا، وأن الأرقام التي تُذكر عن هذا الخط متضاربة، لكن تشير بعض المصادر إلى أن الرقم يتجاوز 4 مليار دولار.

وأوضح شعار، أن هذا الرقم “4مليار دولار”، هو رقم متواضع جدا للتدخل الإيراني في سوريا، وهذا لا ينفي وجود خط ائتماني في الأساس، ولكن الغرض منه التشويش على التكلفة الحقيقية للتدخل الإيراني في سوريا، بالإضافة لإيهام الداخل الإيراني أن تكلفة هذا التدخل منخفضة جدا.

وأشار شعار، إلى أن فكرة الخط الإئتماني الإيراني في سوريا، ليست سوى تفصيل صغير في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، فالصورة الكبرى لهذه العلاقات تظهر أن حجم التدخل الإيراني في سوريا قد يتجاوز 20 ضعفا عن المبالغ المتداولة إعلاميا.

إقرأ:الأسد يُراضي الإيرانيين بمشروع اقتصادي استراتيجي

ما هو الخط الإئتماني؟

المقصود بالخط الائتماني بين الدول، تقديم تسهيلات مالية وقروض ذات فوائد ميسرة، تمنحها البنوك والمؤسسات المصرفية والمالية في دولة ما، لعملائها في دولة أخرى، ضمن قيمة محددة متفق عليها، وبموجب الاتفاق يتم تحديد أقصى مبلغ يمكن للعميل اقتراضه، بحيث يستطيع الحصول على المبلغ في أي وقت، طالما لم يتجاوز الحد الأقصى، شريطة تسديده في إطار زمني متفق عليه بين الجانبين.

كما يمكن إعادة اقتراض المبلغ ذاته بعد سداده، حيث تخضع خطوط الائتمان لفوائد تعتبر ميسرة خاصة إذا كان الخط مؤمنا.

قد يهمك:أسباب خفية لزيارة الأسد إلى إيران

كيف تستفيد إيران؟

في حديثه لموقع “الحل نت”، يقول الخبير الاقتصادي حسن سليمان، أنه لم يعد يخفى على أحد وجود إيران وهيمنتها على الساحة السورية، فهي تعمل بعد الهيمنة الأمنية والعسكرية على قوننة وشرعنة وجودها في سوريا، وذلك عبر مشاريع اقتصادية، واتفاقات تمويلية بين الطرفين، وفيما يخص الخط الائتماني، فهو عبارة عن ضمانة إيرانية بدفع ثمن النفط الذي تستورده الحكومة السورية حتى سقف محدد، وطالما أن دمشق تستورد النفط من إيران حصرا بسبب العقوبات، فإن إيران لن تدفع أي مبالغ مقابل تصدير نفطها لسوريا، وفي مقابل ذلك فإن سوريا ملزمة بتسديد ثمن ما تستورده بالسعر العالمي.

وبذلك تكون إيران صدرت نفطها بسعر السوق العالمي وكسرت العقوبات، دون أن تخسر أي مبلغ مالي، ويعتبر الخط الائتماني في هذه الحالة التزاما على الحكومة السورية، وهو حساب وهمي خاوي من طرف إيران المتحكمة؛ طالما لا يوجد طرف ثالث، لذا هذا الدين عصا إيرانية اقتصادية مسلطة على سوريا، بحسب سليمان.

قد يهمك:مشروع ربط طهران بدمشق.. هل تسعى إيران لتحدي روسيا؟

الخط الإئتماني لا ينقذ دمشق من العقوبات؟

بحسب مسؤولين إيرانيين، فإن الهدف من الخط الائتماني بين سوريا وإيران، هو تجاوز العقوبات المفروضة على البلدين، خاصة بالنسبة لسوريا، على اعتبار أن هذه الأموال ستسهم بتخفيف الضغوطات الاقتصادية الناجمة عن الحرب والعقوبات.

ولكن المعطيات الاقتصادية لا تشير لذلك، وفق حسن سليمان، الذي يرى أن دمشق مجبرة على استيراد النفط من دول كإيران والبرازيل وروسيا، ولا تستطيع إبرام عقود شراء من السوق العالمية بسبب العقوبات أيضا.

في حين أشار سليمان، إلى أن دمشق تحتاج للنفط لكسر الاختناقات والأزمات التي تحصل في الداخل السوري، وليس لكسر العقوبات، عدا أن العمليات الحربية مستمرة، وكلها تحتاج للوقود، “لذلك وكما هو معروف فإن الحكومة باتت حكومة إذعان وملزمة حتى بالتخلي عن بعض مكاسبها مقابل ضمان بقائها في السلطة”.

وكانت التوجيهات الرسمية الإيرانية لفتح خطوط إئتمانية سورية في إيران، بدأت في العام 2012، في إطار دعم طهران لدمشق التي بدأت حينها في المعاناة من القطيعة الدبلوماسية والاقتصادية على خلفية قمع المظاهرات الشعبية، حيث تم تفعيل أول خط ائتماني سوري- إيراني عام 2013، بين المصرف التجاري السوري وبين بنك تنمية الصادرات الإيرانية، بقيمة مليار دولار، أضيف له في نفس العام 3 مليار دولار، وتم تفعيل الخط الثاني عام 2015 بين المصرف التجاري السوري، وبين بنك تنمية الصادرات الإيراني، بقيمة مليار دولار.

إقرأ:اجتماعات وتحركات عربية.. هل تخرج إيران من سوريا؟

من الواضح وبحسب الخبراء الاقتصاديين، أن إيران من غير الممكن أن تضخ أي أموال لدعم دمشق دون ضمانات، ودون أن تضمن سيطرتها وتحكمها بالعديد من مفاصل الاقتصاد السوري، بالإضافة لكون المبالغ المعلن عنها ليست سوى جزء بسيط من المبالغ التي استخدمتها إيران وتستخدمها في تدخلها في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة