تحركات روسية مريبة برزت مؤخرا صوب مناطق حدودية في الجنوب السوري، فبعد احتكاكات سابقة بين القوات الروسية وبين فصيل “مغاوير الثورة” المعارضة المدعوم من قبل “قوات التحالف الدولي” قرب قاعدة “التنف”، تعرضت مقرات تابعة للفصيل على الحدود السورية العراقية الأردنية، لهجوم جوي، الأربعاء الماضي، في تطور يثير التساؤلات حول معاني هذه الأهداف ويثير التساؤلات حول ما تريده موسكو من هذا القصف، والرسائل التي تريد توجيهها.

ما الذي جرى؟

مدير المكتب الإعلامي لـ”مغاوير الثورة”، قال في حديثه لموقع “الحل نت”، إنه “يوم الأربعاء الخامس عشر من الشهر الجاري، تعرضت إحدى النقاط التابعة لـ”جيش مغاوير الثورة”، لاعتداء من قبل طيران حربي، ووقع الاعتداء بعد صواريخ استهدفت نقطة حوش مطرود الواقعة على حدود منطقة الـ55 كم”.

وأضاف أن هذا الهجوم ليس له أي مبرر في هذا الوقت، مشيرا إلى أن الأضرار كانت مادية فقط، ولم يصب أي من عناصر الفصيل، ومؤكدا أن دوريات الفصيل المشتركة مع الأميركيين مستمرة وبشكلها الاعتيادي في المنطقة.

مصدر خاص، أوضح لـ”الحل نت”، أن الهجوم استهدف بوابة النقطة التابعة لـ”مغاوير الثورة”، مشيرا إلى أنهم كانوا على علم مسبق بالهجوم، ما دفعهم لإخلاء النقطة قبل حدوثه بوقت كافي.

من جهة ثانية، وفي سياق متصل، قالت مراسلة “بي بي سي” نفسية كوهنورد، في تغريدة لها عبر تويتر في السادس عشر من الشهر الحالي، أن القصف جاء ردا على قيام عناصر من “جيش مغاوير الثورة” بزرع قنبلة في أحد الطرق تسببت بقتل وجرح عدد من الجنود الروس مؤخرا، فيما أشارت شبكة “سي إن إن” الأميركية، إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن ذلك لم يحدث، وأن الروس زعموا ذلك كسبب لشن غارات جوية.

إقرأ:حقيقة انسحاب القوات الأمريكية من قاعدة التنف.. ما علاقة إيران؟

تحذير من تصادم روسي أميركي

ويوم السبت الماضي علّقت القيادة الأميركية، على الغارات الجويّة الروسية على مواقع “مغاوير الثورة”.

وقال الجنرال إيريك كوريلا وهو قائد القيادة الأمريكية الوسطى، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أميركية، إن “الولايات المتحدة تسعى لتجنب أي خطأ في الحسابات أو خطوات من شأنها أن تؤدي إلى نزاع غير ضروري في سوريا”.
واعتبر كوريلا بأن تصرفات روسيا كانت استفزازية وتصعيدية في إشارة إلى الغارة الروسية على منطقة التنف، التي جرت يوم الأربعاء الماضي.

وكانت نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”، عن مسؤولين أميركيين، أن “روسيا شنت غارة على مواقع في منطقة التنف، بعد إبلاغها القيادة الأمريكية بالغارة عبر قناة الاتصال التي تم إطلاقها منذ سنوات”.

وبحسب المسؤول، فإن “الغارة استهدفت مقاتلين سوريين محليين بعملون تحت مظلة الجيش الأميركي، وأن الغارة نفذت كردا على هجمات ضد النظام السوري”.

وأوضح المسؤول وقتها أن طائرتين روسيتين من نوع “سو 35” وطائرة أخرى من نوع “سو 24” ضربت موقعا عسكريا في “التنف”.

المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هذه التوترات محدودة فعليا، وأن روسيا في الواقع لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة في سوريا بطرق تقليدية، لهذا فإن مثل هذه التحركات تعطي انطباعات عن وجودها وقدرتها دون تكلفة حقيقية.

قد يهمك:قاعدة التنف الأميركية: هل ستتدخل واشنطن ضد الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري؟

ما هي الرسالة من القصف؟

شبكة “سي إن إن” الأميركية، نقلت عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله، إن الروس قد حققوا، على الأرجح، هدفهم المتمثل في إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن بإمكانهم الهجوم دون القلق من الانتقام.

وفي هذا السياق، أوضح السبايلة، أن القصف الروسي محاولة لإرسال رسالة واضحة مفادها أن تغيير الأولويات بالنسبة لروسيا، قد لا يؤثر على تغيير مناطق النفوذ لديها، في إشارة منها للانسحابات الروسية الأخيرة على الأرض.

إقرأ:الفصائل السورية المدعومة أميركيا: هل تجهّز واشنطن مقاتلين في التنف لمواجهة إيران؟

تخوف روسي من تحركات في الجنوب؟

مؤخرا ونتيجة لطول أمد الغزو الروسي لأوكرانيا انسحبت روسيا من العديد من المناطق في الجنوب السوري، وخاصة من محافظة درعا، وبعيد هذه الانسحابات بدأت عدة مجموعات من الميليشيات الإيرانية بتكثيف تواجدها في الجنوب وخاصة على الحدود الأردنية، وفي منطقة اللجاة وبادية السويداء على الطرق المؤدية للحدود الأردنية من جهة، ولقاعدة “التنف” من جهة أخرى.

التحركات الإيرانية، أثارت موجة من التصريحات خاصة من الأردن، التي عبر ملكها عبدالله الثاني عن القلق من الانسحابات الروسية من الجنوب، وحلول الميليشيات الإيرانية مكانها، إضافة لتصريحات مسؤولين أردنيين آخرين أشارت لوجود حرب حقيقية مع هذه الميليشيات، ولكن روسيا لم تبد أي ردود أفعال واضحة حول هذا الموضوع مكتفية بالقول أنها موجودة وقادرة على التحرك في الجنوب، وقامت لمرة واحدة بتسيير دورية في مناطق لا تتواجد فيها الميليشيات بالأصل، بحسب معلومات خاصة لـ”الحل نت”.

عامر السبايلة يرى، أن روسيا معنية بشكل أساسي بنفوذها في الساحل السوري وقاعدة “حميميم”، ولكنها تحاول القول أنها تملك القدرة لمناكفة الأميركيين في مناطق مختلفة من سوريا، من خلال توجيه ضربات لمصالحهم بنفس الطريقة التي استهدفت فيها مواقع “مغاوير الثورة”.

وكان “الحل نت”، حصل في وقت سابق على معلومات حول النقاط التي انسحب منها الروس، وأبرزها القاعدة العسكرية الروسية في بلدة “موثبين” في ريف درعا الشمالي، والتي تعتبر القاعدة الأهم لروسيا في الجنوب السوري، فهي تقع قرب بلدة “موثبين” الاستراتيجية القريبة من مدينة الصنمين، والتي تشرف على كل من طريق دمشق درعا القديم، واوتستراد دمشق درعا الدولي، والتي أنشأها الروس في تموز/يوليو 2017، إضافة لتواجدهم في نقاط ومقرات أخرى.

قد يهمك:استهداف قاعدة التنف: مواجهة إيرانية-أميركية على المثلث الحدودي الأخطر في المنطقة؟

كما انسحب الجزء الأكبر من القوات الروسية من مدينة إزرع ولم يتبق فيها إلا عدد بسيط من الشرطة العسكرية، و انسحبت بشكل كامل من مقرهم المتواجد في الفيلق الأول على أتستراد دمشق السويداء في بلدة المسمية التابعة إداريا لمحافظة درعا.

تحصينات إيرانية في الجنوب

معلومات حصل عليها “الحل نت”، من مصادر محلية في درعا، أكدت أن تعزيزات لواء “أبو الفضل العباس” و”حزب الله اللبناني”، التي وصلت مؤخرا للمحافظة، بدأت بتحصين مواقعها بالقرب من الحدود الأردنية، كما بدأت بمنع المزارعين من الوصول لأراضيهم في منطقة “الرحية” الزراعية في جنوب شرق درعا البلد، إضافة لتحصينات قرب قاعدة الدفاع الجوي قرب درعا البلد.

كما شملت التحصينات مخافر حدودية في بلدات تل شهاب وخراب الشحم، بحسب المصادر التي أشارت إلى أن هذه الميليشيات تقوم بحفر أنفاق في المنطقة، دون أن يتضح بعد الهدف منها إن كانت لتهريب المخدرات، أو لتخزين السلاح.

إقرأ:بعد الهجوم على قاعدة “التنف”.. حرب تلوح في الأفق؟

الصورة لموقع “الحل نت” يظهر فيها الموقع المستهدف في قاعدة التنف.



هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.