من جديد تسعى بعض الدول الأوربية لفتح ملف انتهاكات القوات السورية لحقوق الإنسان، ما يطرح التساؤل حول الخيارات المتاحة أمام هذه الدول، في إطار محاسبة مرتكبي الجرائم الإنسانية في سوريا.

وتزامنا مع اتجاه بعض الدول لإعادة علاقاتها مع دمشق، يبدو أن إعادة فتح قضايا الانتهاكات، من شأنه قطع الطريق على بعض الدول التي بدأت تروج لعودة العلاقات مع دمشق، من بوابات عدة أبرزها البوابة الاقتصادية.

خيارات فرنسا

وزارة الخارجية الفرنسية أعلنت، أنها تلقت توثيقات مهمة تتعلق بـ“مجزرة التضامن“، مشيرة إلى أنها سلمتها إلى القضاء الفرنسي باعتبارها “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية“.

وفي بيان نشرته الجمعة، أوضحت الخارجية الفرنسية، أن الوثائق تضم عددا كبيرا من الصور ومقاطع الفيديو، مضيفة أنها “أدلة على فظائع ارتكبتها القوات الموالية للحكومة السورية، خلال مجزرة التضامن في دمشق عام 2013”.

المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بسام الأحمد، يرى أن الحكومة الفرنسية، أمامها العديد من الخيارات، للعمل في ملف محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا.

قد يهمك: دور تركي جديد في سوريا.. ما موقف دمشق؟

ويقول الأحمد في حديث خاص مع “الحل نت“: “فرنسا يمكن لها التحرك على أساس الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية، بمعنى أن تصدر مذكرات توقيف موقعة من القضاة الفرنسيين، على غرار ما فعلته مع العديد من الشخصيات العسكرية السورية سابقا“.

وحول خيارات فرنسا، يوضح الأحمد قائلا: “أيضا يمكن لفرنسا التصرف بناء على الولاية القضائية العالمية، هذا المبدأ يسمح للدول بالتحقيق في جرائم حصلت خارج الحدود الإقليمية، وتعمل به فرنسا وألمانيا، تلك الدول تسمح لها قوانينها أن تحاسب على جرائم حتى ولو لم تُرتكب هذا الجرائم على أراضيها“.

ويعتقد الأحمد، أن الجرائم المرتكبة في سوريا، وبعد التحقيق بها من قبل بعض الدول، يمكن تقديمها في إطار شكوى لمحكمة العدل الدولي، لا سيما فيما إذا كانت تلك الجرائم متعلقة باختراق لقوانين حقوق الإنسان.

برأي الحقوقي، بسام الأحمد، فإن فتح هذه الملفات سيعيق الطريق أمام بعض الدول التي تسير باتجاه عودة علاقاتها مع دمشق.

وحول ذلك يضيف: “في الأساس، أحد أهم أسباب الملاحقات القضائية التي تحصل في أوروبا، هي منع التطبيع مع الحكومة السورية، الدول خاصة الديمقراطية ستجد صعوبة في إعادة علاقاتها مع دمشق، في ظل وجود هذا الكم من الجرائم في سجل القوات السورية، فضلا عن أميركا لن تسمح بالتطبيع، لكن بالطبع تختلف لهجة واشنطن، بحسب علاقتها مع كل دولة على حدا”.

وزارة الخارجية الفرنسية، أبلغت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب الفرنسية بالمعلومات والوثائق، وفقاً للقانون الجنائي الفرنسي، الذي يتناول اختصاص المحاكم فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وفق البيان.

وأشار بيان الوزارة، إلى أن “عشرات المدنيين قتلوا في المجزرة، فيما يمكن أن يشكّل أخطر الجرائم الدولية، وتحديداً الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب”

تفاصيل “المجزرة”

صحيفة “الغارديان”، أصدرت قبل أشهر تقريرا عن جريمة وقعت في سوريا وقالت، إن “هذه قصة جريمة حرب، قام بها أحد أشهر الأفرع التابعة للنظام السوري، الفرع 227، يعرف بفرع المنطقة من جهاز المخابرات العسكرية“، حيث تم إلقاء القبض على مجموعة من المدنيين، كانوا معصوبي الأعين، مقيدي الأيدي، وساروا نحو حفرة الإعدام، غير مدركين أنهم على وشك أن يقتلوا بالرصاص.

وأسفرت عن مقتل نحو 41 شخصًا ودفنهم في مقبرة جماعية.

جاء ذلك من خلال عرض مقطع مصوّر يوّثق إطلاق الرصاص على عشرات الأشخاص، ودفنهم في مقبرة جماعية، ثم حرق جثثهم من قبل عناصر من القوات السورية.

واستند التحقيق إلى وثائق، وشهادات قدّمها الباحثان أنصار شحود، والبروفيسور، أوغور أوميت أنجور، من مركز “الهولوكوست والإبادة الجماعية” بجامعة “أمستردام“، نقلًا عن عسكري سابق في قوات الجيش السوري استطاع الحصول على المقطع.

وبلغ عدد الضحايا الإجمالي 288 ضحية في مقاطع الفيديو الـ27 التي بحوزة الباحثين، معظمهم من الشباب، أو ممّن هم في منتصف العمر، بالإضافة إلى بعض الأطفال والنساء وكبار السن، حسب موقع “الجمهورية”، الذي نقل التحقيق الكامل باللغة العربية.

اقرأ أيضا: بنود حول سوريا في قمة بوتين-أردوغان.. ما احتمالات تنفيذها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.